صحافة إسرائيلية

6 خطوات تهدد أمن الاحتلال وتقوض وجوده.. "رؤية خاطئة"

الكاتبان تحدثا عن أداء وزراء نتنياهو وتمزيق الصلاحيات بينهم- الأناضول
في الوقت الذي يخوض فيه الإسرائيليون صراعات داخلية متفاقمة، فإن المخاوف تتصاعد من تبعات هذه التغييرات الحكومية أحادية الجانب على مستقبل علاقات دولة الاحتلال مع العالم الخارجي، لأن ما تقوم به الحكومة الحالية سيتسبب "بأضرار قاتلة بأصول الدولة السياسية والاستراتيجية، لأنها ترتكب أخطاء في اتخاذ القرار والحكم، وأخطاء أخرى في تشويه صورة الدولة من خارج حدودها".

ليئور أكرمان وشاي هار-تسفي، الباحثان في معهد السياسات والاستراتيجيات بجامعة رايخمان، أكدا في صحيفة معاريف أن "ما تقوم به الحكومة الحالية ورئيسها يؤكد أنهم ليسوا على دراية عميقة برؤى واستنتاجات قراراتهم، نظرا لعدة أسباب، بدءًا بعدم الإلمام بالتفاصيل، مرورا باستمرار الغطرسة، وصولا لفرض القيود السياسية على خصومهم، وانتهاءً بعدم دراسة التأثيرات المحتملة على إسرائيل على الساحتين الدولية والإقليمية، ويزداد الأمر حدة في ظل حقيقة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وضع الحملة ضد إيران، وتعزيز التطبيع مع السعودية على رأس أولوياته الجديدة".

وأضافا في مقال مشترك ترجمته "عربي21" أن "الظروف اللازمة لتحقيق هذه الأهداف تتمثل بتعميق التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، وتهدئة التوتر مع الفلسطينيين، وتجنب الإجراءات الأحادية الجانب لتغيير الوضع أمامهم في المسجد الأقصى، مع العلم أن الحكومة منذ إنشائها قبل نحو شهرين أعلنت عزمها على اتخاذ خطوات غير مسبوقة على الساحة الداخلية في مجموعة متنوعة من المجالات، سيكون لها القدرة على إحداث تغييرات جذرية في هوية إسرائيل، وطريقة الحكم السائدة فيها".


ورصد الكاتبان "جملة خطوات ستتسبب بقطيعة لإسرائيل مع العالم، أولاها تقسيم المسؤولية على الجيش بين وزيرين  يوآف غالانت وبيتسلئيل سموتريتش من الصهيونية الدينية، وإخضاع الحاخام الرئيسي للجيش للسلطات الحاخامية بدلاً من رئيس الأركان، وكلا الخطوتين لها تأثير مباشر على مدى استقرار وصف جيش الشعب، الذي يتجاوز الخلافات السياسية، بل يضرّ بقدرته على إدارة شؤون سكان الأراضي المحتلة وفقًا لقرار الأمم المتحدة رقم 242، وبالتالي فإن تغيير سلوك الجيش فيما يتعلق بهذه الأراضي يتعارض مع قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي، وسيؤدي لتحميل إسرائيل وقادتها مسؤولية الاحتلال الدائم، وحتى الضمّ، ويستخدم كذخيرة لمن يتهمها بارتكاب جرائم بحق الشعب الفلسطيني، وتؤدي لاتهام قادتها بارتكاب جرائم حرب".

وأشارا إلى أن "الخطوة الثانية تركز على التغييرات القانونية للحكومة، وتضمن سن تشريعات مصممة لإضعاف وتحييد سلطة القضاء تمامًا، وإعطاء الحرية الكاملة للسلطة التنفيذية، مما سيكون له عواقب وخيمة على بنية النظام السياسي، وعلى الطريقة التي يُنظر إليه من دول العالم، وهيئاتها الاقتصادية والتجارية، وهذه القرارات ستمس باستقلال القضاء، وتكون بمثابة هزة ارتدادية، وتعرض إسرائيل وقادتها وجنودها لاتهامات ودعاوى قضائية بسبب أنشطتهم ضد الفلسطينيين، وتؤثر حتى على وضعها الاقتصادي في ضوء الخوف من الإضرار بالتصنيف الائتماني، واحتمال أن يقلل المستثمرون والشركات الدولية من عملهم فيها".

