ما زالت
المحافل السياسية والدبلوماسية
الإسرائيلية تراقب الوضع الناشئ بين
السعودية وإيران،
بزعم أنه لن يغلق الباب بالضرورة على آفاق العلاقات بين تل أبيب والرياض، رغم أن ما
حصل من اتفاق سعودي
إيراني هو جزء من تنافس يجري بين أمريكا والصين في الشرق الأوسط،
حيث لفتت المبادرة الصينية لتطبيع العلاقات بين طهران والرياض الأنظار الإسرائيلية
في وقت تم فيه توجيه الاهتمام العام والسياسي إلى مسائل أخرى.
زلمان
شوفال السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن، أكد في صحيفة "
معاريف" أنه
"في زحمة النقاش حول التغيرات القانونية، وتصعيد الصراع مع الفلسطينيين، واتهام
أمريكا بالدخول في سلسلة أزمات اقتصادية واجتماعية، ومتاهة من التناقض، وعدم وجود استراتيجية
فائقة في سياستها الخارجية في الشرق الأوسط، إضافة لتورطها في حرب أوكرانيا، فقد نشأ
تطور دراماتيكي أعلنت بموجبه إيران والسعودية تجديد علاقاتهما، ومهما كانت نتائج هذه
العملية بالنسبة لإسرائيل، والدول الأخرى في المنطقة، فيبدو أن الصين هي المستفيد الأكبر".
وأضاف
في مقال ترجمته "عربي21" أن "أحد أهداف إيران من تقاربها مع السعودية
هو محاولة الحد من نفوذ إسرائيل المتنامي في المنطقة منذ اتفاقات
التطبيع، ما يمثل
تحديًا لدبلوماسيتها في الشرق الأوسط، وهذا أحد أوجه القصور من التصورات السائدة في
أمريكا في دورها كشرطي عالمي، رغم أن إدارة ترامب السابقة حوّلت جهدها الاستراتيجي
المباشر للشرق الأقصى، وتعزيز التحالف مع السعودية وإسرائيل، وألغت الاتفاق النووي
مع إيران، وشدد نظام العقوبات عليها، ودعم حكومة نتنياهو في تعزيز المصالح الجيوسياسية
لإسرائيل".
وأشار
إلى أن "محاولة بايدن العودة للاتفاق النووي، وتعزيز الوجود الأمني في المنطقة،
رغم نقل التركيز الاستراتيجي الرئيسي للشرق الأقصى، وتعزيز ودعم حلفائها التقليديين
في مواجهة التهديد الإيراني، تمثل بالمناورة العسكرية الكبيرة المشتركة مع إسرائيل
قبل شهرين، لكن فتور العلاقات بين واشنطن والرياض أضر بهذا الاتجاه، وسمح لبكين بسحب
البساط من تحت أقدام واشنطن، مما سيترك عواقبه على إسرائيل، التي لا ترى في الصين عدوتها،
على العكس من ذلك، فلديها مصالح اقتصادية بتطوير العلاقات معها، وهذه مصلحة إسرائيلية".
وأكد
أن "أي تخفيف للضغط الاقتصادي والدبلوماسي على إيران ليس مفيداً لإسرائيل، ما
يضرّ بوضعها الداخلي الحالي، وبترويج دبلوماسيتها، رغم أن الوضع الجديد بين السعودية
وإيران لا يغلق الباب على آفاق العلاقات مع تل أبيب، لأن مخاوف السعودية من توجهات
إيران لم تتبدد، وعلاقاتها الأمنية مع إسرائيل، حتى وإن كانت مخفية حاليا، فهي جزء
من عملها السياسي، ولأنها تسعى لأن تصبح بحلول 2030 اقتصادًا حديثًا متطورًا لا يعتمد
على النفط، ومركزًا للثقافة والسياحة، فإن قدرات إسرائيل العسكرية والتكنولوجية مهمة
لها".
لا يتوقف
هذا الاعتراف على هذا السفير فحسب، بل إن خبراء إسرائيليين زعموا أن اتجاه السعودية
هو خلق توازنات مختلفة، تشكل العلاقات مع إسرائيل جزءًا منها، ورغم فتور علاقاتها بأمريكا،
فإن المملكة ليست مستعدة، أو قادرة على التخلي عن الجدار الوقائي الأمريكي، وترى أن
إسرائيل، حليفة أمريكا، لها دور بضمان ذلك، بما يتماشى مع مصلحة واشنطن.
الخلاصة
الإسرائيلية أن الاتفاق السعودي الإيراني جعل الأخيرة لاعبًا جيو-سياسيًا قاريًا خارج
حدود الشرق الأوسط، ما يعني استفادتها من التقنيات التي يُزعم أن الصين وعدت بتقديمها
لها، مثل الوصول لأقمارها التجسسية الكبيرة، وحينها تطرح علامات استفهام خطيرة حول
تأثير ذلك على الأمن القومي الإسرائيلي.