تقود الحكومة
القطرية حراكا مكثفا هذه الأيام في
لبنان، في مساع منها لإنهاء ملف أزمة اختيار رئيس للجمهورية، بعد فشل عدة محاولات ووساطات، أبرزها الوساطة الفرنسية.
وخلال الأيام الماضية، عقد مسؤولون قطريون لقاءات مع جهات لبنانية رسمية وحزبية، في إطار مساعيها لإنجاح ملف الوساطة الذي قد ينهي فترة الشغور الرئاسي التي تقترب من العام.
وخلال أيام فقط، اجتمع رئيس وزراء ووزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، برئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي في نيويورك، كما اجتمع وزير الدولة بوزارة الخارجية محمد الخليفي، مع وزير خارجية لبنان عبدالله بو حبيب.
وبالتزامن، التقى قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون بسفير قطر لدى لبنان، سعود آل ثاني، وبحثا المستجدات في البلد الذي يعاني أزمة اقتصادية وسياسية خانقة وغير مسبوقة.
وذكرت وسائل إعلام لبنانية أن قطر أرسلت موفدا، هو الشيخ جاسم بن فهد آل ثاني، منذ أيام إلى بيروت، حيث التقى برئيس مجلس النواب نبيه بري، وقيادات من مختلف القوى.
سقف الطموح
عند الحديث عن الوساطة القطرية لحل ملف أزمة اختيار رئيس جديد للبنان، تجمع عدة صحف لبنانية على أن "سقف طموح" الدوحة في هذا الملف يستهدف الوصول إلى أرضية مشتركة، وتقريب وجهات النظر، وليس بالضرورة أن يتم اختيار رئيس خلال هذه الفترة.
وبحسب صحيفة "
نداء الوطن"، فإن القطريين يريدون التركيز على "ما هو مطلوب من العهد الجديد"، وعدم حصر النقاش بشخص رئيس الجمهورية المقبل، إضافة إلى وضع جدول زمني لبرنامج إصلاحي متفق عليه من كافة القوى السياسية.
وذكرت الصحيفة أن ما يميز المبادرة القطرية عن غيرها، هو أن الدوحة تفهم جيدا "تركيبة وغايات القوى اللبنانية"، مستفيدة من إنجازها في 2008 عندما عقدت اتفاقا أنهى 18 شهرا من الأزمة السياسية، وفك إضراب أنصار رئيس مجلس النواب نبيه بري قائد حركة أمل.
إلا أن الصحيفة ذاتها
حذرت من أن الثنائي الشيعي (
حزب الله وأمل)، بدأا بمحاولة إفشال المبادرة القطرية، والدفع بها نحو مصير وساطة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، وذلك من خلال التمسك باسم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهو ما ترفضه قوى أخرى في البلاد.
قطر تدرك "حجم حزب الله"صحيفة "الأخبار" المقربة من حزب الله، ذكرت أن ما يختلف بين الوساطة القطرية وغيرها، هو أن الدوحة تدرك حجم الحزب، وتعي أنه لا يوجد حل للأزمة دون الجلوس معه، وهو ما دفع المفاوض جاسم آل ثاني إلى الاجتماع مع حسين الخليل، المعاون السياسي للأمين العام حسن نصر الله.
وأكدت "الأخبار" ما ذهبت إليه صحف أخرى، من أن الدوحة تريد الاجتماع مع كافة القوى، والاتفاق على خطوط عريضة دون تناول اسم أي مرشح للرئاسة، وهو ما قام به جاسم آل ثاني حينما اجتمع برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الرافض لاختيار فرنجية.
ونقلت "الأخبار" عن آل ثاني قوله إن قائد الجيش أيضا ليس من الضروري أن يطرح اسمه كمرشح للرئاسة في حال كان هناك إجماع على عدم الرغبة في اختياره.
وأبرزت "الأخبار" اسما جديدا في هذا الملف، هو المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، إذ قالت إنه واحد من الأسماء التي ارتفعت أسهمها عند القطريين.
"نحو الفشل"
"
الأخبار" اللبنانية رغم ما أوردته حول تفهم قطر لدور حزب الله، ووجود تفاهمات ولقاءات مشتركة بين الطرفين، إلا أنها توقعت فشل المبادرة، لأن الحزب يتمسك بفرنجية.
إضافة إلى ذلك، فإن "الدور القطري يبقى أداء تكتيكياً لن يختلف عن الفرنسي في شيء"، إلا في حال وجود إرادة دولية للحل، بحسب "الأخبار".
وتابعت بأن "جدول الأعمال الذي يتحرك في إطاره الموفد القطري، يقوم على ضرورة التوصّل إلى مرشح تسوية من دون انتظار الخارج، وهو طرح غير واقعي، خصوصاً أنه ما من طرف أساسي في لبنان يعتبر نفسه محشوراً للتنازل عن مرشحه أو سقوفه العالية".
وأردفت بأن "اتكال الدوحة على استغلال قدراتها السياسية والمالية لإقناع الجهات والشخصيات بالتسوية أملاً بدور شبيه بالذي لعبته عام 2008. فحتى لو سارت الكتل الأخرى في مرشح ثالث يبقى التفاهم مع حزب الله هو الأساس. وهذا ما يعرفه القطريون ويتصرفون على أساسه".
يشار إلى أن لبنان يعيش فترة شغور رئاسي منذ تشرين أول/ أكتوبر 2022 بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون.