ظهر لافتا ما أعلنه رؤساء الأجهزة الأمنية لدى
الاحتلال، واحدا تلو الآخر، عن ما اعتبروه "خطأ محتملا" لزعيم
حزب الله حسن نصر الله، قد يؤدي إلى حرب، وعن إمكانية التحرك ضد تقدم المشروع النووي
الإيراني. ومع ذلك، فإنه في الوقت الحالي، لم تصدر تعليمات للقوات الجوية بأن تكون في حالة تأهب، ولا توجد قيود على حركة المستوطنين في الشمال، ما يدفع إلى قراءة ما وراء تلك
التهديدات، وماذا سعى قادة الاحتلال منها.
يوآف زيتون المراسل العسكري لصحيفة
يديعوت أحرونوت، أكد أن "تصريحات كبار المسؤولين الأمنيين لا تشير إلى
هجوم وشيك في الشمال، أو فرصة حقيقية للحرب في المستقبل المنظور، رغم تصدر عناوين الأخبار لخطابات وزير الحرب يوآف غالانت، وقائد الجيش هآرتسي هاليفي، ورئيس الاستخبارات العسكرية أهارون حاليفا. وتشير كلها إلى أن الحزب على وشك توجيه ضربة على الحدود الشمالية، وأن إسرائيل قد تتحرك قريبًا ضد إيران، وتعبر عن تقييمات عامة، وتكون لها أهمية عملية أقل في المدى القريب".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "حاليفا اتهم حسن نصر الله بأنه يقترب من ارتكاب خطأ قد يؤدي للحرب، ولكن خلف كلماته لم يكن هناك تحذير استخباراتي إسرائيلي ملموس من هجوم على الحزب، كما حدث بالفعل أكثر من مرة في السنوات الأخيرة، وفي المقابل فإن هناك يقظة مطولة للقيادة الشمالية لهجوم انتقامي من قبل الحزب كما حصل في خريف 2021".
وأكد أنه "بخلاف التصريحات، فإن الوقت الحالي لا يشهد تعزيزات لفرقة الجليل في المنطقة الشمالية، ولا تغيير في انتشار القوات، أو زيادة اليقظة في سلاح الجو، ولا توجد أي قيود على حركة جنود الاحتلال أمام الحدود، ناهيك عن المستوطنين والمزارعين والمسافرين في الشمال. ويمكن تقدير أن حاليفا الذي يميل أحيانًا لتباين التقييمات الشخصية في خطاباته التي لا تستند بالضرورة لمواد استخباراتية، أراد تحذير نصر الله من الرد على العناصر المتطرفة في المنطقة، باستثناء هجوم آخر ضد إسرائيل، على غرار عملية مجدّو قبل شهرين".
وأوضح أن "الجيش يتابع تحركات الحزب قرب الحدود في الآونة الأخيرة، وتعلم دروس فشل عملية التسلل، ولكن في هذه المرحلة لا يوجد تحذير محدد بوقوع عملية مركزة، مع أن هاليفي تحدث بخصوص إجراء محتمل قد يتم اتخاذه بسبب تقدم النووي الإيراني، دون الإشارة إلى خطة عملياتية يتم وضعها هذه الأيام، وقد يتم تنفيذها قريبًا، لأنه بقدر ما هو معروف في إسرائيل، فقد وصلت إيران بالفعل إلى مستويات قياسية مقارنة بالماضي بتخصيب المواد النووية التي تكفي لإنتاج قنبلة واحدة، دون الاقتراب بعد من اختراق الخطوة الأكثر مركزية".
وأكد أن "من مصادر القلق الإسرائيلي من التحرك الإيراني الحصول على أسلحة وصواريخ وقاذفات لقنبلة نووية، مع أن غالانت كشف عن ما أسماها مواقع القواعد البحرية العائمة التي تعمل إيران بها في الخليج العربي أو البحر الأحمر، ولكن ليس هناك الكثير من الجديد، لأنه بحسب تقديرات إسرائيلية، فإن هذه السفن تعرضت بالفعل للهجوم في السنوات الأخيرة، وهي سفن مدنية تم تحويلها لتحمل قوارب قتالية وغواصات هجومية صغيرة وزلاجات نفاثة وما شابه".
عوفر شيلح عضو الكنيست السابق، ورئيس لجنة الخارجية والأمن، أكد أنه "بينما تحذر قوى الأمن العليا من مواجهة في لبنان ستؤدي إلى حرب متعددة الجوانب، فلا يبدو أن الاستنتاجات الضرورية في مجال السياسة وبناء القوة وتحضيرها تجري مناقشتها، مع العلم أن هذه التهديدات الجارية تعيد إلى الأذهان ما شهده صيف 2007، حين عبرت وسائل الإعلام عن قلقها الشديد من خطر اندلاع حرب وشيكة مع سوريا، أي بعد عام واحد فقط من حرب لبنان الثانية".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة
يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أنه "لم يكن هناك تحمس لهذه المواجهة، حتى إن المسؤولين العسكريين حين سئلوا عن سبب اندلاعها فقد تلقوا إجابات غامضة حول الردع المخترق. ومع مرور الوقت اتضح أن هذه التقارير كانت جزءًا من الستارة الدخانية المستخدمة للتحضير لاحتمال اندلاع حرب لسبب مختلف تمامًا، وهو الهجوم المخطط على المفاعل النووي في دير الزور، وحدث في أيلول بعد شهرين فقط، ورغم ذلك فإن الحرب لم تندلع".
وأشار إلى أن "أصوات التصعيد الحالية على جانبي الحدود مع لبنان تكشف أن هناك شعورًا سائدا في قمة القوى الأمنية بأننا قد نصل قريبًا لصراع في لبنان، وسيتطور إلى أن يكون جزءًا من معركة متعددة الجوانب، حذر منها غالانت، ربما لأن الحزب يعاني من ثقة مفرطة بالنفس في ما يتعلق بقدراته تجاه إسرائيل، ويحتمل أن تكون هي نفسها قدمت له بعض المبررات، بعد أن أشعرته بالتراخي لعدم الرد على هجوم مجدّو، وموافقة الحزب الضمنية على إطلاق 34 صاروخًا باتجاه إسرائيل خلال شهر رمضان، لكن الأمور أكثر تعقيدًا".
الخلاصة الإسرائيلية، أن تصريحات رؤساء الأجهزة الأمنية خلقت شعورا لدى الجمهور بأن احتمالات نشوب صراع عسكري واسع النطاق في المنطقة تتزايد قريبًا، مع أن التقدير السائد في مقر هيئة الأركان في تل أبيب أنه حتى لو بدأ الحريق لمرة واحدة، فقد يتدهور بسرعة كبيرة لأيام من المعركة، ثم إلى حرب حقيقية، وهو ما لا يريده الطرفان، لكن التحدي الكبير في الوقت الحالي هو متى وكيف يتم وقف هذا التدهور.
صحيح أن الاحتلال يواصل "المعركة بين الحروب" ضد تقوية الحزب ووكلاء إيران في سوريا، لكنه يخشى لدرجة قبوله الكامل بالخطوط الحمر التي وضعها الحزب، ومع ذلك فإن التوتر الأمني مستمر على جميع الجبهات، ولكن لا يوجد ما يشير إلى أن النقاش حول هذا يجري على محمل الجد مع رئيس الوزراء، أو مجلس الوزراء، أو حتى داخل المؤسسة الأمنية نفسها.