قال النائب في البرلمان
اللبناني ورئيس "تيار الكرامة"،
فيصل كرامي،
إن "فرص وقف إطلاق النار في لبنان شبه معدومة؛ فما يجري على المستوى الدبلوماسي
هو مفاوضات من أجل المفاوضات، وحكومة نتنياهو تسعى لتقطيع الوقت بانتظار مُستجدات
ما بعد الانتخابات الأمريكية".
وأكد، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "لبنان لن يتخلى عن جبهة
غزة، والمقاومة لن تسمح لإسرائيل بتقسيم الجبهات، وأي محاولة لفصل جبهة لبنان عن غزة
لن تنجح، بل ستزيد من تعقيد الأمور لصالح
إسرائيل"، لافتا إلى أن "الحرب
ضد إسرائيل هي جزء من مشروع مقاوم شامل ولا يمكن للبنان أن يظل بعيدا عن التحديات التي
تواجهها غزة".
وانتقد كرامي الأمم المتحدة لمواقفها الضعيفة في حماية السيادة اللبنانية، مُتهما
إياها بالعجز أمام إسرائيل، منوها إلى أن "المجتمع الدولي ينتهج ازدواجية واضحة
في معايير حقوق الإنسان والسيادة؛ فبينما يُطالب لبنان بضبط النفس والدخول في مفاوضات
نرى صمتا مطبقا على الجرائم الإسرائيلية المتكررة بحق شعبنا وأرضنا".
وفيما يخص الانتخابات الرئاسية اللبنانية، تحدث السياسي اللبناني البارز عن
التحديات الداخلية المُتمثلة في الانقسامات الحادة، مؤكدا أن الحل السياسي يتطلب توافقا
بين القوى السياسية، مع ضرورة تجاوز الحسابات الضيقة.
ودعا كرامي الأحزاب السياسية اللبنانية إلى الوحدة في مواجهة العدوان الإسرائيلي،
مُشدّدا على أن الفرصة الوحيدة لتحقيق الاستقرار تكمن في العمل الجماعي بعيدا عن المصالح
الشخصية.
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
ما فرص وقف
إطلاق النار في لبنان في ظل التحركات الدبلوماسية الأخيرة؟
أعتقد أن الفرص شبه معدومة، وما يجري على المستوى الدبلوماسي هو مفاوضات
من أجل المفاوضات، أي أن حكومة نتنياهو تسعى لتقطيع الوقت بانتظار مُستجدات ما بعد
الانتخابات الأمريكية.
هل الحرب لن تتوقف إلا عبر المسار
الدبلوماسي فقط؟
بالتأكيد، لا توجد حرب في التاريخ إلا وانتهت
بمفاوضات وحلول دبلوماسية، لكن الظروف التي تقود للحل الدبلوماسي هي ظروف ميدانية
ووقائع يفرضها واقع الأرض والميدان.
كيف تقيّمون الجهود والمساعي التي
يقوم بها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في هذا الصدد؟
الرئيس بري رجل مواقف، ورجل مناورات،
ورجل تفاوض، وخبير دبلوماسي من الدرجة الأولى ومن الطراز الرفيع. ونحن نشهد يوما
بعد يوم أن الرئيس بري يقود المفاوضات والمساعي وفق عنوانين: الأول يتعلق بمصلحة لبنان العليا، والثاني المرتبط بالأول هو أن مصلحة
لبنان لا تتحقق بالاستسلام لشروط وإملاءات العدو الصهيوني.
وفق معلوماتكم، هل نبيه بري لديه
تفويض بكامل الصلاحيات من حزب الله بخصوص المفاوضات وتطبيق القرار الأممي 1701؟
أنا لا أريد الحديث عن معلومات، ولا داعي لأن
أمتلك معلومات مُحددة. يكفي أن نعود لما يصدر بشكل رسمي عبر بيانات المقاومة بشأن
هذا الأمر، لا سيما ما جاء على لسان الأمين العام الجديد لحزب الله الشيخ نعيم
قاسم، لنكتشف ونتأكد أن لدى المقاومة ثقة كاملة بالرئيس بري.
ونعم، لدى الرئيس بري تفويض بكامل الصلاحيات
لقيادة المفاوضات بالشكل الذي يحقق الأهداف العليا للمصلحة اللبنانية.
كيف تردّون على الأقاويل التي
يردّدها البعض بأن إيران تتفاوض بالنيابة عن لبنان في هذا الملف؟ وما أبعاد الدور
الإيراني في الأزمة اللبنانية الراهنة؟
أريد أن أقول إن إيران ليست بعيدة عن الحرب
الدائرة، والدليل ما يجري بين إسرائيل وإيران من ردود وردود مضادة. أي أن ما
شهدناه من اعتداءات إسرائيلية على الدولة الإيرانية وما تلاها من ردود إيرانية على
الكيان الصهيوني يؤكد أن إيران ليست بعيدة عما يجري في فلسطين المُحتلة ولا عما
يجري حاليا في لبنان.
