قابلات الموت يرافقن المريض في آخر لحظات حياته تقدم له الدعم العاطفي والنفسي والروحي
الهاتف يرن، مكالمة من مكتب التشغيل تقول لك إننا وجدنا لك وظيفة مرافقة المرضى في لحظاتهم الأخيرة، تمسك يدهم وتصغي إلى أحاديثهم، وأيضا ترافقهم في مراسم دفنهم وتنتهي مهمتك معهم بوضعهم في قبورهم.
أكيد أنك مستغرب من هذه الوظيفة، لكنها موجودة والأكثر طلبا في
أوروبا، وظيفة "قابلات
الموت" ماذا تعرف عنها؟
"الثانادولا"
هو الاسم المُختصر لهذه المهنة الغريبة، أصلها يوناني فكلمة "دولا" معناها "الخادمة" و"ثانا" تعني الموت، دور "الدولا" اقترن لقرون طويلة بمُساعدة الناس في لحظاتهم الحرجة، أيضا بدور "القابلة" المرتبط بفترة الولادة التي تسهر على راحة النساء الحوامل وتدعمهم عند الولادة.
لكن المفارقة هنا أن "قابلة الوفاة" لا تستقبل الحياة، بل تودعها إلى مثواها الأخير، أي أنها إمرأة ترافق المريض في آخر لحظات حياته تقدم له
الدعم العاطفي والنفسي والروحي، ببساطة أكثر أنه عندما يكون هناك مريض، وقد أخبره طبيبه أنه لن يعيش سوى أسابيع قليلة، هنا تقوم عائلة المريض أو هو نفسه بالاتصال بقابلة الوفاة لمرافقته في آخر أيامه، وظيفتها هنا أبعد بكثير عن المُمرضة، فهي لن تقوم بأي مهام طبية سوى تسهيل التواصل بينه وبين طبيبه وبين أفراد أسرته الذين لم يستطيعوا تحمل رؤيته يُحتضر، أو الحديث معه عن الموت والحياة ما بعدها هنا تأتي خدمات "الثانادولا" التي لا تربطها أي مشاعر عائلية بهذا المريض لتقوم بتشجيعه على استقبال الموت وعدم الخوف منه، والحديث معه عن الجنة ونعيمها وحب الله لعبده وأن هناك حياة جميلة تنتظرنا بعد الموت.
الجميل في هذه الوظيفة أنها ليست حكرا على أي دين أو أيديولوجية، الهدف منها هو الموت بكرامة وبطريقة تتناسب مع دين المحتضر، فإن كان مُسلما فإنها تُسمعه بعض الآيات من القرآن الكريم، أو أن تجلس بجانب السرير وتتلو له ما تيسّر منه وهذا بطلب من المريض الباحث عن السكينة والهدوء في كلام الله الجميل عن الجنة الأبدية.
وإن كان المريض من ديانات أخرى، فهو يفضل إشعال الشموع أو المشي في الطبيعة أو أي شيء من شأنه أن يعزز روح التفاؤل لديه. مهنة أضحت الأكثر انتشارا في سويسرا وفي فرنسا التي تأسس فيها معهد "دوي دولا" عام 2022 معترف به رسميا لتكوين متخصصين في هذا المجال، أيضا تُوجد المنظمة الدولية لقابلات الوفاة في نيوجيرسي الأمريكية تضم ممثلين من 9 دول بينها بريطانيا والمكسيك تقدم دورات وتُتوّج المشاركين بشهادات تدريب في مجال "قابلات الوفاة" التي ازداد الإقبال عليها بنسبة 28 بالمئة منذ 2019 خاصة خلال جائحة كورونا وانتشار ثقافة "أنه لا يمكن لأي شخص أن يعيش للأبد".