أعرب
السياسي التركي وأحد مؤسسي حزب "المستقبل"، خالد خوجة، عن أسفه من تنامي
ظاهرة "العنصرية" في
تركيا، خاصة أنها أصبحت مادة رخيصة يتم استغلالها
من قبل جميع الأحزاب السياسية في موضوع الانتخابات.
وتمر
تركيا بـ"مرحلة انتخابية" إذ سرعان ما بدأت الأحزاب التركية الاستعدادات
للانتخابات المحلية (البلدية) بمجرد انتهاء الانتخابات العامة والتي فاز فيها
الرئيس رجب طيب
أردوغان بولاية جديدة، كما أنه جرى انتخاب أعضاء البرلمان.
وقال
خوجة في حديثه لـ"عربي21"، إن حزب المستقبل كان الحزب الوحيد خلال فترة
الانتخابات العامة، الذي تفرد في الدفاع عن وجود اللاجئين السوريين، ضمن ما ينص
عليه القانون الدولي والاتفاقيات الموقعة مع الاتحاد الأوروبي وبما يتضمنه الدستور
التركي، رغم أن الحزب حديث التأسيس ويخوض أول استحقاق انتخابي.
ولفت
إلى أن هناك أعضاء من حزب "الديمقراطية والتقدم" دافعوا عن حقوق
اللاجئين والمهاجرين في تركيا، ومن أبرزهم البرلماني مصطفى ينار أوغلو، لكن كون
هذه الأحزاب صغيرة وحديثة التأسيس ولا تحظى بنسب تصويت عالية لدى الناخبين فإن صوتها
لم يكن مسموعا في المجتمع التركي.
وأضاف:
"بشكل عام فإن الأحزاب التركية خارج هذا الإطار جميعها مع قضية ترحيل اللاجئين".
وقبيل
جولة الانتخابات الرئاسية الثانية التي أقيمت في أيار/ مايو الماضي، استقال 11
عضوا من المؤسسين لحزب "المستقبل" المعارض، المكون الأساسي في تحالف
"الطاولة السداسية"، احتجاجا على خطاب مرشح "تحالف الأمة"
كمال كليتشدار أوغلو المعادي للاجئين.
وأعلن
عضو مجلس إدارة حزب المستقبل، وكبير مستشاري رئيس مجلس الإدارة في حزب
"المستقبل" بيرم زيلان، عن استقالة 11 عضوا، احتجاجا على مهاجمة
كليتشدار أوغلو للاجئين وخاصة السوريين.
واستنكر
نائب رئيس حزب "المستقبل" لحقوق الإنسان، باهادير قربان أوغلو، ادعاء
مرشح "الطاولة السداسية" حينها بوجود 10 ملايين لاجئ سوري في تركيا.
وأضاف
في تغريدة عبر تويتر: "بعد التوقيع على نصوص الديمقراطية والشمولية وسيادة
القانون وحقوق الإنسان، لا توجد طريقة ميمونة لتخويف المظلومين، واستهداف
المحرومين، وإعطاء معلومات كاذبة ومبالغ فيها عنهم".
تفاعل حكومي
ورأى خالد خوجة، أن بعض الأحزاب تحاول تبسيط قضية ظاهرة "العنصرية" و"خطاب الكراهية" بينما هي في الواقع قضية فعلا متفاقمة وأصبحت مثل السرطان ينتشر داخل المجتمع التركي ووصل -مع الأسف- إلى شريحة الأطفال، مضيفا: :نحن كأتراك نشاهد موضوع الكراهية منتشرا تماما".
وتوقع خوجة أن تؤدي التحركات القانونية للجمعيات الحقوقية التركية، إلى إيجاد ضغوطات على الحكومة لاتخاذ خطوات ملموسة باتجاه منع الجرائم والحد من انتشار "العنصرية".
ودفعت الاعتداءات المتكررة على اللاجئين في تركيا، رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان في أكثر من مناسبة لإعلانه رفض هذه الممارسات، حيث أكد قبل أيام أن حكومته لن تسمح بتفشي العنصرية وكراهية الأجانب، بالتوازي مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لحل مشكلة الهجرة غير النظامية.
