شهدت الأيام الماضية، تحركات أمريكية مكثفة لتهدئة التوترات الدبلوماسية والتجارية مع
الصين، وذلك منذ اتفاق الرئيس الأمريكي جو بايدن، مع نظيره الصيني شي جين بينغ، على إطلاق عملية احتواء التوترات الثنائية خلال لقائهما في منتجع بالي الإندونيسي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي 2022.
وبعد زيارة وزيرة المالية الأمريكية جانيت يلين، ثم المبعوث الرئاسي الأمريكي لشؤون المناخ، جون كيري، إلى بكين، فقد زارها وزير الخارجية أنتوني بلينكن. ومن المرتقب أيضا أن تزورها وزيرة التجارة جينا رايموندو، في وقت لاحق من الشهر الحالي، في حين تلقى وزير الخارجية الصيني وانغ يي، دعوة لزيارة
واشنطن.
وفي هذا الصدد، يرى الباحث في مجلس شيكاغو للشؤون العالمية والمسؤول في إدارة شرق آسيا بمجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي سابقا، بول هير، أن "التقدم المهم نحو تخفيف التوترات الثنائية وتعزيز قوة الدفع الإيجابية في العلاقات بين واشنطن وبكين يعاني من الجمود".
وأوضح هير، في تحليل له، نشره موقع مجلة "ناشونال إنترست الأمريكية" أن "وزير الخارجية الأمريكي وزملاءه في إدارة الرئيس جو بايدن يؤكدون أن هدف هذه الجهود هو المحافظة على قنوات الاتصال مفتوحة وإدارة التنافس بطريقة عقلانية من خلال تقليل خطر إساءة الفهم وأخطاء الحسابات".
ويضيف: "في المقابل يتذرع المسؤولون الصينيون بضرورة المضي قدما وفق عملية بالي، مؤكدين سعي الصين لإقامة علاقات تستند إلى مبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المفيد للجانبين، فيما يكرر الصينيون اعتراضاتهم على السياسة الأمريكية تجاه مسألة تايوان التي ما زالت تعتبر جوهر المصالح الأساسية للصين".
أما في ما يخص التحديات التي تقف عقبة أمام التقارب الصيني الأمريكي، فيقول الباحث إن "رفض بكين عقد لقاء بين وزير الدفاع الصيني لي شانغ فو، ونظيره الأمريكي لويد أوستن، يأتي بفعل خضوع الوزير الصيني للعقوبات التي فرضتها عليه واشنطن سنة 2018 بمبرر دوره السابق في عمليات نقل أسلحة روسية إلى الصين".
وتابع: "في المقابل وافق وزير الدفاع الصيني، خلال الشهر الماضي، على عقد لقاء وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، خلال زيارته لبكين" مردفا بأن "شي جين بينغ، استقبل الوزير والمفكر الاستراتيجي المخضرم كيسنجر، في حين لم يستقبل كيري ولا يلين، وهو الشيء الذي جعل الكثير من التعليقات الأمريكية تنتقد كلا من بكين وكيسنجر بسبب هذه الزيارة".
ويوضح هير في تحليله بمجلة "ناشونال إنترست" أن "هناك تماثلا في التحركات غير الودية بين أمريكا والصين، حيث يواصل الطرفان تقويض احتمال تحقيق تقدم حقيقي في التقارب. فالأنشطة العدائية والاستفزازية التي تقوم بها الصين تمتد من السلوك العسكري العدائي في بحري الصين الجنوبي والصين الشرقي إلى الهجمات السيبرانية والممارسات الاقتصادية غير المقبولة، والدبلوماسية المناوئة للمصالح الأمريكية".
وقال المنسق الأمريكي لشؤون منطقة المحيطين الهندي والهادئ، كروت كامبل، إن "تجنب الصين للحوار العسكري مع الولايات المتحدة، يعد نتيجة ثانوية للعلاقات المدنية-العسكرية الصينية وغيرها من القضايا الهيكلية، وقد لا ترتبط بشكل مباشر بحالة العلاقات الأمريكية الصينية".
وكان أعلن
البيت الأبيض في الفترة الأخيرة، عن صفقة سلاح جديدة لتايوان بقيمة 345 مليون دولار، في حين أن من المتوقع السماح لنائب الرئيس الصيني، لاي شينغ تي، بالتوقف في الولايات المتحدة، في طريقه إلى باراغواي في وقت لاحق من الشهر الحالي، وهي تصرفات تغضب الصين بشدة.