قال رئيس جمعية خيرية وكاتب سوداني، إن ما يجري
اليوم في دارفور، وقع عام 2004، وكان الوضع في تلك المنطقة أشبه بالدخول إلى
الهاوية.
وقال ربيع الترابي رئيس جمعية "بروجكت
هوب" الخيرية، بمقال في موقع "
ذا هيل" ترجمته "عربي21": "في عام 2004 أتذكر بوضوح
عندما قضيت أنا وفريقي ليلة في خيمة نصبناها في كوخ محترق في بلدة بين زالنجي
وغارسيلا في غرب دارفور. لا تزال الأرض تشع حرارة من الدمار في اليوم السابق،
عندما تعرضت القرية بأكملها للهجوم والتدمير. كانت الظروف القاسية واضحة في كل
مكان - لم يكن لدى الناس أي شيء، ويعيشون في مخيمات مؤقتة تم بناؤها من أي مواد
يمكنهم العثور عليها. لجأت العائلات إلى أكل أوراق الشجر في محاولة يائسة لملء البطون الفارغة".
وأضاف: "خلال هذا
الوقت التقيت بصبي يبلغ من العمر خمس سنوات فقط، وهو نفس عمر ابني في ذلك الوقت.
ومع ذلك، لم يظهر أنه أكبر من عامين، لأن جسده كان مجرد جلد وعظام. الأوردة
الوحيدة التي استطعنا تحديدها من أجل إنقاذه كانت على رأسه. اضطررت إلى المغادرة لفترة
وجيزة لزيارة عيادة صحية أخرى، وعندما عدت، حزنت جدا عندما علمت أنه قد فارق
الحياة. في تلك اللحظة المأساوية، أدركت أنه كان من الممكن أن يكون ابني، وغياب
الدعم والتدخل سرق فرصة هذا الطفل في الحياة. لو كان العالم قد اهتم بدارفور في
وقت مبكر، لربما كان ذلك الطفل الصغير لا يزال على قيد الحياة اليوم".
ولفت إلى أنه في الوقت
الحالي، تم استهداف وقتل مجتمعات غير عربية مثل المساليت، وتم تدمير المنازل وترك
الجثث في الشوارع. والأسبوع الماضي، كشف مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن
العثور على مقبرة جماعية في غرب دارفور وفيها 87 شخصا على الأقل، من بينهم أفراد من
قبيلة المساليت، قتلوا بوحشية، وهذا مشابه للجرائم التي ارتكبها الجنجويد خلال
الإبادة الجماعية في دارفور.
وقال إنه رغم تعهد العالم
بعدم السماح بحدوث فظائع بهذا الحجم مرة أخرى، فإن ذلك يحدث مرة أخرى،
والعالم صامت.
ومنذ 15 نيسان/ أبريل
من هذا العام، لقي ما يصل إلى 3000 شخص مصرعهم في دارفور وفي الخرطوم، عاصمة
السودان، ونزح أكثر من ثلاثة ملايين شخص. لا يمكن المبالغة في أهمية التدخل، والوقت
مهم جدا. يجب أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في جميع أنحاء السودان حتى تتمكن
المنظمات من تقديم الطعام ومستلزمات النظافة والدعم الغذائي والرعاية الصحية بأمان.
وقال إن تقديم
المساعدة في وضع معقد مثل السودان ليس بالأمر السهل. تحتاج المنظمات الدولية إلى
تمويل قوي ومرن لتنفيذ استجابات مبتكرة وغير تقليدية جنبا إلى جنب مع الشركاء
المحليين. يمكن أن يشمل ذلك العمليات عبر الحدود من تشاد وجنوب السودان ودول
مجاورة أخرى إذا لم يتم تأمين الوصول. ويعد دعم المنظمات المحلية في جميع أنحاء
المناطق المتضررة جزءا مهما من أي استجابة إنسانية متوقعة.