مع صعود
اليمين الديني في دولة الاحتلال عقب الانتخابات الأخيرة، والتوجه الجاري لـ"تديين"
الدولة، وتحويلها إلى "حكم الشريعة اليهودية"، فقد كشفت معطيات رسمية أن
الميزانيات الدينية في
إسرائيل أعلى عدة مرات من باقي دول العالم، وهناك المزيد من
الإضافات الموعودة كجزء من اتفاقيات التحالف الحكومي، مع أنه في معظم البلدان لا تخصص
ميزانية للمؤسسات الدينية، وفي بعضها تعيش على التبرعات، وأخرى تحصل على أموالها من
"ضريبة الكنيسة" التي يدفعها المؤمنون بها فقط.
تاني
غولدشتاين مراسل موقع "
زمن إسرائيل" كشف أن "ميزانية الدولة للعام الجديد،
التي تخضع حاليًا لمناقشات ساخنة في وزارة المالية، ستحتوي على زيادة كبيرة في الخدمات
الدينية، وميزانيات المدارس التوراتية، لأن الاتفاقات الائتلافية بين الليكود والأحزاب
الدينية مثل "يهودوت هاتوراه، وشاس، وناعوم، والصهيونية الدينية"، تتطلب
زيادة كبيرة في الميزانيات الدينية التي لا تعدّ ولا تحصى، وبشكل أكثر دقة للديانة
اليهودية المتطرفة، لأن المفاوضات الائتلافية تضمنت إضافة ميزانيات ومعايير ورواتب
وهياكل للحاخامات والمحاكم الحاخامية، وإضافة حاخامات ومعابد في المدن".
وأضاف
في تقرير مطول ترجمته "عربي21" أنه "تم الاتفاق على تخصيص ميزانية بمليار
شيكل لمحتويات التقاليد والهوية اليهودية في التعليم والثقافة في المدارس الأرثوذكسية
المتشددة التي لا تدرس الدراسات العلمية، ومضاعفة مخصصات الكهنة، وقد أنشأت الحكومة
وزارة جديدة اسمها "تراث إسرائيل" من مهامها غرس التقاليد الدينية، وإضافة
قسم لتعزيز الهوية اليهودية بمكتب رئيس الوزراء، بجانب الميزانيات المخصصة لوزارات
الأديان والداخلية والتعليم، كل هذا يحدث في دولة حيث ميزانيات الخدمات والمؤسسات والدراسات
الدينية ضخمة للغاية".
ورصد
أن "ميزانية وزارة الخدمات الدينية لعام 2022 بلغت 540 مليون شيكل (الشيكل يساوي 0.28 دولار)، وتشمل الحاخامية
الرئيسية 40٪ من رواتب حاخامات المدن ومشرفي المجالس الدينية، ودعما حكوميا للسلطات
المحلية لإنشاء وصيانة المعابد والكنس، وميزانية وزارة الأديان، حيث دفعت السلطات المحلية
في 2022 حوالي 146 مليون شيكل لتغطية 60٪ من رواتب موظفي المجالس الدينية. وهناك ميزانية
منفصلة للمحاكم الحاخامية بـ190 مليون شيكل، يضاف إليها ميزانية الدعم للقضايا اليهودية
لوزارة التعليم، بلغت 1.25 مليار شيكل، ولا تشمل نظام التعليم الديني الحكومي المتطرف،
وفي بعض مدارسها تتم دراسة العلوم الدينية فقط".
وأكد
أنه "في المجموع فقد بلغت الميزانية الحكومية والعامة للشؤون الدينية في 2022
حوالي 2.03 مليار شيكل، مع أن الميزانية الإجمالية للحكومة هي 465 مليار شيكل، أي أن الإنفاق
العام على الدين بلغ 0.4٪ من إنفاق الدولة، بجانب إنشاء وترميم المعابد اليهودية وميزانية
الحاخامية العسكرية والشرطة وزيادة تكلفة المعيشة على الطعام الحلال وحفظ حرمة السبت؛
بمئات الملايين سنويًا، وتتلقى الجمعيات الدينية الخاصة مليارات سنويًا من التبرعات
من المنظمات اليهودية في إسرائيل والولايات المتحدة، مع أنه لا توجد دولة متطورة في
العالم تخصص مبلغًا قريبًا من هذا للشؤون الدينية".
ووضع
الكاتب يده على تمييز ديني في نفقات دولة الاحتلال، حيث "يحصل المسيحيون والمسلمون
والدروز على 5٪ فقط من ميزانيات المؤسسات الدينية، رغم أنهم يشكلون أكثر من 20٪ من
السكان".
تكشف
هذه الأرقام عن دلالات خطيرة حول ما تشهده دولة الاحتلال من تراجع الغالبية العلمانية
في مواجهة التأثير الديموغرافي للمتدينين المتطرفين على هويتها، ما دفع عددا من الأوساط
السياسية للمطالبة باتخاذ سلسلة من الإجراءات، كوقف جميع أشكال الدعم للمؤسسات التعليمية
التي لا تقوم بتدريس الدراسات الصهيونية، ومن لا يلتحقون بالجيش، والمدارس التي يتعلمون
فيها، التي تحوز موازنات مالية هائلة.
يذكر أن
التخوف الإسرائيلي المتوقع في المستقبل المنظور، مصدره أن القوة التصويتية لليهود المتدينين
قد تزيد ثلاثين مرة على القوة التصويتية لنظرائهم العلمانيين؛ فمقابل كل ناخب لأحزاب
اليسار واليمين، سيكون هناك ثلاثون ناخبا للأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة، وخلال فترة
تزيد قليلا على جيل واحد، سيكون بإمكان هؤلاء المتدينين تعيين نصف نواب الكنيست، ولن
تكون هناك إمكانية لتشكيل حكومة صهيونية وليبرالية، لا سيما مع ارتفاع حجم ما يحصلون
عليه من موازنات ودعم حكومي.