يتصاعد
السجال
الإسرائيلي الداخلي بوصول الاتهامات المتبادلة إلى مستويات غير مسبوقة، تمثلت
بإعلان رئيس الأركان السابق غادي إيزنكوت أن "هناك تهديدات أمنية ضدنا لا أتذكرها
منذ سنوات، إنها فقدان السيطرة على الدولة، ولأن هناك وزراء أرادوا الانخراط في السياسة،
لكنهم الآن يزيدون من الواقع الفوضوي، وبالتالي فقد خلقت حكومة نتنياهو مأزقاً سياسيا
واضطرابًا عميقًا، وبدلاً من تعزيزها للردع الأمني، فإنها تفضل الترويج لانقلاب
قانوني".
سيفان
هيلاي مراسلة صحيفة "
يديعوت أحرونوت" للشؤون الحزبية، نقلت عن إيزنكوت أن
"هناك سلسلة من الإخفاقات الأمنية للحكومة، ستؤدي بالدولة إلى المنحدر الزلق الذي
تسير فيه، وسط تقارب التهديدات الأمنية تجاهنا التي لا أتذكرها منذ سنوات عديدة، والمشكلة
الكبرى هي سلسلة من القرارات التكتيكية الخاطئة، سواء من قبل وزير الأمن القومي
إيتمار بن غفير الذي يكسر سلسلة القيادة على رأس قائد الشرطة، ويصدر إعلانًا سخيفًا
حول عملية "السور الواقي2"، أو نقل صلاحيات الإدارة المدنية إلى وزير المالية
بيتسلئيل سموتريتش، مما يشير إلى حجم الحماقة التي تخلق اضطرابا عميقا".
وأضاف
في تقرير ترجمته "عربي21" أن "الحكومة الجادة التي تستحق ثقة الجمهور
تركز على تحديات الأمن القومي، وتحدد أجندة مختلفة تمامًا عن الأجندة التي تقودها اليوم،
لأنها قلبت أولوياتها 180 درجة، حيث توجد تهديدات وجودية محتملة، وبدلا من التعامل
مع التهديدات والتحديات، فإنها تتصرف لتحقيق الانقلاب القانوني الذي تسعى إليه".
مئير
كوهين عضو الكنيست من حزب "يوجد مستقبل" دعا إلى حجب الثقة عن الحكومة، لأنها
"جعلت إعلان استقلال الدولة خاليًا من المضمون، وباتت تحكمها بمنطق استبداد الأغلبية
الذي سيقود الإسرائيليين لمزيد من المشاكل والانقسام الداخلي".
صحيفة
"
يديعوت أحرونوت" ذكرت أن "رام بن باراك نائب رئيس الموساد السابق،
وعضو الكنيست من حزب "يوجد مستقبل"، أثار ضجة عندما ذكر كلمة "النازيين"
في خطابه في الجلسة العامة للكنيست، مخاطبا نتنياهو: هل تعتقد أننا سنوافق على العيش
في ظل ديكتاتوريتك، نحن لسنا مجريين أو بولنديين، مع العلم أنه في ألمانيا
النازية
وصلوا إلى السلطة بطريقة ديمقراطية، والنتيجة أننا اليوم منقسمون، إسرائيل تخسر، ونحن
في أسوأ حالة فوضى، ولن نسمح بحدوث هذا، لأن خطوات الحكومة غير شرعية، وسنعارضها، لن
نسمح لها بتدمير ما بنيناه طيلة 75 عاما، ما تفعله أسوأ من كل الأنظمة التي لا نريد
أن نكون مثلها تركيا وهنغاريا وبولندا".
وأضافت
في تقرير ترجمته "عربي21" أن "نتنياهو اتهم المعارضة بأنها خرجت عن
القضبان، لأن مقارنة الحكومة بالنازيين أمر مخجل وفاضح، زاعما أن قادة الاحتجاج المعارض
حاولوا حبس أعضاء الائتلاف في منازلهم، وتدنيس العلم الإسرائيلي في الكنيست، أما وزير
الأمن القومي ايتمار بن غفير فزعم أن المعارضة تجاوزت كل الخطوط الحمراء، بدءًا بإغلاق
منازل النواب والوزراء، والانتقال للفوضى وإقامة الحواجز، والآن تتم مقارنتنا بالنازيين،
هذه مقارنة مخزية".
لم يتوقف
تبادل الاتهامات عند التصريحات الإعلامية، فقد كشفت أوساط سياسية أن رئيس جهاز الأمن
العام- الشاباك رونين بار طلب عقد لقاء مع زعيم المعارضة يائير لابيد بعد تحذيرات عديدة
حول إلحاق الأذى به، وزيادة التهديدات على حياته، لأن حجم التحريض وكمية التحذيرات
والتهديدات ضد حياته أصبحت مجنونة.
موران
أزولاي المراسلة السياسية لصحيفة "
يديعوت أحرونوت" كشفت أن "بار التقى
في الأيام الأخيرة مع سلسلة من السياسيين من طرفي الخريطة السياسية، وطالبهم بالعمل
على تهدئة الأوضاع المتصاعدة داخليا، على خلفية تزايد التهديدات ضد الشخصيات العامة،
وتزايد خطاب الكراهية على شبكات التواصل الاجتماعي، لأن الشاباك قلق من الغضب المتزايد
والخوف من أن يؤدي ذلك لزيادة احتمالات العنف الذي قد يضر باستقرار الدولة".
وأضافت
في تقرير ترجمته "عربي21" أن "بار التقى بوزير القضاء ياريف ليفين ووزير
الأمن القومي إيتمار بن غفير، وأعلن لابيد أن الحكومة سارت خطوتها الأولى لأن تصبح
إسرائيل دولة غير ديمقراطية، على طريق إلغاء الديمقراطية فيها، بل تواصل الفوضى من
أجل تشريعات متسرعة وغير مسؤولة، ولم يحدث نقاش حقيقي حول الضرر الرهيب الذي سيحدث
للاقتصاد، ومعيشة كل واحد منا بسببها، فضلا عن المخاطر الأمنية، وتمزيق شعب إسرائيل،
فيما زعم يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء، أن الشاباك متورط في انقلاب ضد والده".
تكتسب
هذه التحركات الأمنية الإسرائيلية كثيرًا من الأهمية في ضوء ما أثارته الساحة الداخلية
من تبادل الاتهامات بين أوساط الحلبة السياسية والحزبية، ما ساهم بتسميم الأجواء وقد
تؤدي للقتل في النهاية، واليوم بعد مرور أكثر من ربع قرن على الاغتيال السياسي الأول
في دولة الاحتلال باستهداف إسحاق رابين في 1995، فإن ما تشهده من خلافات وتباينات متعمقة
قد تهدد بنشوب مزيد من العواصف المدوية التي قد تنتهي باغتيال دموي.
مع العلم
أن مظاهرات السبت الأسبوعية التي دخلت أسبوعها السابع تتزامن مع خشية متصاعدة من تدهور
الأوضاع الداخلية بسرعة كبيرة لأماكن سيئة للغاية، قد يصل ذروته لتنفيذ عملية اغتيال،
تمثل نقطة تحول، وأزمة مروعة لدولة الاحتلال.