تجددت التحركات والمظاهرات الثلاثاء في
فرنسا للمرة السادسة في غضون شهرين، احتجاجا على إصلاح نظام
التقاعد المثير للجدل الذي يريده الرئيس إيمانويل
ماكرون.
وعرفت فرنسا الثلاثاء شللا واسعا بسبب الإضراب، حيث أُغلقت مدارس وتم إلغاء 80 بالمئة من رحلات شركة السكك الحديدية، فيما تأثر تزود توتال إنرجي وإيسو-إكسون موبيل وبيترونيوس بعد أن منعت شحنات المحروقات من الخروج من "كل المصافي" الفرنسية. وتتوقع النقابات العمالية أن المظاهرات التي تشهدها شوارع باريس ستكون الأضخم "منذ بداية" الاحتجاجات.
في يوم التحرك السادس احتجاجا على إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل الذي يريده الرئيس إيمانويل ماكرون، تأثرت العديد من القطاعات في البلاد بالإضراب من الطاقة إلى النقل وصولا إلى التعليم وجمع النفايات.
في محاولة لدفع الحكومة للعدول عن المشروع، وقبل تمديد
الإضرابات المحتمل في الأيام المقبلة، تواصل النقابات مجتمعة سعيها لوقف دورة الحياة الثلاثاء "في فرنسا". ومن المرتقب أن يعقد اجتماع جديد مساء لاتخاذ قرار حول كيفية مواصلة التحركات.
من جهته رحب الأمين العام لنقابة الاتحاد الديمقراطي للعمل (سي.إف.دي. تي) لوران بيرجيه بـ"تعبئة تاريخية" فيما أكد نظيره في "الكونفدرالية العامة للعمل" (سي.جي.تي) فيليب مارتينيز إلى جانبه قبل انطلاق المظاهرة في باريس: "سيكون هذا أقوى يوم تعبئة منذ بداية" التحركات.
وهو اليوم السادس من التحركات منذ 19 كانون الثاني/يناير ضد هذا الإصلاح ويشكل اختبارا رئيسيا للحكومة الفرنسية التي تريد رفع سن التقاعد القانونية من 62 إلى 64 عاما بهدف ضمان تمويل هذا النظام الذي يشكل أحد أسس النموذج الاجتماعي الفرنسي.
ويندد معارضو الإصلاح بمشروع "ظالم" يلحق الضرر بالأجراء الذين يؤدون أعمالا شاقة خصوصا. وتظهر استطلاعات الرأي رفض غالبية الفرنسيين للمشروع.
في كليرمون-فيران (وسط) يتظاهر كيفن فيريرا للمرة الأولى لأنه لا يرغب في "العمل سنتين إضافيتين". في سن الثلاثين يقول هذا الشاب الذي يعتمد على ذراعيه إنه "ليس أكيدا أنه سيعيش حتى سن 62" بالتالي "لا أتخيل الوصول إلى سن 64".
في محطة حافلات في باريس، اختلط عشرات الطلاب بأعضاء الجمعية العامة للسائقين. يقول يوري لو ميرور (21 عاما): "من المهم منع تمرير هذا الإصلاح"، وإلا فإن الحكومة الفرنسية "ستحاول تمرير أي شيء كان سواء بالنسبة للهجرة أو الخدمة العسكرية المصغرة التي لا ينبغي إقرارها".
تأثر الكثير من القطاعات بالإضراب من الطاقة إلى النقل وصولا إلى التعليم وجمع النفايات. كما تأثرت حركة النقل بين فرنسا وبريطانيا مع إلغاء عشرات الرحلات وخطوط القطارات وتأخر في العبارات.
وقد منعت شحنات المحروقات في فترة قبل الظهر من الخروج من "كل المصافي" الفرنسية حسب ما قالت نقابة سي.جي.تي شيمي (CGT-Chimie) مؤكدة أن مصافي توتال إنرجي وإيسو-إكسون موبيل وبيترونيوس تأثرت أيضا بهذا التدبير.
لدى شركة السكك الحديدية الوطنية (SNCF) تم إلغاء رحلات 80% من القطارات مع خفض الرحلات الدولية أو وقفها بين فرنسا وألمانيا وإسبانيا وبريطانيا. شهدت حركة النقل اضطرابا أيضا في المترو الباريسي حيث لم تعد الحركة عادية إلا على الخطين 1 و14.
في مدينة ليل (شمال)، لم تعد غالبية الحافلات تعمل وفي مرسيليا (جنوب) أغلق خطا المترو وخط ترام واحد من كل ثلاثة.
وعلى صعيد حركة الطيران، طلبت المديرية العامة للطيران المدني من الشركات خفض جدول رحلاتها بنسبة 20 إلى 30 بالمئة يومي الثلاثاء والأربعاء.
يوم التعبئة هذا أدى إلى إضراب 32,71 بالمئة من المعلمين في الابتدائي والثانوي بحسب وزارة التعليم وهو أقل بكثير من أرقام النقابات. أعلنت نقابتا Snuipp-FSU وSnes-FSU من جانبهما عن معدلات إضراب لا تقل عن 60 بالمئة.
في باريس، كانت محارق النفايات الثلاث غير عاملة وتوقف جمع النفايات في بعض أحياء العاصمة.
قبل انطلاق المتظاهرين في مرسيليا (جنوب)، قدر رئيس حركة "فرنسا الأبية" جان لوك ميلنشون أن ماكرون "يجب أن يجد مخرجا" أو "حتى يحل الجمعية الوطنية" أو أن "يجري استفتاء".
وتكشف استطلاعات الرأي المتكررة أن الفرنسيين بغالبية واسعة يعارضون الإصلاح مع أنهم يرون أنه سيقر في نهاية المطاف.
يراهن إيمانويل ماكرون بقسم كبير من رصيده السياسي على هذا الإجراء البارز في ولايته الثانية ما يدل على الرغبة التي عبر عنها في الإصلاح لكنها اليوم تعكس استياء قسم من الفرنسيين منه.
وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا هي إحدى الدول الأوروبية التي يعد فيها سن التقاعد بين الأدنى.
وسيشهد الأسبوع الراهن تحركات أخرى بموازاة نقاشات مجلس الشيوخ الفرنسي لمشروع الإصلاح والتي تختتم الجمعة. فثمة "إضرابات نسوية" في 8 آذار/مارس وفي اليوم العالمي لحقوق المرأة وتعبئة لصفوف الشباب الخميس وإضراب وطني من أجل المناخ الجمعة وهي مشكلة تربطها بعض النقابات بمشكلة نظام التقاعد.
وتعول الحكومة على إقرار مجلس الشيوخ للمشروع بحلول الأحد وعلى "تصويت في 16 آذار/مارس" في مجلسي البرلمان الفرنسي.
وأوضح المصدر نفسه أنه "في حال أقر الإصلاح من غير المرجح أن تبقى التعبئة عند هذا المستوى" معولا على انسحاب أكثر النقابات اعتدالا.
وردا على سؤال لإذاعة "آر تي إل" مساء الإثنين حذر لوران إسكور من نقابة Unsa من أن التعبئة لن تنتهي بالضرورة مع إقرار المشروع، مؤكدا أن "القانون الذي يقر يمكن أن يلغى".
وقالت رئيسة الوزراء إن "البرلمان أمر مهم وعندما تقر القوانين تحصل على مصادقة ديمقراطية".