قال
الجيش السوداني إنه أحبط محاولة "فاشلة من قبل المتمردين وأعوانهم للاستيلاء على الحكم"، في الوقت الذي تبادل فيه الاتهامات مع قوات "الدعم السريع" بخرق الهدنة الإنسانية، فيما حذر تقرير أممي من سيناريو الحرب الشاملة في السودان.
وذكر بيان الجيش السوداني، أن "ما جرى إحباطه خلال الأسبوعين الماضيين كان محاولة فاشلة للاستيلاء على الحكم بقوة المتمردين وبغطاء سياسي كامل وهو في الحقيقة كان مشروعا لاختطاف الدولة السودانية بكل تاريخها لصالح مشروع حكم ذاتي لشخص واحد".
وأردف: "فشلت كل محاولات المتمردين (في إشارة إلى قوات الدعم السريع) وأعوانهم من عملاء الداخل والخارج (لم يسمهم) في التسويق لمشروعهم القائم على خداع الناس وتزييف الحقائق وشراء الذمم".
وأشار البيان، إلى أن "القنوات الفضائية (دون تحديد) أسفرت عن وجهها الحقيقي المعادي للقوات المسلحة، ومن حسنات الأزمات تمايز الصفوف".
وتابع أن الجيش "يعمل على تهيئة الظروف المناسبة لتتمكن الشرطة وبقية أجهزة الدولة من استئناف عملها وعودة الحياة لطبيعتها بأسرع وقت ممكن".
وفي بيان سابق السبت، قال الجيش إن قواته تصدت لهجوم لقوات الدعم السريع على موقع الدفاع الجوي بجبل أولياء، وكبدتها خسائر فادحة رغم الهدنة المعلنة.
واتهم، قوات الدعم السريع باغتيال واختطاف عدد من المتقاعدين من ضباط القوات المسلحة والشرطة والأمن.
وأضاف أن قوات الدعم السريع واصلت القصف العشوائي في
الخرطوم بحري وأم درمان والخرطوم، لإجبار السكان المدنيين على إخلاء هذه المناطق.
فيما قالت قوات الدعم السريع، إنها أحكمت السيطرة على 90 بالمئة من كامل ولاية الخرطوم، وأن جميع المنافذ المؤدية إلى داخل الولاية تحت سيطرتها.
وزعمت أنها استقبلت أعدادا كبيرة من الجيش السوداني الذين قاموا بتسليم أنفسهم، بينهم خمسة ضباط وعقيد ركن من سلاح المهندسين.
وقالت إن قواتها تصدت لعدد من الهجمات للجيش السوداني على مواقع تمركزها، متهمة الجيش بخرق الهدنة الإنسانية وشن هجمات بالطيران والمدافع.
حميدتي يشترط للجلوس مع البرهان
وقال الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع، في حوار أجراه مع "بي بي سي" إنه مستعد لإجراء مفاوضات مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان شريطة وقف إطلاق النار.
وقال حميدتي: "هناك شروط للمفاوضات. بداية، وقف إطلاق النار. ووقف الأعمال العدائية. بعد ذلك، يمكننا إجراء مفاوضات".
وأضاف حميدتي أنه يتطلع إلى تشكيل حكومة مدنية بالكامل اليوم قبل غد، على حد تعبيره.
وقال حميدتي في رده على سؤال لـ"بي بي سي" حول ما إذا كان من الممكن أن تستمر الهدنة لفترة طويلة لفتح ممرات عبور آمنة: "لقد طالبنا بالهدنة منذ اليوم الأول للحرب. وبدأنا بفتح ممر إنساني على الفور. وفتحنا هذه الممرات داخل المناطق التي تسيطر عليها قواتنا. بدأنا بالهدنة من جانبنا".
وردا على سؤال حول من أطلق الرصاصة الأولى في هذا الصراع، قال حميدتي: "نحن لم نطلق الرصاصة الأولى. كان جميع الوسطاء حاضرين. اتفقنا على الجلوس الساعة العاشرة صباحا والتوقيع على الاتفاقية النهائية. لقد فوجئنا بأن البلد مغلق،... وبدأوا بإطلاق النار علينا".
البرهان يصر على دمج الدعم السريع أو إزالتها
من جهته قال البرهان، إنه لا يمكن الجلوس مع من وصفه بقائد المليشيا، لأنه يقود تمردا يجب حسمه.
