لا يكذِّبُ الناسُ برسالاتِ الرسلِ والآمرين بالقسطِ
من الناسِ لعلَّةٍ في وضوحِها الفكريِّ، فشرطُ الرسالاتِ أن تكونَ بيِّنةً:
"جاءتهم رسلهم بالبيِّناتِ"، ومحقِّقةً للبلاغ المبين: ".. وَمَا
عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ"، إنَّما دافعُ التكذيبِ هو
طغيانُ الهوى وإيثاره على الحقِّ.
هذا التكذيبُ موقفٌ لا عقلانيٌّ، لذلك تغلقُ تلك
الأممُ والأقوامُ منافذَ الفهمِ لأنَّها اختارت ألا تسمع وألا تبصر وألا تعقل:
- "وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ
لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ
وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً" (نوح: 7).
- "أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ
لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا
يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ" (هود: 5).
- "وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا
تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ
فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ" (فُصِّلت: 5).
"فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ،
كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ، فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ" (المدثر:
49-51).
هذا الإعراض والتولِّي والفرار من التذكرة، والإغلاقُ
المتعمَّدُ للعقلِ والسمعِ والبصرِ يورّثُ هؤلاءِ المكذِّبين حالةً متأصلةً من
الطبعِ والختمِ على القلوب، فتعمى بصائرهم وتتضررُ قدرتهم على فهم الحقائقِ لأنَّ
الطبعَ بالتطبُّعِ، وحين أعرضوا عن الحقِّ وأغلقوا منافذ عقولِهم وآثروا الهوى
وأصروا على ذلك أورثهم الله انغلاقاً في الفهمِ وعمايةً جزاءً وفاقاً من جنسِ
العمل:
- "وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ
اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ" (البقرة: 88).
- "وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ
كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ
يَعْمَهُونَ (الأنعام: 110).
- "فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ
بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ
قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ
إِلَّا قَلِيلاً، وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً
(النساء: 155-156).
- "كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا
كَانُوا يَكْسِبُونَ" (المطففين: 14).
هذا القانون القرآنيُّ يقولُ لنا إنَّ الإنسان إذا
جاءته أدلة الهدايةِ والحقِّ فأعرض عنها فإنَّ بصيرته تشوش بعد ذلك ويتحول الأمر
إلى حالةٍ راسخةٍ في نفسِه كما لم يؤمنوا به أولَ مرةٍ، فالقانون الإلهيُّ أنَّ
الإنسانَ يتخذُ الخطوةَ الأولى في الضلالِ فيعاقبه الله أن يزيده ضلالاً ويخلِّي
له ما أراد:
- "قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ
فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَداً" (مريم: 75).
لذلك يصف القرآنُ حالة الاستعصاءِ التي تبلغها الأقوام
المكذبة في مواجهة الرسل، ليس أنهم لم يؤمنوا وحسب، بل إن القابلية للإيمان صارت
منعدمةً فلن ينتفعوا بأيِّ دليلٍ مهما كان وضوحه:
- وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ
لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا
لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (يونس: 13).
إنهم لم يكونوا ليؤمنوا لأنهم اختاروا إغلاق منافذ
الفهم والإعراض عن البينات:
- "وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ
الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ
قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ" (الأنعام: 111).
"سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ
فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا"
(الأعراف: 146).
عدم
الإيمان هو حالةٌ من الاستعصاء والانغلاق والعماية
التي لن يجدي لتغييرها كلُّ أدلةِ العقل وكل الشواهدِ حتى لو كلمهم الموتى!
فالقضية لا تنتمي إلى ميدان المحاورة الفكرية.
وهذه الحالة يصل إليها المكذبون بمقدماتِ كسبهم فهي
ليست جبراً من الله كما تبين الآيات، فإذا استكبر الإنسانُ وأعرض ولم يؤمن أول
مرةٍ حين رأى أدلة الحقِّ كان عقابه أن ينغلق عليه الإيمان بعد ذلك وأن ينشأ حجابٌ
بينه وبين الحقِّ فلا يستطيع سبيلاً.
- "انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ
فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً" (الإسراء: 48).
- ".. مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ
وَمَا كَانُوا يُبْصِرُون"َ (هود: 20).
