يشعر
وكيل السفر
الإيراني إحسان للمرة الأولى ببعض من "الراحة والأمان" خلال تواجده
في
السعودية لأداء مناسك
الحج، بعد أشهر من اتفاق مصالحة في آذار/ مارس الماضي أنهى
قطيعة استمرت 7 سنوات بين الرياض وطهران.
ويقول
إحسان (55 عاما) وهو اسم مستعار لحساسية الأمر: "نعم كنا نتعرض للتضييق. كنا نشعر
أن وجودنا غير مرغوب به من الأساس"، من دون أن يوضح طبيعة هذا التضييق.
ويتابع
الرجل الذي قال إنه أدى العمرة والحج مرات عدة متحدثا بعربية ركيكة: "كان ينتابنا
الخوف والقلق منذ وصولنا، لكنّ كل ذلك تغير الآن بعد المصالحة".
ويؤكّد
الرجل الذي ارتدى سترة طُبع عليها علم بلاده واسمها بالعربية والإنكليزية: "الآن
الأمور عادت طبيعية. أشعر براحة وأمان"، مشيرا إلى أنه اصطحب أسرته كاملة لأداء
مناسك الحج.
وتوصل
البلدان في شكل مفاجئ لاتفاق مصالحة بوساطة صينية في آذار/ مارس، بعد قطيعة دبلوماسية
بدأت في كانون الثاني/ يناير 2016.
وقطعت
الرياض علاقاتها مع طهران حينها بعد تظاهرات أدت إلى إحراق السفارة السعودية في طهران
وقنصليتها في مشهد، عقب إعدام السعودية رجل الدين الشيعي نمر النمر.
وشهد
العام نفسه غياب الحجاج الإيرانيين عن الحج بسبب عدم اتفاق البلدين على بروتوكول لتنظيم
المسألة، قبل أن يعودوا في العام التالي للمشاركة في المناسك.
لكنّ
مواطني الجمهورية الإسلامية ظلوا غائبين عن العمرة التي يتم تأديتها على مدار العام.
وقال مسؤولون في البلدين إن الهيئات المعنية بصدد معالجة الأمور الخلافية لعودة رحلات
العمرة الإيرانية قريبا.
قبل
ثلاثة أسابيع، أعادت إيران فتح سفارتها في الرياض لتدشن أبرز قوّتَين إقليميَّتين في
الخليج مرحلة جديدة من العلاقات.
ومع
استضافة السعودية للحج هذا العام دون قيود على عدد أو أعمار الحجاج، أوفدت إيران أكثر
من 86 ألف حاج، بحسب تقارير إعلامية إيرانية، في أعداد مماثلة لما قبل تفشي جائحة كورونا.
في أرجاء
العاصمة المقدسة للمسلمين، يمكن مشاهدة العلم الإيراني على فنادق أو حافلات، أو حتى
مطبوعا على ملابس الإحرام البيضاء أو عباءات الحجيج.
"صرنا
أصدقاء"
ولعقود
شكّل الحج مسألة خلافية بين الجارين اللدودين اللذين تبادلا الاتهامات مرارا. فاتهمت
طهران الرياض بـ"سوء معاملة الحجاج الإيرانيين"، لترد الرياض متهمة طهران
بمحاولة "تسييس الحج".
كان
آخرها التراشق الذي أعقب تدافعا أثناء شعائر رمي الجمرات في منى بالقرب من مكة في
2015، تسبب بوفاة نحو 2300 من الحجيج، بينهم 464 حاجا إيرانيا، في أسوأ كارثة على
الإطلاق في موسم حج.
كذلك
شهد العام 1987 اشتباكا بين قوات الأمن السعودية وحجاج إيرانيين نظموا احتجاجا غير
مصرّح به، أسفر عن مقتل أكثر من 400 شخص بينهم 275 إيرانيا بحسب حصيلة رسمية.
وتقول
ربة العائلة الإيرانية ثروة البوبسي (34 عاما) في بهو فندق مخصص للإيرانيين في مكة
إنها تشعر بالأمان، رغم تحذيرات البعض لها قبل التوجه للسعودية.
وتوضح:
"كان هناك بعض الخوف لكن الناس تحب أن تأتي لبيت الله الحرام".
وتؤكد المرأة التي ارتدت عباءة سوداء: "بات هناك مصالحة، صرنا أصدقاء. الوضع أفضل من
قبل".
وتتابع:
"أنا مرتاحة وأشعر بالأمان وقلبي آمن في هذا المكان. سعيدة جدا أنني جئت إلى السعودية".
وخلال
مراسم افتتاح سفارة طهران في الرياض، اعتبر نائب وزير الخارجية الإيراني علي رضا بيكدلي
الخطوة بمثابة "حقبة جديدة" في العلاقات بين القوتين الإقليميتين.
ويشير
التاجر الخمسيني السعودي الوليد الذي فضّل ذكر اسمه الأول فقط إلى أنّ الإيرانيين يُحدثون
انتعاشة اقتصادية لأنهم يزورون الأماكن المقدسة في مكة والمدينة بأعداد كبيرة.
ويقول
في متجره فيما كان يفاوض حاجة إيرانية على ثمن مسبحة: "من مصلحة الجميع أن يعمّ
السلام بين البلدين".
وفي
جنبات المسجد الحرام، تسير الإيرانيات في مجموعات كبيرة بعباءاتهن السوداء وحجابهن المميز
الذي يغطي معظم ملامح الوجه.
وتؤكد
زينب ماجلي التي أتت من الأهواز في جنوب إيران على حسن استضافة السعوديين هذا العام.
وتقول
المرأة البالغة 47 عاما التي سبق أن أدت العمرة: "استقبالهم (هذا العام) جميل، منذ
أن دخلنا للسعودية لم نتعرض للأذى". وأعربت عن أملها أنّ تستمر الأمور على هذا
النحو بين الطرفين "لا نحن نؤذيهم ولا هم يؤذوننا".