توقعت المحامية والناشطة
الإيرانية البارزة والحائزة على جائزة نوبل للسلام،
شيرين عبادي، انهيار
النظام الإيراني خلال عامين، مُشدّدة على أن "هذا النظام وصل إلى طريق مسدود بدستوره، ولا يمكنه مطلقا إدارة البلاد مستقبلا، ولا خيار أمامه سوى السقوط الذي بات للمرة الأولى أمرا حتميا"، وفق قولها.
وأكدت، في حديث خاص لـ"عربي21"؛ أن "سقوط النظام عملية جارية ويجب استكمالها حتى النهاية. لقد فقدت الحكومة الإيرانية ظهيرها الشعبي بالكامل، وخير دليل على ذلك تنوع
المتظاهرين في الاحتجاجات؛ من أطفال المدارس الثانوية إلى موظفي الحكومة إلى أساتذة الجامعات والطلاب من سيستان وبلوشستان والبلوش والأكراد والأتراك، الجميع يحتجون".
وأضافت عبادي: "بالطبع بعض الناس في الشوارع وبقية المتظاهرين صامتون الآن. بحسب ظروفهم، أو بسبب الخوف، لا يمكنهم النزول إلى الشارع؛ فهم يخافون على حياتهم، لكنهم أيضا غير راضين. وإذا ما تم إجراء استفتاء شعبي اليوم على بقاء الجمهورية الإسلامية في إيران أو استمرارها، فإن تلك الجمهورية ستفشل بكل تأكيد".
"ثورة حقيقية"
وعبّرت عبادي (76 عاما) عن دعمها وتضامنها الكامل مع الاحتجاجات المستمرة في إيران، قائلة: "أنا فخورة جدا بالنساء والشباب الإيرانيين الذين يدفعون ثمن الحرية والديمقراطية لشعب إيران بحياتهم. نحن أمام ثورة حقيقية، وحتما ستحقق أهدافها المأمولة".
ونوّهت إلى أن سبب استمرار تلك الاحتجاجات حتى الآن، هو "كتلة المطالب التي لم يتم الوفاء بها للشعب الإيراني طيلة 43 عاما، وأظهرت أن الإصلاحات في إيران مستحيلة ولا جدوى منها. وإلى جانب عوامل أخرى، دفعت الناس إلى البقاء في الشارع للوصول إلى النتيجة النهائية".
وشدّدت عبادي على أن "هذه الاحتجاجات تعرض شرعية النظام الإيراني للخطر، وستستمر هذه الاحتجاجات حتى الانقلاب على النظام. هذه الاحتجاجات بخصائصها هي بداية نهاية المنظومة الإيرانية الحاكمة"، مضيفة: "يجب أن تلاحظ أن السقوط عملية تستغرق وقتا، وقد تستغرق عامين. لكن المهم أن هذه العملية قد بدأت بالفعل".
احتجاجات مختلفة
وأردفت: "حركة الاحتجاجات الراهنة لها عدة اختلافات كبيرة مع الاحتجاجات السابقة التي كانت تقوم على مطلب واحد؛ فمثلا في عام 2009، احتج الناس على نتائج الانتخابات وقالوا إنها مزورة. وفي 2019، كانت هناك احتجاجات على ارتفاع سعر البنزين. وفي عام 2017، كانت هناك احتجاجات عامة ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية. لذلك، طالب كل من هؤلاء بمطالبه، لكن مطلب الشعب في احتجاجات عام 2022 هو إسقاط النظام".
واستطردت قائلة: "في الاحتجاجات السابقة، نزلت مجموعات معينة إلى الشارع، لكن في الاحتجاجات الحالية، ولأول مرة، نزل طلاب المرحلة الثانوية إلى الشارع، والمثير للاهتمام أن طالب الثانوية نزل إلى الشارع بجوار جده وجدته، وأولياء الأمور، وهذا يعني أنه يمكنك رؤية كبار السن في هذه الحركة الهائلة".
وأشارت عبادي، وهي أول قاضية في إيران قبل اندلاع "الثورة الإسلامية" في إيران، إلى أنه "تم اعتقال ما لا يقل عن 300 طالب في هذه الاحتجاجات. وهذه هي المرة الأولى التي يخرج فيها طلاب المدارس الثانوية والأشخاص دون سن 18 عاما إلى الشوارع، ويثيرون مطالب سياسية في احتجاج".