وقال أردوغان في كلمة ألقاها الخميس، خلال فعالية أقيمت بمشاركة مسؤولين محليين في المجمع الرئاسي التركي بالعاصمة أنقرة، إن وصمة الاستعمار والعنصرية والفاشية لم تكن موجودة أبدا في أي مرحلة من مراحل التاريخ التركي.
بدوره، رئيس حزب "الحركة القومية" دولت بهتشلي، الحليف الأبرز لحزب "العدالة والتنمية"، أدلى بتصريحات تدين الممارسات العنصرية في بلاده، مؤكدا أن المعادين للاجئين يريدون خلق بيئة من التوتر الداخلي من خلال تدمير النسيج الاجتماعي في تركيا وخلق بيئة قتالية منظمة من خلال عداء اللاجئين.
التحالفات
تعيق التحركات
ورأى
السياسي التركي أن التحالفات القائمة بين الأحزاب التركية سواء في حالة الحكومة أو
المعارضة تحد من حركة كلا الطرفين، مشيرا إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تراجعا كبيرا
في موقف الحكومة تجاه الموضوع السوري، وبشكل خاص في مسألة التوجه نحو التطبيع مع رئيس
النظام السوري بشار الأسد.
وأوضح
أن التحالفات التي تأسست بعد 2016 تختلف بشكل كبير عن حالة الحكومة ما قبل تلك
الفترة، لذلك فقد أصبحت الحكومة محكومة بتفاهمات ومساومات، وموضوع اللاجئين ضمن هذه
المساومات.
وبرزت
على الساحة التركية خلال جولة الانتخابات العامة الأخيرة عدة تحالفات، كان أبرزها "تحالف
الجمهور" الذي يضم أحزاب: "العدالة والتنمية"، و"الحركة
القومية"، و"الاتحاد الكبير"، و"الحرية والدعوة"،
و"الرفاه الجديد"، و"اليسار الديمقراطي".
أما التحالف الثاني المعروف باسم "الطاولة السداسية" أو "الأمة"،
فيضم: "الشعب الجمهوري"، و"الجيد"، و"السعادة"،
و"المستقبل"، و"ديفا"، والحزب الديمقراطي.. ومرشحه الرئاسي
كليتشدار أوغلو.
آثار
سلبية للعنصرية
وحذر
العضو المؤسس في حزب "المستقبل" من أن "العنصرية" قد تنعكس
سلبا على الشارع التركي، معتبرا أن رد الفعل من قبل المستثمرين أو السياح الذين
فضلوا الخروج من تركيا أمر طبيعي، لأنه لا يوجد أمام الشخص غير المرغوب فيه سوى الرحيل.
ونبه
إلى أن مخاطر "خطاب الكراهية" ليس فقط على الموضوع الاقتصادي، لكن حتى
على الوئام المجتمعي داخل تركيا، لأنه قبل حالة العرب كانت هناك حالة استقطاب بين
الأكراد والأتراك وحتى بين المدن.
وأضاف:
"عودة هذه الحالة في حال العدول عن موضوع اتخاذ العرب حجة للتراجع الاقتصادي فإنها ستعود مسألة الخلاف المجتمعي والعرقي داخل المجتمع التركي نفسه".
وفي وقت سابق، علق أوكتاي سارال، كبير مستشاري الرئيس التركي، على حادثة ضرب سائح كويتي في ولاية طرابزون، وحمل حزب "النصر" المعادي للاجئين والعرب مسؤولية تصاعد خطاب الكراهية، محذرا من أن تلك التصرفات سيكون لها عواقب اقتصادية على تركيا.
وقال عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا)، إن الخطاب العنصري لزعيم حزب الظفر القومي أوميت أوزداغ يزرع الكراهية في المجتمع التركي، مؤكدا أن حوادث الاعتداء العنصرية لا تتوافق مع قيم "التسامح والأخوة" التي يعرفها مواطنو طرابزون.
وأضاف: "أتباع أوزداغ يهددون بجر تركيا إلى حرب أهلية، وأصبحوا مشكلة أمن قومي".