نشر موقع
"
قنطرة" تقريرا تحدّث فيه عن تخلي أوغندا عن شركائها
الصينيين واللجوء
إلى
تركيا لبناء خط سكة حديد جديد يربطها بكينيا المجاورة، وذلك في إطار حرص دول
شرق
أفريقيا على تحسين شبكة السكك الحديدية الخاصة بها كجزء من مشروع لعموم أفريقيا.
وقال الموقع،
في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن هذا المشروع توقف منذ سنوات لكن
أوغندا تريد الآن بث حياة جديدة في خط سكة حديدية قياسي يربط عاصمتها كمبالا
بمالابا في كينيا المجاورة، وصولا إلى المحيط الهندي.
ويعد هذا الخط
جزءا من شبكة مخطط لها أكثر شمولا من خطوط السكك الحديدية القياسية المصممة لربط
البلدان الساحلية وغير الساحلية في شرق أفريقيا كجزء من مشروع البنية التحتية
لعموم أفريقيا.
وأنهت أوغندا،
الواقعة على منطقة البحيرات الكبرى الأفريقية، رسميا عقدا بقيمة 2.2 مليار دولار
مع شريكها الصيني.
وفي سنة 2015،
حصلت شركة الصين لهندسة الموانئ على عقد لبناء خط سكة يمتد من كمبالا إلى مدينة
مالابا الكينية الحدودية، وبعد تواصل المفاوضات لسنوات ثم انتشار جائحة كوفيد-19،
رفض بنك الصين للاستيراد والتصدير في نهاية المطاف تقديم التمويل.
وأضاف الموقع
أن احتكار الصين الفعلي لمشاريع البنية التحتية في البلاد يتضاءل على ما يبدو، حيث
صرّح المتحدث باسم المشروع ديفيد موغابي بأن "الحكومة تجري مناقشات مع شركاء
أتراك جدد، وتم التوقيع على مذكرة تفاهم بهدف التوصل إلى عقد نهائي، وهذا يشمل
الاستعدادات الفنية والمالية".
الازدهار
الأفريقي لتركيا
ونقل الموقع
عن يونس تورهان، الخبير في العلاقات التركية الأفريقية في جامعة حاجي بيرم فيلي في
أنقرة، أن تركيا تعمل على توسيع وجودها في القارة الأفريقية، حيث استثمرت أكثر من
1500 شركة تركية ما لا يقل عن 64.7 مليار يورو في القارة، وحسب بياناته، فقد تضاعف
حجم التجارة في العقدين الماضيين وبلغ 27 مليار دولار في سنة 2020.
وأضاف تورهان
أن التعاون المتزايد مع الشركاء الأتراك، الذين تمكنوا من التغلّب على الشركات
الصينية من حيث السعر والسرعة والجودة، يجعلهم أيضا منافسين أقوياء في هذا السياق،
لكن الاستفادة من إمكانات أفريقيا لم يقتصر على الشركات الخاصة وحدها.
وتابع تورهان:
"فتحت تركيا سفارات في أكثر من 40 دولة أفريقية، والخطوط الجوية التركية تشمل
الآن 60 وجهة أفريقية، وبرامج المنح التركية تدعو الأفارقة للدراسة في
تركيا"، مضيفا أن تركيا تزدهر الآن في أفريقيا من حيث القوة الصلبة والقوة
الناعمة مجتمعتين.
ومن بين
الشركات التركية الرائدة في أفريقيا "يابي ميركيزي"، علما بأن أكبر
استثمار أجنبي منفرد من قبل شركة تركية كان خط سكة حديد قياسية أنشأته هذه الشركة
في تنزانيا.
وقد شيّدت
يابي ميركيزي طريقا رئيسيا في أوغندا لقي إشادة كبرى من قبل المواطنين والسياسيين
على حد سواء، لهذا السبب تم تكليف هذه الشركة لتولي المرحلة الأولى من مشروع سكة
حديد أوغندا القياسية، وذلك حسب ما تداولته وسائل الإعلام الإقليمية.
إلى جانب ذلك،
تشتهر الشركة أيضا باتباعها نهجا مختلفا للتمويل، حيث تلعب وكالات ائتمان الصادرات
الأوروبية دورا رئيسيا - وهو نهج سيكون مفيدا لكمبالا بعد إحجام الصين عن تمويل
المشروع.
