نشرت صحيفة "
وول ستريت جورنال" تقريرا لكل من ستيفان كالين
وسومر سعيد، قالا فيه إن الاتفاق الذي توسطت فيه
الصين الأسبوع الماضي لتجديد
العلاقات الدبلوماسية بين
إيران والسعودية، أظهر براغماتية ذكية من الحاكم الفعلي
للمملكة محمد بن سلمان البالغ من العمر 37 عاما.
ورأى التقرير أن الصفقة ستهدئ التوترات في جميع أنحاء الخليج العربي، وتقرب
السعودية من الصين، أكبر شريك تجاري لها، دون تنفير أكبر شريك أمني لها في
واشنطن.
وقال محللون إن السعودية، مثل الهند وتركيا والإمارات، قوة متوسطة
الحجم تبحث عن مزايا؛ لأن النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة يواجه تحديًا
بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا وسياسة الصين الخارجية الأكثر حزما.
وأشار التقرير إلى أن القادة السعوديين عازمون أيضًا على استخدام
أسعار النفط المرتفعة لتمويل طموحات البلاد في أن تصبح لاعبًا تجاريًا عالميًا مع
اقتصاد مزدهر غير نفطي. وهم يعتقدون أن هذا يمكن أن يكون آخر طفرة نفطية.
ورأى التقرير أن دعم النفوذ العالمي المتنامي للمملكة واستعدادها
لمقاومة المصالح الأمريكية هو مركز مالي قوي ناتج عن ارتفاع أسعار النفط.
وتوسع اقتصاد السعودية بواحد من أسرع المعدلات على مستوى العالم، حيث
تواجه الولايات المتحدة وأوروبا والعديد من الاقتصادات النامية ارتفاعًا في معدلات
التضخم والركود.
ويقود كل ذلك الاعتقاد الذي يتبناه الأمير محمد بأن السعودية يجب أن
يكون لها نفوذ أكبر على المسرح العالمي، بما يليق بمكانتها كقوة في مجموعة العشرين،
وفق "وول ستريت جورنال".
وقالت كارين يونغ، باحثة أولى في جامعة كولومبيا: "إنها إلى حد
كبير أيديولوجية سعودية أولى". "إنهم يرون العالم بطريقة ناضجة للتأثير
والتدخل ولتعزيز مصالح الدولة السعودية".
ولفت التقرير إلى أن النهج الجديد بدأ للمملكة تجاه الشؤون الخارجية،
والذي كان على مدى عقود يدعم بقوة السياسة الأمريكية، ولا يميل إلى التحولات
الدراماتيكية في الظهور في وقت مبكر مع صعود الأمير محمد السريع إلى السلطة، حيث تدخل
في الحرب الأهلية اليمنية، ثم انضم إلى جيرانه في محاصرة قطر ورئيس وزراء لبنان
القوي المسلّح لتقديم استقالته.
وأدت جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي على يد رجال مقربين من
ولي العهد السعودي عام 2018، إلى عزل الأمير محمد دبلوماسيا، لكن انتهى هذا العزل إلى
حد كبير في تموز/ يوليو الماضي بزيارة الرئيس بايدن إلى المملكة.
وبحسب التقرير، فإن الحرب في أوكرانيا قدمت للسعوديين ما يرون أنها فرصة لتأكيد مصالحهم في عالم لا تعتبر فيه الولايات المتحدة القوة العظمى بلا
منازع، قائلين إنهم يستطيعون دعم أوكرانيا والعمل مع روسيا في أوبك + في نفس
الوقت.
وقال محللون إن محمد بن سلمان يستخدم علاقات أوثق مع الصين وروسيا؛ لكسب نفوذ لعلاقة أمنية أمريكية أعمق يقاومها البعض في واشنطن. لا يزال المسؤولون
السعوديون يتفاوضون بشأن الضمانات الأمنية الأمريكية التي يمكن أن تقنع الرياض في
نهاية المطاف بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو قرار من المرجح أن يكون بعيدًا بعض
الوقت بسبب المقاومة الداخلية، واحتدام الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والمعارضة في
واشنطن تلبية المطالب السعودية.
وقالت سينزيا بيانكو، زميلة أبحاث خليجية في المجلس الأوروبي، إن
السعوديين "يتعاملون مع الجميع –إسرائيل وإيران والصين والولايات المتحدة
وروسيا والأوروبيين- ويتسمون بالغموض بشأن ما يريدون القيام به وما هو هدفهم
النهائي".
وأفاد مسؤولون سعوديون بأن ولي العهد قال في جلسات خاصة إنه يتوقع
أنه من خلال لعب القوى الكبرى ضد بعضها البعض، يمكن للسعودية أن تضغط في النهاية
على واشنطن للتنازل عن مطالبها للحصول على أسلحة وتكنولوجيا نووية أمريكية.