طرحت
الأحداث الأمنية في مدينة
الزاوية غرب
ليبيا وتضارب الروايات حول قصف جنوب المدينة
بالطيران المسير أسئلة وردود فعل حول الخطوة، وما إذا كانت بداية عودة الحرب مرة أخرى
ومن ثم إفشال الانتخابات أو الصفقات الخاصة بحكومة جديدة.
وأعلنت
وزارة الدفاع التابعة لحكومة
الدبيبة قيام الطيران المسير التابع لها بقصف عدة مواقع
في الزاوية؛ بحجة محاربة أوكار عصابات تهريب الوقود، وتجارة المخدرات، والاتجار بالبشر،
مؤكدة أنها لن تتوقف إلا بتحقيق جميع أهدافها"، وفق بيان.
"تكذيب
ورفض"
في المقابل، أدانت وزارة الداخلية التابعة لحكومة البرلمان القصف الجوي الذي تعرضت له عدّة مواقع
في مدينة الزاوية، واستهدف ميناء الماية، مؤكدة أنه قصف عشوائي استهدف إدارة خفر السواحل
في المنطقة الغربية، وأسفر عن إصابة عدد من عناصر الأمن التابعين للوزارة، مطالبة مجلس
الأمن بالتحقيق في الحادث".
كما
استنكر مجلس النواب الليبي هذا الحادث وما نتج عنه من اعتداء على المدنيين والمنشآت
المدنية، مشيرا إلى أن مثل هذه الأفعال تشكل خطرا على حياة المواطنين، وتزيد من حالة
الاحتقان وزعزعة الوضع الأمني والفوضى، وتفشل مساعي استتباب الأمن وإجراء الانتخابات".
"تصفية
حسابات سياسية"
من جهته،
وصف رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، قصف الزاوية بأنه توظيف من قبل
الدبيبة بصفته وزير الدفاع لسلاح الطيران المسير لتصفية حسابات سياسية ضد أطراف مختلفة
معه سياسيا بحجة مكافحة الجريمة.
وطالب
المشري، وهو عضو مؤتمر وطني عن الزاوية، رسميا من المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى
للجيش الليبي، بسحب صلاحيات الطيران المسير وقيادته من الدبيبة الذي يستغله سياسيا
لإرهاب خصومه ومواجهتهم"، وفق بيان رسمي.
في حين
طالب حراك "تصحيح المسار" بالزاوية وزارة الدفاع بحكومة الدبيبة بعدم استغلال
مطالبهم بمحاربة أوكار الجريمة في الزاوية والساحل الغربي لتصفية الحسابات السياسية،
مشددا على ضرورة أن تكون العمليات الأمنية في عمق أوكار الجريمة والتهريب دون تمييز،
وبدعم الغرفة الأمنية المشكلة من رئاسة الأركان.
وتواصلت
"عربي21" مع المتحدث باسم حكومة الدبيبة، محمد حمودة، للتعليق على عملية القصف
وردود الفعل المتباينة حولها، لكنه رفض التعليق دون ذكر أسباب.
وتقع
الزاوية على بعد 40 كيلومترا غرب طرابلس، وهي ثالث أكبر مدن الغرب الليبي من حيث المساحة
والسكان، وتقع فيها أكبر مصفاة نفط ليبية، وتنشط فيها منذ عام 2011 عدة عصابات تختص
بتهريب الوقود المدعوم، والمهاجرين غير الشرعيين.
"حرب
ضد العصابات"
قال
الناشط والمحلل السياسي من مدينة الزاوية، محمد الهنقاري إن "كل مواطن شريف يرحب
بالحرب على أوكار عصابات تهريب البشر والمخدرات والوقود في الزاوية، لكن الكارثة تكمن
في استغلال هذه الحرب لتصفية حسابات الخصوم السياسيين".
وأكد
في تصريحات لـ"عربي21" أن "هذه الأحداث الأمنية إن انحرفت عن مسارها
وأهدافها المقصودة، وهي أوكار الجريمة والمهربين، ربما تنقلب سلبا على الحكومة، وربما
تؤدي إلى عودة الحروب مرة أخرى، لذا فالحل يكمن في إجراء حوار، كما أنه يجب التخلص من
العصابات السياسية التي ترتع في البلاد فسادا ونهبا وسلبا".
"غياب
الرؤية"
في حين
رأى الأكاديمي الليبي المتخصص في إدارة الأزمات، إسماعيل المحيشي، أن "أحداث مدينة
الزاوية وما ترتب عليها من قصف وتباين الروايات حول الأمر يشير إلى أن حكومة الوحدة
برئاسة الدبيبة لم تعد تمثل وحدة وطنية، وأن الدبيبة غير قادر على تسير أمور الدولة، وليس عنده رؤية أو استراتيجية لمعالجة الأزمات".
وأوضح
في تصريحه لـ"عربي21" أن "الحديث عن تأثير هذه الأحداث على ما تردد
عن تقارب الدبيبة مع حفتر، فهذا الأمر ليس من السهل أصلا وقوعه، ويبدو أنه ليس هناك دعم دولي لهذا التقارب على الأقل في الوقت الراهن".
"تأييد
شعبي"
الصحفي
الليبي، موسى تيهو ساي، قال من جانبه إن "العملية الجوية ضد المهربين في الزاوية
تكتسب تأييدا شعبيا واسعا؛ بسبب ما عانته منطقة الساحل الغربي من ويلات سيطرة المجموعات
المسلحة غير المنضبطة منذ سنوات، بما في ذلك إيواء مجرمين ارتبكوا جرائم ضد المواطنين
كالخطف والقتل والابتزاز والسطو على الأراضي وغيرها".
وأضاف:
"لا توجد طريقة لإنهاء سيطرة هؤلاء إلا بالمقاربة الأمنية، لكن الأمر لا يخلو
من توظيف سياسي من جميع الأطراف، سواء الدبيبة أو الأطراف الأخرى كالمشري ومجلس النواب
من جهة أخرى، لكن إذا نجحت العملية في تحجيم الجريمة بالمنطقة وأعادت الأمن، فإنها ستكون
عملا وطنيا في نظر أهالي المنطقة كلهم، لكن التوظيف السياسي قد يحول دون ذلك، وقد يتحول
الأمر إلى اصطفاف أمني"، وفق تقديره وتصريحه لـ"عربي21".