انتقدت
الأمم المتحدة قرار
فرنسا حظر ارتداء
العباءة في
المدارس الابتدائية والثانوية.
جاء
ذلك في تصريحات صحفية لمتحدثة مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، مارتا هيرتادو، نقلها
موقع أخبار الأمم المتحدة، الثلاثاء.
والأحد،
قال وزير التربية الفرنسي غابرييل عطال، في تصريحات لتلفزيون "TF1" المحلي، إنه "لن يسمح بعد الآن بارتداء العباءة في الصفوف
المدرسية".
وقالت
هيرتادو إن "المعايير الدولية لحقوق الإنسان تنص على ضرورة عدم فرض قيود على المظاهر
المرتبطة بالدين أو المعتقد، بما فيها اختيار الملابس، إلا تحت ظروف محدودة للغاية، بما فيها تلك المرتبطة بالسلامة والنظام والصحة أو الأخلاقيات العامة".
وأوضحت
أن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على علم بإعلان فرنسا حظر ارتداء العباءة في المدارس،
لكنه "لا يستطيع التعليق بشكل مفصل في الوقت الحالي؛ لعدم وضوح الخطة المعلنة أو
كيفية تطبيقها".
وقالت
المتحدثة الأممية إن "تحقيق المساواة بين الجنسين يتطلب إدراك الحواجز التي تمنع
النساء والفتيات من اتخاذ اختيارات حرة، وتهيئة بيئة تدعم قراراتهن، بما في ذلك اختيار
الملبس".
والأسبوع
الماضي، نشرت وزارة التربية الفرنسية بيانا عن تقرير خاص بتزايد انتهاك العلمانية في
المدارس.
وجاء
في النص أن "انتهاك العلمانية زاد بنسبة 150 بالمئة" في السنوات الأخيرة،
حيث يرتدي الطلاب والطالبات ملابس تشبه العباءة والسترة.
ورأت
الوزارة أن ذلك يتعارض مع قانون العلمانية الذي صدر عام 2004 ويحظر الرموز الدينية
في المدارس.
وتعتبر
فرنسا اللباس الطويل الذي ترتديه الفتيات المسمى بالعباءة "رمزا دينيا"،
كما أنها تحظر في الوقت الراهن الحجاب في المدارس الابتدائية والثانوية.
وأثار
القرار جدلا بين النخب الفرنسية، حيث حذر بعض نواب معسكر اليسار من "شرطة اللباس".
لكن القرار لقي ترحيبا شديدا من أحزاب اليمين واليمين المتطرف.
ويرى
وزير التربية الفرنسي حسب تصريحاته الإعلامية، أنه "عندما تدخل إلى أحد الفصول، لا
يفترض أن تتعرف على ديانة أي تلميذ بمجرد رؤيته". وقال: "العباءة لا
مكان لها في مدارسنا، شأنها شأن الرموز الدينية الأخرى". ووعد غابرييل عطال بمساعدة
مدراء المؤسسات التربوية على "تطبيق" هذا القرار الجديد، "وفاء لقيمنا
ورفضا للطائفية".
واستعرض
تقرير لـ"فرانس 24" ذلك الجدل.
اليمين
واليمين المتطرف يساندان قرار المنع
كتب
إيريك سيوتي، رئيس حزب "الجمهوريون" اليميني (اليمين التقليدي) في تغريدة
على تويتر: "الطائفية عبارة عن جذام يهدد الجمهورية. لقد طالبنا عدة مرات في السابق
بمنع ارتداء العباءة في مدارسنا. أحيي قرار وزير التربية الذي أنصفنا".
إيريك
زمور، زعيم حزب "الاسترداد" اليميني المتطرف، أكد أن " قرار منع ارتداء
العباءة خطوة جيدة في حال تم تطبيقه على أرض الواقع". وأضاف: "طالبنا مع أولياء
التلاميذ منذ شهور عديدة بمنع ارتداء هذا اللباس، بل الذهاب أبعد بفرض زي رسمي موحد
على كل التلاميذ لوقف الاستفزازات الإسلامية في المدرسة".
حزب
مارين لوبان اليميني المتطرف "التجمع الوطني"، رغم ترحيبه بقرار وزير التربية، فإنه اعتبره غير كاف لحل المشاكل التي تتخبط فيها المدرسة والمجتمع الفرنسي على
حد سواء.
وفي
هذا الشأن، قال النائب رومان بوبري من منطقة "بوش دي رون": "لم يكن
لنا أن نفرح بقرار منع ارتداء العباءة لو ما كنا نعيش سياسة الهجرة المكثفة. هذا القرار
يسير في الاتجاه الصحيح، لكنه لن يحل المشكلة الأساسية".
"حرب
دينية جديدة مفتعلة وسخيفة"
أما
في معسكر اليسار، وإن كان وافق عليه العديد من نواب الحزبين الاشتراكي والشيوعي باسم
العلمانية، فكانت ردود الفعل عموما معارضة للقرار، لا سيما في صفوف نواب الاتحاد الشعبي
البيئي والاجتماعي الجديد. فحذر جان لوك ميلنشون، زعيم هذا التحالف اليساري، من
"ظهور حرب دينية جديدة مفتعلة وسخيفة".
وكتب
في تغريدة: "متى سنتوصل إلى السلم المدني وإلى علمانية توحد ولا تعصب؟". وأضاف: "من المحزن أن نشهد عودة مدرسية مسيسة وسط حرب دينية مفتعلة".
من ناحيتها،
تساءلت كليمونتين أوتان، وهي نائبة عن حزب فرنسا الأبية: "إلى أي مدى ستذهب شرطة
اللباس؟" في فرنسا، منوهة بأن "قرار غابرييل عطال مخالف للدستور وللمبادئ
الأساسية للعلمانية" فيما وصفته على أنه "رفض مهووس للمسلمين".
وأعلن
منسق حزب فرنسا الأبية مانويل بومبار أنه سيتم اللجوء إلى مجلس الدولة للطعن في هذا
القرار، مشيرا إلى أن "الجمعيات الإسلامية قالت إن لباس العباءة ليس لباسا دينيا، وبالتالي لا يوجد أي خرق لمبادئ العلمانية".
وتابع: "ننتظر أشياء أخرى من وزير التربية بدل إثارة المخاوف والتخيلات بخصوص لباس تشير
بعض الإحصائيات على أنه لا يخص سوى 0.25 بالمئة من المدارس الفرنسية".
"العباءة
شكل من أشكال الموضة وليست لباسا دينيا"
إلى
ذلك، استنكر عبد الله زكري، نائب رئيس المجلس الإسلامي الفرنسي، حظر العباءة في المدارس
الفرنسية، مطالبا وزارة التربية الفرنسية بإصدار نص يوضح دوافع اتخاذ القرار، نافيا
أن يكون هذا الزي رمزا دينيا.
وقال
عبد الله زكري "إن العباءة ليست لباسا دينيا، بل شكل من أشكال الموضة"، وقال
إن عطال كان عليه "التشاور مع المسؤولين السياسيين" في هذا الشأن، والاطلاع
على آرائهم فيه.