أجرى وزير الخارجية
المصري سامح شكري، زيارة لكل من
تركيا وسوريا، بعد سنوات طويلة من توتر العلاقات، وسط تصريحات تعبر عن آمال بعودة العلاقات إلى طبيعتها بين الدول الثلاث.
واستقبل وزير الخارجية
التركي، مولود تشاووش أوغلو، شكري، في مطار أضنة، في أول زيارة رسمية لمسؤول مصري
إلى تركيا منذ 2013 وبالتزامن مع وصول
سفنية المساعدات المصرية إلى ميناء مرسين جنوبي تركيا.
وشكر تشاووش أوغلو مصر
حكومة وشعبا على تضامنها مع ضحايا
الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا في السادس من
فبراير/ شباط الجاري.
وأوضح أن مصر كانت من
أوائل الدول التي بادرت في إرسال مساعدات إنسانية إلى المتضررين من الزلزال في
تركيا.
وأضاف: "السفينة
المصرية الأولى جلبت كمية كبيرة من المساعدات، وكذلك وصلتنا مساعدات عبر الطائرات،
والآن وصلت السفينة المصرية الثانية التي تحمل مساعدات تقدر بـ 520 طنا وتتضمن
مواد غذائية وألبسة ومستلزمات طبية ومواد سكنية".
وتابع: "الصداقة
والأخوة تظهران في الأوقات الحرجة، ومصر حكومة وشعبا أظهرت بأنها صديقة وشقيقة
لتركيا في هذه المحنة، لذا نشكرها مجددا".
"الخطوة التالية"
وقال تشاووش أوغلو: "نفتح صفحات جديدة في علاقاتنا مع مصر، واللقاء الذي جمع الرئيس رجب طيب أردوغان بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي في الدوحة كان مثمرا للغاية، وخلال لقائي مع الوزير شكري في مطار أضنة قبل قليل، تناولنا الخطوات الواجب الإقدام عليها لتعزيز علاقات البلدين".
ولفت إلى أن تطور
العلاقات بين تركيا ومصر لن يصب في مصلحة البلدين فقط، بل سينعكس إيجابا على
استقرار ورخاء وتنمية المنطقة برمتها.
واستطرد: "مصر
بلد مهم بالنسبة لمنطقة البحر المتوسط وللعالم العربي وللعالم الإسلامي ولفلسطين
ولأفريقيا، من مصلحتنا جميعًا أن تكون مصر قوية".
وقال: "أنا على
ثقة بأننا سنعمل سويا لتعزيز علاقاتنا نحو الأفضل، وتواجد أخي سامح شكري اليوم في
تركيا أمر مهم لنا، ونقدم له جزيل الشكر لهذه الزيارة".
وردا على سؤال حول
إمكانية عقد قمة بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان وعبد الفتاح السيسي، قال
شكري: "بالتأكيد، ستكون هناك اتصالات في الوقت المناسب وفقا لرؤية الرئيسين".
وحول علاقات البلدين،
أشار شكري إلى وجود إرادة سياسية، وأنه سيكون من المهم إنشاء أساس قوي للغاية في
نطاق الإرادة السياسية المذكورة.
وأشار الوزير شكري إلى أهمية إعادة العلاقات بين مصر وتركيا إلى مستواها السابق والمضي بها بما يتوافق مع المصلحة المشتركة للبلدين.
"زيارة إنسانية لسوريا"
كما استقبل وزير خارجية النظام السوري، نظيره
المصري سامح شكري، في دمشق، اليوم، وقال الأخير إن الزيارة "إنسانية بالمقام الأول وللتضامن مع
شعب
سوريا" بمواجهة آثار الزلزال.
جاء ذلك ردا على سؤال
بشأن "إمكانية إعادة مصر لعلاقاتها مع سوريا لسابق عهدها"، في مؤتمر
صحفي بدمشق مع وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، وفق ما بثته وسائل إعلام
مصرية.
وهذه أول زيارة لوزير
خارجية مصري إلى دمشق منذ تجميد الجامعة العربية عضوية سوريا في 2011، على خلفية
قمع النظام السوري الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالتغيير.
وذكر شكري ردا على
السؤال أن "الهدف من هذه الزيارة إنساني بالمقام الأول، ونقل التضامن من مصر
قيادة وحكومة وشعبا للشعب السوري".
وأضاف: "في هذه
المحن نتعامل من أرضية ما يربطنا من أواصر إنسانية وهذا ما نركز عليه حاليا".
وأشار إلى أنه نقل
رسالة من رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد، "بالتضامن
والمواساة مع الشعب السوري والاستعداد لتقديم ما نستطيع لدعم مواجهة آثار الزلزال".
وأكد شكري أن
"العلاقات التي تربط بين الشعبين راسخة وقوية ونتطلع إلى أن تتجاوز سوريا
الآثار المترتبة على هذا الزلزال".
وكشف أن "مصر
قدمت 1500 طن من المساعدات لسوريا بعد الزلزال، وتتطلع لاستمرار توفير ما تستطيع
من مساعدات إنسانية".