خطان يعززان
التكامل الإقليمي
رجّح الموقع
أن يكون للمراحل المختلفة لما يسمى بالممر الشمالي والممر المركزي في مشروع خط سكة
الحديد القياسية في شرق أفريقيا علاقة كبيرة بالدور الذي كانت تلعبه الصين في هذه
المشاريع المعنية، إذ حقق الممر المركزي تقدمًا كبيرًا منذ أن أشرفت يابي ميركيزي
على أول أربع مراحل من أصل ستة في المشروع في سنة 2017.
وتقرر افتتاح
خط دار السلام-موروغورو في الأشهر المقبلة منذ أن أثبتت الاختبارات الأولى نجاحها
العام الماضي، أما القسم الثاني الذي يربط موروغورو بالعاصمة دودوما في وسط
تنزانيا وما وراءها، فهو في مرحلته الأخيرة.
وفي كانون
الأول/ ديسمبر الماضي، أشرفت رئيسة تنزانيا سامية صولحو حسن على توقيع المرحلة
السادسة من المشروع، وهو المشروع الأخير الذي تم الشروع في إنجازه وواحد من بين
مشروعين فقط تحت إشراف الشركات الصينية، ومن المقرر أن يكتمل البناء في سنة 2026.
وذكر الموقع أن
صولحو تحدّثت عن شكوكها حول جدوى الديون البالغة 10 مليارات دولار، وشددت على أن
المشروع لن يحقق إيرادات كاملة إلا على المدى الطويل، مضيفة أن: "آلام
التنزانيين اليوم ستكون مكاسب الغد. وأنه عند الانتهاء من برنامج خط سكة الحديد
القياسية، ستكون تنزانيا في وضع أفضل للاستفادة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي
لتسهيل التجارة عبر الحدود".
لقد أصبح
توسيع شبكة السكك الحديدية جزءا من المنافسة الإقليمية، حيث يشكل الخط التنزاني
"الممر المركزي" إلى داخل القارة. وحسب الخبير الاقتصادي الأوغندي إسحاق
خيزا: "تستثمر جميع البلدان في شرق أفريقيا في خط سكة الحديد القياسية لتعزيز
اقتصاداتها، من بينها كينيا وتنزانيا ورواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ونظرا
لموقعها الجغرافي تعتبر أوغندا مركزًا للتجارة الإقليمية".
وأشار الموقع
إلى أن البلاد متأخرة الآن في تنفيذ مشروع خط سكة الحديد القياسية، حيث إن
"الممر الشمالي" في شبكة السكك الحديدية الإقليمية، الذي ينطلق من مدينة
مومباسا الساحلية الكينية، ويفترض أن يربط كيسنغاني في الكونغو وكيجالي في رواندا
وجوبا في جنوب السودان، متوقف الآن في نيفاشا، على بعد حوالي 90 كيلومترًا غرب
العاصمة نيروبي.
حل سريع:
إحياء الروابط الاستعمارية
حتى الآن،
تتقدّم مدينة دودوما على البقية، ويشير جيمس شيكواتي، مؤسس الشبكة الاقتصادية
المشتركة بين المناطق إلى أن "التكلفة المتزايدة للمشاريع الضخمة في كينيا
تُعزى إلى احتلال الكارتلات السياسية لممرات المشاريع الاستراتيجية من أجل كسب
المال، لكن قد لا يكون هذا هو الحال بالضرورة في تنزانيا".
ذكر الموقع أن
خط سكة الحديد القياسية من مومباسا إلى نيروبي يعد أغلى مشروع بنية تحتية في كينيا
حتى الآن. وفي حين أن النظير التنزاني يدار بشكل مستقل من قبل شركة السكك الحديدية
التنزانية، فإن مشروع الهيبة الكينية لا يزال في أيدي المشغلين الصينيين. علاوة
على ذلك، تم ربط استخدام الميناء بنقل البضائع عبر السكك الحديدية، وهو امتياز
للصين عكسه ويليام روتو فور توليه منصبه في أيلول/ سبتمبر 2022.
في المقابل،
يبدو أن كينيا وأوغندا تتبعان نهجًا ذا شقين: إذ يتم إصلاح خطوط السكك الحديدية
الضيقة من الحقبة الاستعمارية تدريجيا بمعدل استثمار أقل من أجل تحقيق اتصال سلس
مع الكونغو وجنوب السودان في أسرع وقت ممكن. ولكن هذه الخطوط أقل مرونة من نظام
السكك القياسي.
ويقول الخبير
الاقتصادي شيكواتي في نيروبي إن الاستثمار في سكك الحديد القياسيّة الجديدة سيؤتي
ثماره على المدى الطويل، حيث أن الدين ليس بالضرورة أمراً سيئا، والأهم من
ذلك أن هذا الدين يخدم الغرض "الصحيح"، وهو تحفيز التنمية.