هنا لا تجدي الآيات ولا أدلة الإقناع "وما كانوا
ليؤمنوا"، مثل قومِ نوحٍ الذين بلغوا حالة الاستعصاء الكامل:
- "وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ
مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ" (هود: 36).
لكن الله تعالى وضعَ الميزانَ الذي يضبط الكونَ،
وبمقتضى هذا الميزان فإنَّ الإنسانَ لا يُتركُ سدىً، وقد قدَّر الله قوانين الكون
بطريقةٍ تحقِقُ التوافقَ بين العالم الداخليِّ للإنسانِ والعالم الخارجيِّ،
فقوانين الطبيعة مصممةٌ على النحو الذي تستجيب فيه للحالة الداخلية للإنسان، والهدايةُ
هي حالةُ تناغمٍ وانسيابٍ مع الوجودِ:
- "يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ
وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ" (سبأ: 10).
أمَّا الضلالُ والتكذيبُ بالحقِّ بعد معرفتِه فهو
حالةُ صدامٍ مع قوانينِ الكونِ، لأنَّ السماواتِ والأرض تقومُ على الحقِّ، وطبيعةُ
الضلال أنَّه إعراضٌ وتولٍّ وإغلاقٌ لمنافذِ الفهمِ، فيتصادمُ الإنسانُ بضلالِه
وإعراضه مع قوانين اللهِ في الوجود: "وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي
شِقَاقٍ".
العذابُ هو الاستجابة الكونيَّةُ لحالةِ العمايةِ
والاستعصاءِ، وهو تذكرةُ اللهِ للناسِ أنَّ اتباعَ الحقِّ قضيةٌ جادَّةٌ وأنَّ
ميزانَ الكونِ لن يتركَ الإنسانَ يعبثُ ويلعبُ دون أن يدفع ثمنَ ذلك:
- "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً
وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ" (المؤمنون: 115).
الإيمانُ يعني أن يفقه الإنسانُ سننَ اللهِ في الحياةِ
ويسلِّمَ بمقتضياتِها وبذلك يجنِّبُ نفسَه عاقبةَ الصدامِ مع هذه السننِ، وهذه هي
حالةُ الإيمان بالغيب؛ أن يؤمن الإنسانُ قبل أن يرى العواقب: "الَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ".
فإذا أعرضَ الإنسانُ عن الآياتِ التي تدلُّه على
الحقِّ دلَّ ذلكَ على غلاظةِ فهمِه وكثافةِ الحجُبِ على قلبِه، فتستدعي كثافةُ
حجبِ نفسِه كثافةَ الإشارةِ مثل المعلِّم الذي يبيِّن للطالبِ النبيهِ الدرس
بإشارةٍ لطيفةٍ بينما الطالبُ غليظ الفهم يحتاج إلى تكثيفِ الشرحِ. والعذابُ ذو
طبيعةٍ كثيفةٍ لأنَّ الإنسانَ يحسُّ به ويتألم منه، بينما الإيمان ذو طبيعةٍ
لطيفةٍ لأنَّه استبصارٌ للحقِّ قبل وقوعِ العاقبة.
يأتي العذابُ في سياقِ سننِ الله لدفعِ الإنسانِ إلى
الهدايةِ والانسجامِ مع ميزانِ الوجودِ، فالعذابُ ليس موقفَ انتقامٍ أو تشفٍّ، بل
يأتي في سياقِ تزكيةِ الإنسانِ واستثارةِ دوافعِ الاستقامةِ في داخلِه، لذلك فإنَّ
الله يرسل
العذاب على الأقوامِ التي تحيدُ عن الميزانِ بالتدريجِ وليس دفعةً
واحدةً، والقرآنُ يبيِّنُ الهدفَ التعليميَّ للعذابِ أنه يبقي الفرصةَ للناسِ
للاعتبار والرجوع:
- "وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ
أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"
(الزُّخرف: 48).
هذه الآيةُ تبيِّنُ المسارَ التصاعديَّ لجرعاتِ
العذابِ، فإذا لم تفلح الجرعة المخففةُ في رجوع الناسِ إلى الاستقامةِ والحقِّ
والعدلِ أرسل الله عليهم جرعةً أكبر من أختِها، والهدف لا يزال حثَّهم على الرجوع
والهداية:
- "وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ
الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" (السَّجدة:
21).