بدوره، أشار المقداد إلى "تقدير سوريا لدور مصر الكبير في مواجهة النتائج الكارثية
للزلزال"، وفق وكالة أنباء النظام السوري.
زيارة بأجندة سياسية
ورأى مراقبون أتراك
ومصريون أنه رغم الإعلان عن أن الزيارة من أجل التضامن مع تركيا في محنتها بعد
الزلزال إلا أنها، تحمل أجندة دبلوماسية بإمتياز وتمهد الطريق لإعادة العلاقات إلى
طبيعتها في ظل التطورات التي تمر بها المنطقة سياسيا واقتصاديا.
الاقتصاد يحفظ خيط
التواصل
ورغم القطيعة التي
استمرت نحو عقد من الزمن، لم تتأثر العلاقات الاقتصادية بين البلدين بل شهدت تطورا
كبيرا، وتعهدت شركات تركية خلال الشهر الجاري بضخ استثمارات جديدة حجمها 500 مليون
دولار في مصر، التي تعاني من أزمة اقتصادية حادة.
وفي أول لقاء من نوعه منذ 10 سنوات:، ألتقى
رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، منتصف الشهر الجاري وفد شركات تركية تعمل في
مجالات مختلفة في مصر، أو ترغب في بدء استثمارات جديدة في السوق المصرية خلال
المرحلة المقبلة.
وتعمل الشركات التركية التي قابلها رئيس
الوزراء في مجالات: تطوير المناطق الصناعية، والغزل والنسيج، والملابس الجاهزة،
والملابس الرياضية، والمستحضرات الطبية، والأجهزة الكهربائية، وبحسب بيان مجلس
الوزراء فإن استثمارات الشركات التركية في مصر تزيد على 2 مليار دولار.
في اليوم التالي
للزلزال المدمر في تركيا وسوريا، أجرى السيسي اتصالًا هاتفيًا مع أردوغان، قدم
خلاله التعازي والمواساة في ضحايا الزلزال المروع الذي أسفر عن آلاف الضحايا
والجرحى، وأكد تضامن مصر مع الشعب التركي الشقيق، وتقديم المساعدة والإغاثة
الإنسانية لتجاوز آثار هذه الكارثة، وفقا لبيان المتحدث باسم الرئاسة المصرية.
اقتراب حسم تطبيع
العلاقات
وصف الكاتب والسياسي
المصري، خالد الشريف، زيارة شكري لتركيا بأنها خطوة نحو إنهاء الخلاف وقال:
"التضامن المصري مع تركيا بسبب كارثة الزلزال هو بداية جيد لتهيئة مناخ
المصالحة وإعادة العلاقات بين البلدين الكبير وهذه الزيارة وماتم سابقا من تحركات
يدل على النية الطيبة بين البلدين اللذين يربطهما التاريخ والدين والمصالح
المشتركة".
واعتبر في تصريحات
لـ"عربي21": أن "لقاء الوزيرين في تلك الظروف الإنسانية والتضامنية
يمهد الطريق للقاء الرئاسي بين البلدين لتصفية كل الخلافات وهذا الأمر يسعدنا لأنه
يصب في مصلحة وحدة الشعوب والإقليم في ظل الحروب والمؤامرات الدائرة على بلدنا
الاسلامية".
وبشأن كواليس التحرك بخطى مستقيمة نحو تطبيع
العلاقات، أعرب الشريف عن اعتقاده بأن "من الواضح منذ مدة أن هناك تغيير في
السياسة الخارجية المصرية لتصفية الخلافات وأعتقد أن الملف الخارجي تتولاه
المخابرات مع الخارجية بعيدا عن السيسي حتى لا يتم تركه الارتجالية المعهودة
السيسي...ولذلك رأينا التغير مع تركيا وقطر وليبيا...وهذا أمر جيد".
تضامني دبلوماسي
على الجانب التركي،
قال المحلل السياسي والخبير الاقتصادي، يوسف كاتب أوغلو، إن زيارة شكري الأولى
لتركيا ولقائه بنظيره التركي هي زيارة تضامنية بعد الزلزال المزدوج المدمر الذي
ضرب مناطق واسعة في سوريا وتركيا وأسفر عن كارثة إنسانية تداعت لها جميع الأمم".
ولكنه أكد في تصريحات
لـ"عربي21": أن "الزيارة تحمل أبعادا دبلوماسية أخرى، ولا شك أنها
تكشف دون شك عن تقارب وجهات النظر بين البلدين من أجل الارتقاء بالتفاهمات البينية
بين كل من تركيا ومصر لتحقيق المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة".
وأوضح، أوغلو،
"أن تركيا حريصة على فتح قنوات الإتصال على أعلى مستوى لحل المشاكل العالقة
وتقريب وجهات النظر في الملفات الشائكة؛ وعلى رأسها ترسيم الحدود في مياه شرق
المتوسط، وفي القضية الأساسية الأخرى الملف الليبي، إلى جانب تعزيز العلاقات
الاقتصادية، وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات وهذا يصب في مصلحة البلدين
اقتصاديا وسياسيا".