يعتزم رئيس الوزراء
العراقي محمد شياع
السوداني، إجراء تغيير وزاري في حكومته التي شكلها "الإطار التنسيقي"
الشيعي قبل 6 أشهر، وشاركت فيها جميع القوى السياسية الرئيسة الممثلة للمكونات
الأساسية في البلد (من: شيعة، وسنة، وأكراد، ومسيحيين).
ويأتي التغيير المرتقب ضمن نهج جديد رسمه
السوداني لحكومته، يعتمد على مبدأ تقييم أداء الكابينة الوزارية في مدى تطبيق
برنامجه الحكومي خلال مدة زمنية تصل إلى 6 أشهر من عمر
الحكومة، وعلى هذا الأساس
يكون قرار إبعاد الوزير أو بقائه في منصبه.
رغبة أمريكية
لكن وسائل إعلام محلية تحدثت عن ضغوط وراء إجراء
التغييرات المحتملة، وأنها ستطال وزير التعليم العالي نعيم العبودي (القيادي في
مليشيا العصائب) ووزير العمل أحمد الأسدي (زعيم مليشيا جند الإمام) كونهما غير
مقبولين من المجتمع الدولي، وخصوصا واشنطن.
وقال أستاذ العلوم السياسية في العراق، الدكتور
عصام الفيلي، إن "عدد الوزراء المرتقب استبدالهم من 3 إلى 5، فهناك جزء من
الأسماء عليها اعتراض من الإدارة الأمريكية مئة بالمئة، وهي تعطّل موضوع التعاون
مع العراق في مجالات حيوية جدا، وبالتالي فإن من المحتمل تغييرهم".
وأوضح الفيلي في حديث لـ"عربي21" أن
"واشنطن لديها تحفظ على عدد من مفاصل الوزارات، وربما حتى الولايات المتحدة
في موازنتها العامة خصصت جزءا من المبالغ من أجل التعاون مع العراق في هذه المفاصل".
وتابع: "لذلك فإن التعديل الوزاري من وجهة نظر
السوداني يجب أن يصب في مصلحة العراق، لأن البلد أساسا منفتح على الولايات المتحدة
والدول الأوروبية، وبالتالي فإن رئيس الوزراء يقرأ الواقع".
ولا يستبعد الفيلي أن "يكون السوداني قد
تسلم رسائل من الولايات المتحدة بخصوص أشخاص غير مرغوب فيهم متواجدين ضمن حكومته،
وذلك من خلال لقائه مع عدد من المسؤولين الأمريكيين، فهو في لقاءات دورية مع سفيرة
واشنطن ببغداد ألينا رومانوسكي".
من جهتها، استبعدت آيات المظفر المتحدث باسم
تحالف "النصر" المنضوي في الإطار التنسيقي أن يكون هناك تدخل خارجي في
قرارات رئيس الوزراء، لكن في الوقت نفسه نحن بحاجة إلى الحصول على الدعم الدولي".
وأوضحت المظفر لـ"عربي21" أن
"هذا الدعم الدولي لا يعطى إلا لحكومة قادرة بالفعل على تحقيق رضا شعبها،
وتحقيق كل ما يتعلق بمصلحة البلد والمنطقة الإقليمية، لذلك فيمكن أن يؤخذ هذا الأمر
في الاعتبار، لكن ليس بشكل التدخل الصريح في القرارات".
وتوقعت المتحدثة باسم "النصر" أن
"يكون عدد الوزراء المزمع تغييرهم ثلاثة فقط وليس خمسة، وأن هناك معلومة تفيد
بأن وزراء الإطار التنسيقي سيكونون مشمولين بهذا التعديل الوزاري المرتقب".
أسباب أخرى
وبخصوص الحديث عن أن التغيير سيكون بناء على
التقييم، قالت المظفر إن "السوداني عندما شكل حكومته صرّح بأنها ستكون تحت
التقييم لمدة 3 إلى 6 أشهر، وأن الوزراء سيخضعون إلى التقييم، لذلك فإن هذا المبدأ
سيكون الفيصل في تغيير بعض الأشخاص في الوزارات".
وتابعت: "قد يكون هناك قصور في الأداء
وعدم رضا من المخرجات الحقيقية للوزارة، فكل هذه المسببات ربما تدعو رئيس
الوزراء لاتخاذ قرار في إجراء تغيير داخل الكابينة الوزارية".
وأشارت إلى أن الحكومة الحالية شُكلت على أساس
إعادة الثقة بين العملية السياسية والأحزاب الحالية على وجه الخصوص وبين الشعب،
لذلك فإن كل خطوة من خطواتها تكون محسوبة لأن الجماهير تراقب ولديها الرؤية الجيدة
للتمييز بين الجيد والسيئ".
وأكدت المظفر أن "رضا الشارع يأخذ بعين الاعتبار كونها تبحث عن المشروعية من خلال قبول الناس للأداء الحكومي، خصوصا
ونحن مقبلون على انتخابات، لذلك فالحكومة بحاجة إلى مثل هذا الدعم في عملها وأدائها".
واستبعدت أن "يتسبب الاستبدال الوزاري في
أزمة سياسية بالبلد، لأن الحكومة تشكلت من الإطار التنسيقي، الذي يعتبر البذرة
الأساسية لائتلاف إدارة الدولة الذي انبثقت منه الحكومة، لذلك فهي تدعم الحكومة
بخياراتها".
وأشارت المظفر إلى أن "هذه القوى ليس
أمامها خيار سوى نجاح الحكومة، لذلك فربما تتنازل عن أشخاص معينين، على أن تعوضهم
بآخرين من الكتلة ذاتها، وأن التضحية ببعض الأشخاص يكون على حساب نجاح الحكومة
الذي يحسب بالتالي للكتلة نفسها".
من جانبه، قال الدكتور الفيلي إنه "في الذهاب
إلى التعديل يجب أن تقتنع جميع الأطراف السياسية في مسألة تفضيل مصلحة العراق، وإلا لا
قيمة للخطوات الجريئة التي اتخذتها هذه الجهات باتجاه الانفتاح مع الولايات
المتحدة إذا لم تتوج بتفاهم في هذا الإطار بين واشنطن وبغداد".
وشدد الخبير العراقي على "ضرورة أن تتحمل
القوى السياسية المسؤولية باختيار الأكفأ للمناصب الوزارية رغم اعتمادها على مبدأ
المحاصصة، لأنهم يعتقدون أن ترشيح الوزير يمنحها صلاحية فعل ما تشاء بالوزارة،
وهذا لا يتوافق مع رؤية السوداني وحتى الشارع العراقي".
وأكد الفيلي أنه "إذا لم يكن هناك قناعة
بمستوى أداء السوداني من الكتل السياسية التقليدية فعليها التوقع أن الجماهير
العراقية لن تدع أي وجود سياسي لها خلال المرحلة المقبلة".
وكان السوداني وجه، الأسبوع الماضي، انتقادا
غير مسبوق إلى أداء بعض الوزراء خلال جلسة للحكومة، بالقول إن "الوزير تنتهي
علاقته مع القوى السياسية بعد ترشيحه ونيله ثقة البرلمان، ولا يملك أي حزب أو كتلة
برلمانية أي تأثير في بقاء الوزير بمنصبه".
وخاطب السوداني الوزراء، قائلا: "لم نرَ
أي مؤشرات أولية عن أداء الوزراء في مكافحة الفساد، حتى نقول إن الحكومة نفذت
التزامها في معالجة هذا الملف"، داعيا الوزراء والمسؤولين والمديرين العامين
إلى "التواجد الميداني لحل المشكلات".