واجه زعيم
حزب العمال البريطاني، كير
ستارمر، تمردا واسعا من نواب حزبه، خلال التصويت على مقترح لم يحظ بموافقة البرلمان؛ لوقف فوري لإطلاق النار بين إسرائيل والفلسطينيين، رغم تحذير ستارمر المسبق بمعاقبة من يدعمون المقترح من حزبه.
والمقترح يتمثل بتعديل طرحه الحزب القومي الأسكتلندي على خطاب الملك، لـ"مشاركة المجتمع الدولي في الضغط بشكل عاجل على جميع الأطراف لقبول وقف فوري لإطلاق النار".
وجاءت نتيجة التصويت مساء الأربعاء بـ125 صوتا لصالح المقترح، مقابل رفض 294 صوتا، في حين امتنع عن التصويت أو غاب عن الجلسة أكثر من 180 من أعضاء البرلمان.
وكانت النتيجة متوقعة، نظرا للأغلبية التي يمتع بها حزب المحافظين، إضافة إلى موقف ستارمر الضاغط على أعضاء حزبه، لكن التصويت كان بمثابة اختبار لقيادة ستارمر لحزب العمال، حيث صوت 56 من نوابه (نحو 200) لصالح المقترح، إلى جانب نواب الحزب القومي الأسكتلندي الـ43 عضوا. لكن الأبرز في هذا السياق هو استقالة ثمانية من وزراء حكومة الظل (المعارضة) قبل عملية التصويت، ليتمكنوا من التصويت لصالح
وقف إطلاق النار.
ولا يعكس هذا الرقم العدد الحقيقي لمؤيدي وقف إطلاق النار في الحزب، إذ كان قد تُرك الخيار للأعضاء للتغيب عن التصويت، ما يعني أنه قد يكون عدد أكبر من المتمردين، لكنهم فضلوا التغيب بدلا من التصويت ضد رغبة قيادة الحزب.
وكان نحو ربع نواب حزب العمال، بينهم أعضاء في حكومة الظل، قد تبنوا سابقا الدعوات لوقف إطلاق النار، سواء عبر توقيع عريضة أو عبر تصريحات شفهية. لكن هذا التصويت يظهر أن عدد المتمردين على قيادة الحزب يتزايد.
وكان ستارمر قد عقد الاثنين اجتماعا مع نواب حزبه، وحذر نواب الصف الأول وأعضاء حكومة الظل من التصويت لصالح المقترح، وأبلغهم خلال اجتماع بأنه سيتم استبعاد من يصوت منهم لصالح وقف إطلاق النار في
غزة.
ويتبنى ستارمر موقفا داعما بشكل مطلق لإسرائيل و"حقها في الدفاع نفسها"، وهو يقاوم الضغوط المتزايدة من داخل حزبه للدعوة لوقف إطلاق النار، ويتخذ موقفا مشابها لموقف الحكومة المحافظة بأن الوقت لم يحن بعد لذلك، بحجة أنه لم يتم ضرب "شبكة حماس" بعد.
وكان قد أيّد في الأيام الأولى للحرب قطع المياه والكهرباء عن غزة، قبل أن يقول لاحقا إنه يجب الالتزام بالقانون الدولي.
وبعد التصويت، أصدر ستارمر بيانا قال فيه: "أشعر بالأسف لأن بعض الزملاء شعروا بأنهم لا يستطيعون دعم موقف (الحزب) الليلة، لكنني أود أن أكون واضحا، أين وقفت وأين سأقف".
وأضاف: "القيادة هي حول فعل الشيء الصحيح، وهذا أقل شيء يستحقه الناس، وأقل شيء تطلبه القيادة".
وكرر ستارمر موقفه من الحرب على غزة قائلا: "إلى جانب عدد من زعماء العالم، دعوت باستمرار للالتزام بالقانون الدولي، ووقف إنساني لإطلاق النار للسماح بإدخال المساعدات والطعام والماء والمستلزمات والأدوية، وعبرنا عن قلقنا لمستوى الإصابات بين المدنيين".
لكنه اعتبر أن "كل زعيم لديه واجب بعدم العودة إلى استراتيجية فاشلة في الاحتواء والتجاهل، ولكن بإيجاد مستقبل أفضل وأكثر أمانا لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين"، في إشارة إلى دعمه للعملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، وعدم الدعوة لوقف إطلاق النار.
وخلال الجلسة، تحدثت النائب عن حزب الديمقراطيين الأحرار ليلى موران، وهي من أصول فلسطينية، عن وفاة أحد أفراد عائلتها في غزة، حيث لجأ أفراد من العائلة إلى كنيسة.
ويواجه ستارمر أزمة وتمردا يتوسع داخل حزبه، خصوصا من الأعضاء المسلمين، واستقال الأسبوع الماضي الوزير في حكومة الظل عمران حسين. وقبل التصويت الأربعاء ثمانية من أعضاء حكومة الظل، وهم: جيس فيليبس، أفضل خان، وناز شاه، وسارة أوين، وياسمين قرشي، وبولا باركر، وراشيل هوبكينز، وآندي سلوتر.
كما عبر أعضاء بارزون في الحزب، بينهم عمدة لندن صادق خان، وعمدة مانشستر أندي بيرنهام، ورئيس الحزب في أسكتلندا أنس سروار، عن مطالبتهم بوقف إطلاق النار.
وعبّر أعضاء في المجالس المحلية يمثلون حزب العمال عن غضبهم تجاه ستارمر.
وسعى ستارمر لاسترضاء المسلمين، وقام بزيارة لمركز إسلامي في ويلز، لكن هذه الزيارة أثارت استياء من قبل قطاع واسع من المسلمين في ويلز، ما دفع المركز للاعتذار. كما أصدر ستارمر رسالة مصورة يدين فيها تصاعد الإسلاموفوبيا في
بريطانيا.
وقد ترافقت جلسة البرلمان، الأربعاء، مع مظاهرة كبيرة نظُمت خارج مبنى البرلمان، للدعوة لوقف إطلاق النار.