شكّلت
عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها كتائب الشهيد عز الدين القسام في
السابع من تشرين الأول/ أكتوبر في قطاع
غزة؛ تطورا مهما على صعيد القضية
الفلسطينية ومستقبل الصراع مع الكيان الصهيوني، ووُصفت من قبل بعض المحللين بأنها
"معركة العبور الثاني" بعد معركة "العبور الأول" في تشرين الأول/
أكتوبر من العام 1973، في حين قال أحد القياديين في
المقاومة بأنها "خمس
ساعات هزّت العالم"، على غرار كتاب "عشرة أيام هزت العالم للكاتب جون ريد والتي تحدث فيه
عن الثورة الاشتراكية في روسيا في العام 1917.
واعتبار
"معركة طوفان الأقصى" حدثا مهما سيغير مجرى العالم ليس توصيفا مبالغا فيه،
لأن هذه المعركة وقبل أن تنتهي حتى الآن أدت إلى حصول تطورات مهمة على الصعيد
الدولي والإقليمي وعلى صعيد القضية الفلسطينية والصراع مع العدو الصهيوني، وأحدثت
هزّات كبيرة على صعيد الرأي العالم العالمي وقضايا حقوق الإنسان ودور الإعلام
ومواقع التواصل الاجتماعي.
وهذه
بعض النتائج التي أحدثتها هذه المعركة وقبل أن نعرف نهايتها والمآل الذي ستصل إليه،
على ضوء التطورات الميدانية في فلسطين وعلى صعيد بقية جبهات المقاومة:
أعادت هذه المعركة هذه القضية إلى سلم الأولويات العربية والإقليمية والدولية، وأصبحت كل التحركات مرتبطة بنتائجها وما يجري فيها، وحرّكت مجددا كل شعوب العالم والعالم العربي والإسلامي لنصرة القضية، وفتحت آفاقا جديدة في الصراع مع الكيان الصهيوني بعد أن كشفت العجز الكبير لدى الجيش الإسرائيلي وكل أجهزته الأمنية والاستخباراتية والتكنولوجية، وسيكون لنتائجها تأثير كبير في مستقبل الصراع وعلى ضوء نتائج المعركة الميدانية
أولا:
على صعيد القضية الفلسطينية والصراع مع العدو الصهيوني، أعادت هذه المعركة هذه
القضية إلى سلم الأولويات العربية والإقليمية والدولية، وأصبحت كل التحركات مرتبطة
بنتائجها وما يجري فيها، وحرّكت مجددا كل شعوب العالم والعالم العربي والإسلامي
لنصرة القضية، وفتحت آفاقا جديدة في الصراع مع الكيان الصهيوني بعد أن كشفت العجز
الكبير لدى الجيش
الإسرائيلي وكل أجهزته الأمنية والاستخباراتية والتكنولوجية،
وسيكون لنتائجها تأثير كبير في مستقبل الصراع وعلى ضوء نتائج المعركة الميدانية،
ولن نستبق تحديد النتائج قبل انتهاء المعركة كلية.
ثانيا:
على الصعيد الدولي، أعادت هذه المعركة الاهتمام إلى المنطقة العربية والإسلامية، وقضية
الصراع مع الكيان الصهيوني والحديث عن مستقبل الكيان، واضطرت أمريكا والدول
الغربية إلى إرسال قواتها للمنطقة وتحريك دبلوماسيتها في كافة الاتجاهات لاستيعاب
الوضع ومنع حصول حرب إقليمية. وتراجع الاهتمام بالحرب في أوكرانيا، وسيكون لهذه
المعركة تأثير كبير على خريطة التحالفات الدولية والإقليمية في العالم.
ثالثا:
وجّهت هذه المعركة ضربة قاسية ضد مسار التطبيع مع الكيان الصهيوني، وسيكون لها تأثير
كبير بشأن الصراع حول الممرات البحرية والمشروع الذي طرحته قمة العشرين حول الممر
البحري من الهند إلى الكيان الصهيوني عبر بعض الدول العربية. وعلى ضوء نتائج هذه
المعركة سيعاد طرح كل المسارات التطبيعية وكل الاتفاقات الدولية.