"تراجع قوة القمع"
كما أوضحت الحقوقية الإيرانية البارزة أن "الاحتجاجات الحالية بصدد الدخول للشهر الرابع على التوالي، بينما الاحتجاجات السابقة انتهت بعد فترة قصيرة، على سبيل المثال أسبوع أو عشرة أيام بعدما قمعتهم الحكومة وخاف الناس وعادوا إلى بيوتهم، لكن هذه المرة لن يعود الناس إلى منازلهم. إنهم مستمرون في الاحتجاجات ولن يتراجعوا".
ولفتت إلى أنه "في كل الاحتجاجات السابقة التي شهدتها إيران، كان الناس يتجمعون في مكان واحد، وقوة القمع تقوم بسهولة بقمع قلة من الناس، وتقتل عددا، و كل شيء ينتهي، إلا أن الناس الآن تعلموا جيدا مما حدث في السابق، وهم يتجمعون ويحتجون في مناطق مختلفة، وهذا يؤدي إلى انخفاض قوة القمع، وعليهم استخدام القوة التي لديهم 24 ساعة في اليوم لمحاولة قمع أصوات المعارضة".
وواصلت عبادي حديثها بالقول؛ "لأن قوة القمع منخفضة؛ فقد استأجروا مرتزقة ودفعوا لهم ليأتوا إلى الشارع من أجل الاعتداء على المحتجين. هذه الاختلافات الكبيرة جعلت هذه الاحتجاجات مختلفة تماما عن سابقاتها، وأصبحت مقدمة حقيقية لنهاية النظام الإيراني الحاكم".
وتابعت: "الشعب يريد سقوط النظام بقلب واحد وصوت واحد، وكما رأينا فالحكومة لم تستطع قمع هذه المظاهرات، وإذا افترضنا أنها أخافت الناس وأعادتهم إلى البيوت عبر اللجوء إلى القمع الشديد، فسنرى أنه بعد فترة ستظهر الاحتجاجات مرة أخرى من مكان آخر، ولن تنجح فيما تهدف إليه هذه الحكومة".
في حين ذكرت أنه "ليس كل الشعب الإيراني ضد النظام؛ فهناك ما بين 10 و15% مؤيدون للحكومة. وهم أولئك الذين يتمتعون بدرجات مختلفة من السلطة السياسية، أو لديهم مصالح اقتصادية مقابل الاقتراب من الحكومة، ويفضلون النظام تحت أي ظرف من الظروف لمصالحهم الشخصية، لكنهم علموا على وجه اليقين أن الـ 85% الباقية هم بالتأكيد ضد النظام".
يشار إلى أنه في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2003، حصلت عبادي على جائزة نوبل للسلام، لجهودها في الدفاع عن حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية، وكانت المرة الأولى التي تمنح فيها هذه الجائزة لامرأة مسلمة.
مقتل مهسا أميني
ومنذ 16 أيلول/ سبتمبر الماضي وحتى الآن، تتواصل احتجاجات في أنحاء إيران؛ إثر وفاة الشابة المنحدرة من أصول كردية مهسا أميني (22 عاما)، بعد 3 أيام على توقيفها لدى "شرطة الأخلاق" المعنية بمراقبة قواعد لباس النساء، مع اتهامات للشرطة بتعذيبها، وهو ما تنفيه السلطة.
وأثارت الحادثة غضبا شعبيا واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية في إيران، وسط روايات متضاربة عن أسباب الوفاة.
والأربعاء، أعلنت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، ومقرها النرويج، عن ارتفاع عدد قتلى المظاهرات إلى 476، مشيرة إلى أن 34 منهم نساء، و64 تحت سن الـ18.
وبحسب الأنباء التي تناقلتها وسائل الإعلام الإيرانية، قُتل أكثر من 60 من رجال الأمن خلال المظاهرات الغاضبة.
وتلقي الحكومة باللوم في الاضطرابات على متظاهرين يهدفون إلى تدمير الممتلكات العامة، وتقول إن أعداء من بينهم بريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية قاموا بتدريبهم وتسليحهم.
وتتعرض إيران لسلسلة من العقوبات الأمريكية منذ عام 2018، عندما سحب الرئيس دونالد ترامب بلاده من الاتفاق النووي لعام 2015 بين طهران والقوى الدولية الكبرى.