كشفت صحيفة "
واشنطن بوست" الأمريكية أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن واجه مقاومة في محاولته إقناع قادة
السعودية ومصر بدعم الموقف الأمريكي إزاء هجوم المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وأجرى بلينكن عقب وصوله إلى تل أبيب الأسبوع الماضي، جولة على دول المنطقة، التقى خلالها قادة الأردن وقطر والسعودية ومصر والإمارات بهدف حشد الدعم لدولة الاحتلال، قبل أن يحط مجددا في "إسرائيل" صباح الاثنين.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الوحشي على قطاع غزة لليوم العاشر على التوالي، ما أسفر عن استشهاد وإصابة الآلاف، كما أنه خلف دمارا غير مسبوق في المباني والبنية التحتية، الأمر الذي دفع أكثر من مليون فلسطيني إلى النزوح من منازلهم داخل القطاع، بحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وقالت "واشنطن بوست" إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان جعل بلينكن ينتظر عدة ساعات لاجتماع كان من المفترض أن يحدث في المساء، إلا أن الأمير السعودي حضره في صباح اليوم التالي.
وبمجرد بدء الاجتماع، شدد ابن سلمان على ضرورة وقف الهجوم الإسرائيلي الذي أودى بحياة الأبرياء ورفع "الحصار عن غزة" الذي ترك سكان القطاع دون ماء وكهرباء أو وقود.
ودعا ولي العهد إلى وقف التصعيد الحالي في الصراع، وهو ما يتناقض بشكل مباشر مع السياسة الأمريكية، التي دعمت إسرائيل لتحقيق هدفها الأقصى المتمثل في القضاء على
حماس، بحسب الصحيفة.
وكانت مذكرة مسربة لوزارة الخارجية الأمريكية، أكدتها صحيفة "واشنطن بوست" ونشرتها "هاف بوست" لأول مرة، منعت الدبلوماسيين الأمريكيين من استخدام عبارات "وقف التصعيد - وقف إطلاق النار"، و"إنهاء العنف - سفك الدماء"، و"استعادة الهدوء" لأن هذه الكلمات لا تتوافق مع السياسة الأمريكية الحالية الداعمة للاحتلال.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن الجهود الرامية إلى إقناع الرياض بإدانة حماس باءت بالفشل حتى الآن، وقد نددت وزارة الخارجية السعودية بحملة القصف الإسرائيلية المكثفة على غزة، واصفة إياها بالاعتداء على "المدنيين العزل".
وفي
مصر، قالت الصحيفة إن "وزير الخارجية الأمريكي واجه مزيدا من العقبات" في إطار مسعاه لدفع الدول العربية إلى إدانة عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة ضد الاحتلال.
وخلال لقاء بلينكن في القصر الرئاسي بالقاهرة الأحد الماضي، قال رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي إن اعتداءات إسرائيل تجاوزت "الحق في الدفاع عن النفس" وتحولت إلى "عقاب جماعي".
وعلق الرئيس المصري أيضا على تصريحات بلينكن الأخيرة في إسرائيل والتي استشهد فيها الوزير الأمريكي بتراثه اليهودي في شرح فهمه للقمع اليهودي، وفقا لـ "واشنطن بوست".
وقال السيسي في معرض حديثه إلى بلينكن: "أنت قلت إنك يهودي وأنا مصري نشأت بجوار اليهود في مصر"، و"لم يتعرضوا قط لأي شكل من أشكال القمع أو الاستهداف، ولم يحدث قط في منطقتنا أن تم استهداف اليهود في التاريخ الحديث أو القديم".
ورد بلينكن على السيسي قائلا: "لقد جئت كإنسان أفزعته فظائع حماس".
وتابعت الصحيفة بأنه "بينما أدان السيسي هجوم حماس على الإسرائيليين، فإنه ألقى باللوم على إسرائيل في دفع الفلسطينيين إلى اليأس نظرا لعدم إحراز تقدم نحو حل الدولتين".
وبعد أن التقى السيسي بمجلس الأمن القومي في وقت سابق من يوم الأحد، أصدر مكتبه بيانا يدعو إلى عقد قمة دولية “لدراسة مستقبل القضية الفلسطينية”. وهو ما علق عليه بلينكن بالقول إنه "يؤيد الفكرة لكن علينا أن نتجاوز هذه الأزمة أولا".
وينظر إلى مصر، بحسب الصحيفة، على أنها المحاور الرئيسي خلال الصراع الدائر باعتبارها الدولة الوحيدة التي تحافظ على اتصالات قوية مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وحماس في غزة. كما أنه سبق لها أن توسطت في وقف إطلاق النار في أيار/ مايو 2021، والذي أنهى اندلاع أعمال عنف استمرت 11 يومًا بين إسرائيل وحماس.
وفي 7 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أطلقت "كتائب القسام"، عملية عسكرية تحت اسم "طوفان الأقصى" ردا على انتهاكات الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين المستمرة بحق الفلسطينيين والمسجد الأقصى المبارك.
وتمكنت المقاومة من تحقيق توغل بري غير مسبوق في مستوطنات غلاف غزة مصحوب برشقات صاروخية ضد مواقع للاحتلال ومدن العمق الإسرائيلي.
وردا على ذلك، فقد أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن "إطلاق عملية السيوف الحديدية ضد حماس في قطاع غزة".
ولليوم العاشر على التوالي، يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على غزة، متعمدا استهداف المشافي ومركبات الإسعاف ومزودي الرعاية الصحية، إضافة إلى قصف المنازل والأسواق والأحياء السكنية في القطاع.
وفي حصيلة مرشحة للارتفاع، فقد أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة عن ارتفاع عدد ضحايا عدوان الاحتلال المتواصل إلى 2750 شهيدا و9700 مصاب، معظمهم من الأطفال والنساء.
وحذرت وزارة الداخلية في قطاع غزة من كارثة إنسانية وبيئية غير مسبوقة جراء وجود جثامين أكثر من ألف شهيد تحت أنقاض المباني المنهارة إثر العدوان.