من الأمور
التي تدعو للدهشة والغرابة والألم حقاً أن يجد المراقب والمتابع أنّ رئيس دولة
يزور منطقة منكوبة بالزلازل وهو يبتسم كأنه ذاهب إلى شاطئ بحر أو مكان سياحي بديع،
أو حديقة جميلة، وليس إلى مكان منكوب وأهاليه تحت الأنقاض ميتون وأحياء على حد
سواء..
هذا
المشهد وحده كاف ليبين حجم المصاب الذي ألمّ بالسوريين موالاة ومعارضة عدا عن
الزلزال نفسه، تجد الرئيس التركي -رغم ملاحظات الكثيرين عليه ورغم عدائه الشديد
وغير المبرر للكرد في كل مكان- إلا أنه أدى ويؤدي دور الرئيس المتألم لشعبه. قد
يقول البعض إنّ غاياته انتخابية، أقول لهم مهما كانت الغايات فالرجل احتضن المتأثرين
بالزلازل ونزل إلى شوارع المناطق المنكوبة وتفاعل مع جمهوره بكفاءة نادرة، رغم الفساد الذي ساد قطاع البناء وجعل هذه الأبنية تتهدم بسرعة
فائقة في حين بقيت أبنية أخرى صامدة، وهذا برهان فساد أكيد مؤكد.
النظام
فرح بتلقي المساعدات من عدة جهات عربية ودولية واستقبل مساعدات حتى من الإدارة
الذاتية، في حين سيّست
تركيا (ومعها الفصائل المعارضة) المتصالحة مع كل أعدائها
عدا الكرد منهم المساعدات، إذ رفضت استقبال مساعدات الإدارة الذاتية بحجة أنّ
استلام المواد معناه اعتراف بالإدارة.
يشعر
النظام أنه قد انتعش بهذه المساعدات، وهو يشيع عربياً مستغلاً كارثة الزلازل أن
المساعدات لا تصل بسبب العقوبات المفروضة على النظام وبفعل قانون قيصر، وهو يسرق
المعونات الهائلة التي قُدمت إليه عبر المطارات التابعة له والمعابر البرية.
والأمر
الغريب والمريب هو تقاعس الأمم المتحدة عن تقديم المساعدات وتأخرها في ذلك والناس
تحت الأنقاض وفي العراء، وفي ظل ضعف الخدمات الغذائية والطبية وتذرعها (الأمم
المتحدة) بأنها كانت تنتظر موافقة النظام لفتح المعابر التي لا تقع تحت سيطرته إنما
تحت سيطرة قوى المعارضة. وهي لعمري مفارقة غريبة عجيبة، ألهذه الدرجة تحترمون نظام
القتل والبراميل والكيماوي والإجرام؛ إلى حد تطلبون موافقته لفتح معابر لكارثة إنسانية
كبرى لا تحتمل تأجيل المساعدة دقيقة فما بالكم بخمسة أيام بلياليها؟!
سيحاول
النظام ما استطاع من إمكانات سياسية وإعلامية أن يلمّع من وجهه البشع، لكن كل
مساحيق السياسة والتزييف لن تزيل سواد وجهه القبيح الذي قتل مليوناً وزج نصف مليون
بالسجون وشرد نصف الشعب السوري في المنافي.
وختاماً
يمكن القول إنّ النظام لا يهمه الشعب السوري ولم يعلن الحداد وهذا لا يحدث في أي
دولة تحترم نفسها في العالم.
ولم
يبق لنا إلا القول مع الشعب السوري "ما لنا غيرك يا الله".. كان الله في
عون السوريين في مآسيهم المتلاحقة واحدة إثر أخرى.