رابعا:
حول معركة القيم الإنسانية وحقوق الإنسان وازدواجية المعايير في العالم، كشفت هذه
المعركة مجددا وبشكل صريح وواضح ازدواجية المعايير في التعاطي الدولي مع حقوق الإنسان
والقيم الإنسانية، فعندما الكيان الصهيوني بجرائمه على مدار سنوات طويلة وقتل
النساء والأطفال ودمر البيوت وانتهك المقدسات الدينية في فلسطين وأقام المستوطنات
واحتجز الالاف في السجون؛ فلا أحد يهتم من القوى الدولية والإقليمية ومنظمات حقوق
الإنسان، أما قوى المقاومة فتتهم بالإرهاب وتوصف بداعش، ويتم التحريض عليها في كل
العالم، وتُمنع التظاهرات المؤيدة لفلسطين، وتنتشر ثقافة الكراهية والحقد ضد العرب
والمسلمين والفلسطينيين في العالم. وقد شهدنا الجريمة البشعة بقتل الطفل الفلسطيني
في أمريكا، واليوم يُقتل مئات الأطفال الفلسطينيين والنساء في قطاع غزة وتُدمر
البيوت وتُقطع الكهرباء والماء وتُمنع المواد الغذائية ولا أحد يهتم.. وكل ذلك
يكشف عن الخلل في كل أنظمة حقوق الإنسان في العالم والتي تحتاج إلى مراجعة وتغيير.
نحن أمام محطة كبرى في الصراع مع الكيان الصهيوني، وعلى ضوء نتائج هذه المعركة سنكون أمام مشهد جديد فلسطينيا وعربيا وإقليميا ودوليا، ولا يمكن الآن تحديد طبيعة هذا المشهد ونتائجه، ولكن من المؤكد أنه سيكون لصالح القضية الفلسطينية وقوى المقاومة في المنطقة
خامسا:
على صعيد المعركة الإعلامية، فقد كشفت هذه العملية حجم الخداع والكذب الذي تلجأ إليه
العديد من الوسائل الإعلامية العالمية لصالح الكيان الصهيوني، وكذلك الحملة
القمعية من قبل المشرفين على مواقع التواصل الاجتماعي لمنع الدفاع عن قضية فلسطين
والشعب الفلسطيني وقوى المقاومة. وكل ذلك يؤكد أن الواقع الإعلامي العالمي يخضع
لسياسات القوة، ولكن المقاومة الفلسطينية نجحت بفرض روايتها وغيّرت الصورة التي
سعى لنشرها الكيان الصهيوني بدعم من أمريكا وبعض القوى الكبرى، وما استهداف العدو
الصهيوني للإعلاميين في فلسطين ولبنان إلا تاكيدا لشعوره بخطر دور الإعلام ونجاح
الإعلام العربي والإسلامي بفرض صورة مختلفة عما يسعى إليه هذا الكيان في العالم.
سادسا:
معركة الوعي والتغيير الكبير في صورة الإنسان العربي والمسلم، فمرة أخرى نجحت عملية
"طوفان الأقصى" بتقديم صورة جديدة عن قدرات الإنسان الفلسطيني وقوى
المقاومة، وأن هناك إمكانية كبيرة لهزيمة الجيش الإسرائيلي والكيان الصهيوني،
وستكون هذه العملية ونتائجها الكبيرة محطة من محطات "معركة كي الوعي" وإعادة
تشكيل وعي فلسطيني وعربي وإسلامي وإنساني جديد في العالم، وصولا للانتصار الكبير
في مواجهة الكيان الصهيوني رغم التضحيات الكبيرة التي يقدمها الشعب الفلسطيني
اليوم.
وفي
الخلاصة، نحن أمام محطة كبرى في الصراع مع الكيان الصهيوني، وعلى ضوء نتائج هذه
المعركة سنكون أمام مشهد جديد فلسطينيا وعربيا وإقليميا ودوليا، ولا يمكن الآن
تحديد طبيعة هذا المشهد ونتائجه، ولكن من المؤكد أنه سيكون لصالح القضية
الفلسطينية وقوى المقاومة في المنطقة.. ولذا يصح القول إنها "خمس ساعات هزّت
العالم".
twitter.com/kassirkassem