يذكرُ هذا المشهدُ من سورةِ الأعرافِ مثالَ قومِ فرعون
وكيف تدرَّج الله معهم بالعذابِ ليستنفدَ كلَّ محاولةٍ لهدايتهم ورجوعِهم إلى
الحقِّ:
"وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ
لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا
عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ
آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (133)
وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ
بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ
مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى
أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ
فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا
عَنْهَا غَافِلِينَ" (الأعراف: 132- 136).
في الآيةِ الأولى تظهرُ حالةُ الاستعصاءِ التي
يتعطَّلُ فيها الانتفاعُ من أيِّ دليلٍ عقليٍّ، ثمَّ يبدأُ الله تعالى بإرسالِ
جرعاتِ العذابِ عليهم بعد أن لم يفلح التذكيرُ في دفعِهم إلى الاستقامةِ، ثمَّ
يعطيهم الله تعالى فرصةً للإنابةِ والرجوعِ فيكشفَ عنهم الرجز، لكنَّ حالة
الاستعصاء التي تمكَّنت منهم تدفعهم إلى نكثِ العهدِ وعدمِ الاعتبار، ثمَّ تأتي
المرحلةُ الأخيرةُ وهي الانتقام بعد أن تحقَّقت فيهم حالةُ: "وما كانوا
ليؤمنوا"..
الانتقامُ هو العلاجُ الأخير لحالة الاستعصاءِ
والعمايةِ التي تبلغُها الأمم والأقوام فلم يعد مجدياً معهم سوى الاستئصال وقطع الدابر:
- "فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ
فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ" (الزخرف: 55).
- "فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ
ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (الأنعام: 45).
- "وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ
الْمُجْرِمِينَ" (الأنعام: 147).
ويهدفُ العذابُ الأليمُ إلى إعادة توازنِ الكونِ لأنَّ
هذه الأقوامَ صارت عبئاً على الحياةِ ولم يعد هناك أيُّ أملٍ في إصلاحِها
وتقويمِها: "لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ"، بل
إنَّ هذا المجتمعَ الميِّتَ روحياً وعقليَّاً يعيد إنتاجَ نفسِه عبر الأجيال:
- "إنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ
وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً" (نوح: 27).
من اليسير أن نفهمَ كيف تتحوَّلُ الأمم في مرحلةِ
العمايةِ والاستعصاءِ إلى عبءٍ على الحياةِ، فهذه الأممُ أغلقت منافذَ الفهمِ
وأعرضت عن الحقِّ وكذَّبت وعاندت، وهذا يعني أنَّها توقَّفت عن النماءِ الروحيِّ
وعن النشاطِ العقليِّ، فإغلاقُ منافذِ العقلِ يعني العطالةَ الفكريَّة، وعدمُ
الاعتبارِ من الآياتِ والنُّذر يعني تعطُّلَ المراجعةِ والنقدِ والقدرةِ على
التصويبِ والتقويمِ، لذلك فإنَّ قضية الإعراضِ عن الحقِّ والتكذيبِ بالآياتِ
والنذرِ التي يكررها القرآنُ مئات المراتِ لا تتعلقُ بجانبِ التديُّنِ الفرديِّ
وحسب، بل هي قوانين اجتماعيةٌ وتاريخيةٌ، فهذه الحالةُ من الانغلاقِ وفقدانِ
القدرةِ على المراجعةِ الأخلاقيَّة والنقدِ العقليِّ هي أساسُ كلِّ شرٍّ وظلمٍ
وإفسادٍ في الأرض.
من المهمِّ أن نفهمَ أن هذه القوانين عامَّةٌ، فهي لا
تختصُّ بقوم نوحٍ وقومِ عادٍ، فهذه أمثلةٌ يذكرها
القرآن لينبهنا إلى السنن العامة
التي تتضمنها، وكلُّ أمَّةٍ أو مجتمعٍ يتوقفُ عن النماءِ الروحيِّ وينغلق عن
الانفتاحِ الفكريِّ ويفقد القدرةَ على التوبةِ والاستغفارِ والنقدِ الذاتيِّ فهو
يدخلُ في ظلماتِ الجمودِ والموتِ ويصير عبئاً على الحياةِ فتتدخلُ سنةُ اللهِ
باستئصالِه كما يستأصلُ الأطباءُ المرضَ الخبيثَ، حتى يستعيد الكونُ توازنه:
- "فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ
وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ" (الدخان 29).
twitter.com/aburtema