على غرار الحكومات السابقة، بقي بنيامين
نتنياهو رئيس الحكومة
الإسرائيلية محتفظا حتى اللحظات الأخيرة بحقيبة خاصة بأحد
أكثر المقربين منه، وهو رون دريمر 51 عاما،
سفير الاحتلال السابق في الولايات
المتحدة، والذي يثق به بشكل أعمى، بل إنه رشحه سابقا ليحل محله رئيسا للوزراء في
المستقبل.
وقام نتنياهو بتعيينه وزيرا للشؤون
الاستراتيجية، لكن مهمته الفعلية هي "وزير الخارجية للشؤون الأمريكية، وملف
إيران والقضايا الحساسة، والقيام بدور رئيسي في التطبيع مستقبلا مع دول مثل
السعودية".
ايتمار آيخنر، المراسل السياسي لصحيفة يديعوت
أحرونوت، أكد أن "دريمر، الوزير الجديد للشؤون الاستراتيجية وعضو مجلس
الوزراء السياسي والأمني، سيكون أقرب شخص لنتنياهو، وبمثابة وزير خارجية بحكم
الأمر الواقع في الحكومة الجديدة، باعتبار أنه رجل الثقة والاطمئنان الذي يثق به،
وعيناه مغمضتان، ويأخذ بنصيحته، رغم أنه أربكه أكثر من مرة، حين أقنعه أن ميت
رومني سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 2012، ويتهمه الأمريكيون بأنه
حرض نتنياهو لإلقاء خطابه أمام الكونغرس رغم أنف الرئيس السابق باراك أوباما في
2015".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن
"الحزب الديمقراطي برئاسة الرئيس جو بايدن ليس من المتوقع أن ينسوا هذا
الموقف لدريمر، بل إن بعضهم اعتبره "ورقة حمراء"، ووصفوه لسنوات بأنه
"ممثل الحزب الجمهوري" أكثر من كونه سفيرا لإسرائيل في واشنطن، لكنهم في
الوقت نفسه، سامحوه، وينظرون إليه بأنه جهة اتصال موثوقة وهامة، ويعتبرونه مؤثرا
على أذن نتنياهو، ويفهم لغتهم، ويعرفون كيفية التعامل معه، ولديه معرفة عميقة
بالجميع في الكونغرس: ديمقراطيون وجمهوريون على حد سواء".
وكشف أنه "عندما كان سفير إسرائيل امتازت
علاقة دريمر بالودية للغاية مع بايدن، حين كان نائب أوباما، وقد درس الاقتصاد في
الولايات المتحدة وإنجلترا، ومنذ ثلاثة عقود تعرف على نتنياهو، وأصبح مستشاره،
وأحد كتّاب خطاباته، واكتسب خبرة فيها، ومع مرور الوقت تقرب من الإدارات
الأمريكية، خاصة إدارة الرئيس السابق جورج بوش الابن، ووزيرة خارجيته كوندليزا
رايس، وأصبح وزيراً للمالية في حكومة أرييل شارون 2003، ثم مبعوثا اقتصاديا في
واشنطن حتى 2008، وتنازل عن جنسيته الأمريكية لصالح الإسرائيلية فقط".
وأشار إلى أنه "عمل مستشارا لنتنياهو في
انتخابات 2009، وفي 2013 بدأ عمله سفيرا في واشنطن حتى 2021، وطوال هذه السنوات
واصل مساعدة نتنياهو بكتابة خطاباته بالإنجليزية والعبرية، واعتمد بشكل أساسي على
نصائحه، حتى أن الأخير اعتبره في محادثات مغلقة من أنسب من سيحل محله رئيسا
للوزراء في المستقبل، ويرى فيه يده اليمنى بصياغة خطاباته ورسائله، وعادة ما يتحدث
معه بالإنجليزية فقط، وعندما كان سفيراً في واشنطن كان يطلبه ليأتي لإسرائيل عدة
مرات في الشهر الواحد".
وكشف أنه "تم الاحتفاظ بغرفة دائمة لدريمر
قرب مكتب رئيس مجلس الأمن القومي، واعتاد الوصول لمنزل نتنياهو ليل نهار، بما فيها
أيام الجمعة والسبت، حتى ساعده بإعداد سيرته الذاتية، مع أنه مقرب جدا من سارة
زوجة نتنياهو، ولذلك أراد الأخير دمجه في الحكومة بأي ثمن، في البداية عرض عليه
منصب رئيس مجلس الأمن القومي، لكنه رفض، وبعد ضغوط منه، وافق على دخول الحكومة، ولكن فقط إذا حصل على حقيبة الخارجية، لكن الانتقادات الداخلية في الليكود
ردعته".
وأشار إلى أن "نتنياهو في النهاية أقنعه
بتعيينه وزيرا للشؤون الاستراتيجية، رغم إغلاق الوزارة من قبل حكومة لابيد، ودمجها
بوزارة الخارجية، والآن سيتم نقل جميع الصلاحيات ذات الصلة مرة أخرى من الخارجية
إلى مكتب دريمر، الذي سيكون أمامه على طاولته 20 ملفا حساسا، منها 13 ملفاً فقط
تتناول حرب ومقاطعة إسرائيل، ويحتمل نقلها لوزارة الشتات، حتى يتفرغ لملفات أهم
وهي التطبيع، لأنه كان منخرطًا حتى رقبته في صياغة اتفاقات التطبيع مع البيت
الأبيض تحت قيادة دونالد ترامب".
تكشف هذه التفاصيل أن دريمر في هذه الحالة
سيكون رجل نتنياهو السري للإدارة الأمريكية، وفي الواقع وزير الخارجية للشؤون
الأمريكية وإيران وقضايا حساسة أخرى، كما يخطط لقيامه بدور شخصية رئيسية في
المفاوضات من أجل اختراقات تاريخية مع السعودية وسلطنة عمان ودول إسلامية أخرى،
كما سيكون عضوا في مجلس الوزراء السياسي والأمني، وسيكون الإصبع السحري الذي يمكن
لنتنياهو الاعتماد عليه.
مع العلم أن تعيين دريمر في هذا المنصب الحساس
يهدد بشكل كبير منصب وزير الخارجية الجديد إيلي كوهين، لأن نتنياهو سيشغل عمليا
منصب وزير الخارجية الحقيقي في رحلاته إلى الخارج، والاتصالات التي سيجريها لتوسيع
اتفاقيات التطبيع، مما سيتعين على كوهين التأكد من عدم قيام دريمر بتجريده من
السلطات المتبقية لديه كوزير للخارجية.