في بيانها بخصوص الإصدار الأخير من
قوانين الانتخابات التي أعدتها
لجنة 6+6 أشادت البعثة الأممية لليبيا بهذه القوانين واعتبرتها أساسا للعمل على
إجراء الانتخابات، إلا أن البيان تضمن استدراكا على الموقف الإيجابي للبعثة بالقول
أن هناك "قضايا خلافية من الضروري معالجتها وحلها عبر تسوية سياسية"،
وأن هذه القضايا: "تشكل دلالة أخرى على انعدام الثقة بين الفاعلين السياسيين
والعسكريين والأمنيين في
ليبيا".
أورد البيان تحفظات البعثة وهي النص على إلزامية جولة ثانية للانتخابات
الرئاسية، بغض النظر عن الأصوات التي يحصل عليها المرشحون، وأيضا الربط بين
الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ما يجعل انتخابات مجلس الأمة مرهونة بنجاح
الانتخابات الرئاسية وفق البعثة، والحاجة إلى تشكيل حكومة موحدة لقيادة البلاد إلى
الانتخابات وإغلاق صفحة الحكومات المؤقتة، وضرورة إشراك جميع الليبيين بشكل كامل،
بما في ذلك النساء وجميع المكونات الثقافية.
التحفظات التي وردت في بيان البعثة الأخير تؤكد أن لجنة 6+6 لم تأخذ
في الاعتبار كل ملاحظات البعثة على النسخة الأولى لقوانين الانتخابات، فقد ذكرت
اللجنة أن التعديلات التي أجرتها على تلك القوانين هي استجابة ما طلبته البعثة
والمفوضية، وأنا هنا لا اتحفظ على إهمال اللجنة لملاحظات البعثة، فالأصل أن مخرجات
اللجنة نهائية ولا تعقيب عليها وفقا للتعديل الدستوري الثالث عشر، وإنما أشير إلى
ما اعتبره خطأ وقعت فيه اللجنة أعطى مسوغا للبعثة أن تتدخل.
الحلقة المفرغة التي وقع فيها حوار مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة قد تعجل بالذهاب إلى آلية مختلفة لتفكيك النزاع والبحث عن توافق مرضي، وهنا نستدعي إشارة المبعوث الأمريكي الخاص السفير ريتشارد نورلاند الذي طالب بأن يلتقي الفرقاء الرئيسيين في المشهد السياسي للوصول إلى وفاق،
المسألة الثانية، أنه برغم تثمين البعثة للنسخة الأخيرة من القوانين
والقول أنها أساسا جيدا لإجراء الانتخابات، إلا إن استدراكها يفيد بأن هناك قصورا
قد ينعكس سلبا على الانتخابات وذلك بالقول أن القضايا محل تحفظات البعثة "
ذات طبيعة سياسية وتستلزم تسوية وطنية للسير بالبلاد إلى الانتخابات"، عليه
فإن البعثة "تدعو الأطراف الرئيسية إلى إبداء حسن النية والدخول في حوار
بنّاء لمعالجة هذه القضايا التي طال أمدها بشكل نهائي وحاسم".
المعنى الصريح الذي لا مواربة فيه أن البعثة لا تعتبر أن عمل اللجنة
قد اكتمل، وأن هناك حاجة لاستمرار الحوار لمعالجة ما تعتبره قصورا يضر بالعملية
السياسية والانتخابات، ذلك أن بيان البعثة دعا إلى "وضع حد للترتيبات
الانتقالية من خلال انتخابات وطنية سلمية وشاملة".
أمام هذا العرض الموجز لموقف البعثة، قد بات جليا أن إصدار قوانين الانتخابات
لا يعني أن المسار السياسي في تقدم، ذلك أن مجلس النواب الذي اعتمد القوانين بات
وحده في ساحة بعد بيان البعثة، فالمجلس الأعلى للدولة لم يقر النسخة الجديدة من
القوانين، وورد ما يفيد الاكتفاء بالنسخة الأولى من القوانين والتي أعلنت عنها
لجنة 6+6 في مدينة بوزنيقة المغربية في شهر يوليو الماضي وذلك في اجتماع المجلس
بخصوص إصدار القوانين.
المجلس الأعلى للدولة أيضا لم يكتف بتحديد موقفه من مخرجات اللجنة،
بل قام بحل فريقه الممثل له في تلك اللجنة، مما يعني قفل الباب على هذه المرحلة من
المسار السياسي والدخول في فترة فراغ وجمود، لا يدري أحد ما يمكن أن يقع فيها من
أحداث، لتعقبها جولة جديدة من الحوارا والتفاوض.
الحلقة المفرغة التي وقع فيها حوار مجلس النواب والمجلس الأعلى
للدولة قد تعجل بالذهاب إلى آلية مختلفة لتفكيك النزاع والبحث عن توافق مرضي، وهنا
نستدعي إشارة المبعوث الأمريكي الخاص السفير ريتشارد نورلاند الذي طالب بأن يلتقي
الفرقاء الرئيسيين في المشهد السياسي للوصول إلى وفاق، فقد أكد نورلاند أن هذه
مقاربة أمريكية، ونقلت مصادر أن وزير الخارجية الأمريكي أمسك بالملف الليبي وأنه
اتصل شخصيا بالقادة السياسيين والعسكريين لدعم التوافق، غير أن الأحداث بشأن
القضية الفلسطينية قد تعرقل هذه المقاربة وتطيل من أمد النزاع القائم.