وأكدا أن "الخطوة الثالثة تتعلق بالعلاقات بين الدين والدولة في إسرائيل، فمنذ تأسيس الحكومة بدأت بتعزيز التغييرات التشريعية، مثل تسليم مهام الحاخام العسكري للحاخامية، وسن القانون الأساسي "دراسات التوراة"، وإلغاء الدراسات الأساسية في المؤسسات الأرثوذكسية، حظر الكنيست لتقديم الحمص في المستشفيات، الفصل بين الرجال والنساء، استبعاد المثليين من العلاج الطبي، إيقاف وسائل النقل العام في عطلات نهاية الأسبوع، مما أثار استياء واشنطن من هذه القرارات التي تستخدم كذخيرة من قبل منظمات نزع الشرعية عن إسرائيل حول العالم، وتتهمها بانتهاج سياسة تمييزية تجاه الأقليات".


وأوضحا أن "الخطوة الرابعة تتعلق بالمسجد الأقصى، وسماحها باستفزازات مسؤوليها، والعمل على تغيير وضعه الراهن، بما يسمح لحماس وعناصر أخرى لإشعال حرب دينية ستؤثر أيضًا على فلسطينيي48، وإلحاق ضرر كبير بالعلاقات مع الدول العربية، خاصة الأردن، وعواقب بعيدة المدى على الأمن القومي، لأن شراكتنا الإستراتيجية مع الأردن ركيزة أساسية في الحملة الشاملة ضد إيران وتهديدات الأعداء، وتقويض البنية الأمنية لإسرائيل بطريقة تتطلب تحويل الانتباه والموارد للدفاع عن الحدود الشرقية،  سينعكس هذا التطور أيضًا على قدرة جيش الدفاع الإسرائيلي على الاستعداد للتحديات التي يواجهها في ساحات أخرى".

وأشارا إلى أن "الخطوة الخامسة هي اعتزام الحكومة إغلاق هيئة الإذاعة العامة، رغم تراجعها الآن، والتحضير لإطلاق قناة إعلامية تروج لسياساتها، وهذه خطوات ليست مخفية عن أعين العالم الذي يعتبرها انتهاكا لمبادئ الديمقراطية الحرة، وتبنياً لسياسة الإسكات التي تميز الأنظمة الشمولية".

وأضافا أن "الخطوة السادسة هي سياسة تل أبيب تجاه حرب أوكرانيا، وقد تبنت العام الماضي سياسة معقدة، تقوم على الانحياز العلني لأوكرانيا، ونقل المساعدات الإنسانية، والحذر من نقل الأنظمة المضادة للصواريخ والدفاع الجوي بسبب التحذيرات الروسية، والخوف من قدرتها على إلحاق الأذى فيما يتعلق بحرية العمل ضد الأهداف الإيرانية في المنطقة، لكن هذه السياسة تثير قلقا كبيرا في الغرب، لكن الولايات المتحدة امتنعت عن الضغط على إسرائيل لتغيير سياستها، لكن ذلك يزيد خلافاتهما، مما يعني تراجع رغبة واشنطن في تفهم سياسة تل أبيب".


من الواضح أن هذا الاستعراض الإسرائيلي لخطوات الحكومة يحمل تحذيرا من أنها سوف تتسبب بإثارة مواجهة جديدة مع الفلسطينيين، وفي الوقت ذاته الإضرار بقدرة الاحتلال على صياغة رد إستراتيجي وشامل للتصدي لتهديدات إيران، وتآكل الرغبة الأمريكية والعربية للتعاون مع هذه الحكومة، والاستجابة لطلباتها، والإضرار بقدرتها على تعميق اتفاقيات التطبيع، وضمّ دول أخرى إليها، وعلى رأسها السعودية.

ويتخوف الإسرائيليون أن "عدم وجود نهج رصين لدى الحكومة ورئيسها، وغياب رؤية استراتيجية واسعة لاتخاذ القرارات، من شأنها استهداف الأمن القومي الإسرائيلي، وتقويضه، لصالح تعزيز المصالح الحزبية فقط، وفي هذه الحالة فإن ثمن الأخطاء الإسرائيلية قد يكون مرتفعًا للغاية، لأنها ستؤدي لتآكل العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية، بما يضر بأمن الاحتلال القومي، وقوته الاستراتيجية".