ونقلت القوات المسلحة السودانية عن البرهان قوله إنه "لا مجال لهذه المليشيا إلا الزوال، عبر التفاوض في كيفية استيعابها داخل القوات المسلحة أو قتالها من الشعب السوداني كافة" وفق قوله.
وأضاف أنه لا يمكن لما سماها "المليشيا القبلية" -في إشارة إلى قوات الدعم السريع- أن تتحدث عن الديمقراطية والتحول المدني، مشيرا إلى أن من وصفهم بالمتمردين يتخذون المواطنين دروعا بشرية.
وأكد أن الجيش يسيطر على كل السودان عدا بؤر قليلة في دارفور سيتم حسمها قريبا، بحسب قوله.
واعتبر البرهان أن محاولات ربط القوات المسلحة وقيادتها بالنظام السابق أضحت "ممجوجة" ولا تفوت على فطنة الشعب، وأكد أن القوات المسلحة يمكنها حسم المعركة في وقت قصير جدا، لكنها تعمل على الحفاظ على البنية التحتية وحماية المدنيين.
الصحة السودانية تكشف حصيلة القتلى
أعلنت وزارة الصحة السودانية، السبت، ارتفاع عدد ضحايا الاشتباكات في البلاد إلى 528 قتيلا و4599 مصابًا منذ بداية المعارك منتصف نيسان/ أبريل الجاري.
وقالت الوزارة في بيان: "جملة الوفيات بلغت 528 والإصابات 4599 إصابة تم تسجيلها بكل المستشفيات في ولايات البلاد (18 ولاية) في الفترة من 15 إلى 27 أبريل الجاري".
وأشارت إلى أن عدد الولايات التي تأثرت بالاشتباكات بلغت 12 ولاية.
تحذير من حرب شاملة في السودان
وحذرت الأمم المتحدة في تقرير جديد، من تداعيات حرب شاملة طويلة الأمد في السودان، تؤثر على القارة الأفريقية.
ويعد السودان المعبر إلى منطقة الساحل الأفريقية، التي يفاقم انعدام الأمن وعدم الاستقرار السياسي فيها وضعها الإنساني الكارثي.
وقال التقرير، إن التحديات التي تواجه السودان كثيرة، بما في ذلك الاحتياجات الإنسانية والاقتصادية الملحة، والحاجة إلى ضمان الأمن وكفالة العدالة واحترام حقوق الإنسان وصنع السلام والنهوض بالتحول الديمقراطي.
وفي آذار/ مارس 2023، قال فولكر بيرتس الممثل الخاص للأمين العام في السودان -أمام مجلس الأمن الدولي- إن الأطراف أقرب ما تكون للتوصل إلى تسوية والعودة إلى الحكم المدني.
وتحطمت تلك الآمال عندما اندلع القتال في الخامس عشر من نيسان/ أبريل بين القوات المسلحة، وقوات الدعم السريع. وأدى القتال بينهما إلى مقتل المئات وإصابة الآلاف بجراح وتشريد الكثيرين.
ولفت التقرير إلى أنه قبل اندلاع القتال، كانت الاحتياجات الإنسانية في السودان في أعلى مستوياتها إذ كان 15.8 مليون شخص- أي ثلث عدد السكان -يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، وقد أدت الاشتباكات الأخيرة إلى شح حاد في الغذاء والماء والدواء والوقود بينما ارتفعت أسعار المواد الأساسية ووسائل المواصلات بشكل هائل.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حذر من احتمالات نشوب حرب شاملة طويلة الأمد في السودان، الذي يشترك في الحدود مع سبع دول، شهدت كلها صراعات أو اضطرابات مدنية خلال العقد الماضي.
وفي أرجاء المنطقة الأوسع ينتشر الفقر والجوع، وتخلف حالة الطوارئ المناخية وأزمة تكاليف المعيشة والارتفاع الحاد للديون آثارا مروعة. وفي بعض المناطق تكون المساعدات الإنسانية هي كل ما يحول دون وقوع المجاعة.
وبالنسبة للأمين العام فإن صراع القوة في السودان لا يعرض مستقبل البلاد فقط للخطر، ولكنه فتيل مشتعل يمكن أن ينفجر عبر الحدود ليتسبب في معاناة هائلة على مدى سنوات ويؤخر التنمية لعقود.
وأكدت الأمم المتحدة أنها تدعم عملية الانتقال الديمقراطي عبر جهود بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان، وهي بعثة سياسية خاصة يرأسها الممثل الخاص للأمين العام في السودان فولكر بيرتس.