لكن القول إن إيران تتفاوض نيابة عن لبنان هو
جزء من الدعاية المشبوهة التي تمارسها وسائل إعلام معروفة الارتباطات والأدوار
للأسف.
لا، ليس صحيحا أن إيران تتفاوض نيابة عن
لبنان. وإيران أذكى من أن تقوم بهذا العمل، كما أن لبنان، أو المقاومة اللبنانية
تحديدا، ليست مضطرة لتفويض إيران بهذا الدور.
هل تنفيذ القرار الأممي 1701 يمكن
أن يؤدي إلى وقف الأعمال العدائية وتأسيس مرحلة جديدة في لبنان؟ وكيف يمكن تفعيل
هذا القرار في ظل الخلاف على آلية التنفيذ؟
نعم، إن القرار 1701 هو إحدى الوسائل
المطروحة لإيقاف كل ما يجري، أو بالأحرى ليكون جزءا من حل متكامل. هذا الحل المأمول يبدأ بوقف العدوان على غزة وفق شروط المقاومة
الفلسطينية، ومتى تحقق ذلك يصبح كل شيء ممكنا.
أما بالنسبة للاختلاف حول آلية تطبيق القرار
1701؛ فهذا من جملة الذرائع الصهيونية التي اعتدنا عليها؛ فهم يحمّلون القرار ما
ليس فيه، ونحن في لبنان نؤكد أن القرار واضح، ولا ينبغي التلاعب فيه أو الاحتيال
عليه. إما أن يُطبّق بدون إضافات أو حذف، أو يصبح هذا القرار ساقطا بالمعنى
السياسي والدبلوماسي.
ما هو موقف "تيار
الكرامة" من رد الفعل الحكومي اللبناني تجاه العدوان الإسرائيلي؟
موقف الحكومة اللبنانية جيد ومسؤول، لكن هناك
نقص يتعلق بتحصين جبهتنا الداخلية، لا سيما مع حركة النزوح الهائلة التي يشهدها
لبنان.
على الحكومة واجبات يجب أن تقوم بها على
المستوى الاجتماعي المرتبط فعليا بالأمن الاجتماعي اللبناني. نتمنى أن تعي الحكومة
هذه الواجبات قريبا، وأن يتلازم عملها هنا مع دورها في طرح المبادرات وإجراء
المباحثات للوصول إلى وقف لهذا العدوان.
وكيف تنظرون إلى دور الجيش
اللبناني في التصدي لهذا العدوان؟
كلنا يعلم أن الجيش اللبناني لا يمتلك
الأسلحة الهجومية أو الدفاعية التي تمكّنه من التصدي لهذا العدوان.
وبالتالي، فإن الدور المنوط بالجيش اللبناني
والذي يجب أن يقوم به تبعا لقرار سياسي تتخذه الحكومة اللبنانية هو ممارسة إجراءات
وتدابير استباقية لحماية الجبهة الداخلية اللبنانية، وردع أي عمليات تلاعب بالأمن
عبر استثمار التعقيدات والانقسامات اللبنانية في ظل حالة النزوح وأخذا بالاعتبار
أيضا أن هناك أطرافا لبنانية تراهن على انتصار العدو الإسرائيلي للأسف الشديد.
ما هو موقفكم من دور الأمم المتحدة
في حماية السيادة اللبنانية؟
نحن أهل قانون، ولا يمكن أن نراهن إلا على
القانون الدولي الذي تُمثله الأمم المتحدة.
لكن بكل أسف، فإن الأمم المتحدة، بما فيها
أهم مؤسسة وهي مجلس الأمن الدولي، عاجزة عن حماية السيادة الأممية، أي سيادة
المُنظمة الأُممية؛ فكيف تكون قادرة على حماية سيادة لبنان؟
للأسف، لقد أفرغت إسرائيل المنظمة الأممية من
معناها ودورها وهيبتها، وقدرتها على لعب هدفها الأساسي الذي أُنشئت من أجله، وهو
حفظ السلام والأمن الدوليين.
كما أشير إلى أن المجتمع الدولي ينتهج ازدواجية واضحة في معايير حقوق الإنسان
والسيادة؛ فبينما يُطالب لبنان بضبط النفس والدخول في مفاوضات نرى صمتا مطبقا على الجرائم
الإسرائيلية المتكررة بحق شعبنا وأرضنا. الحل الوحيد هو أن نتكل على أنفسنا وعلى خياراتنا
الاستراتيجية، وألا ننتظر شيئا من هذا المجتمع الدولي الذي يخدم مصالح إسرائيل بالدرجة
الأولى.
ما احتمالات انسحاب حزب الله إلى
شمال نهر الليطاني ونزع سلاحه وإدماجه في مؤسسات الدولة؟
كل الاحتمالات مفتوحة، وكل الاحتمالات واردة.
ويمكن أن يحصل أي تغيير على هذا المستوى وفق استراتيجية دفاعية لبنانية، لكن ينبغي
أن يُوجّه السؤال أيضا إلى دولة الاحتلال، وأن نسأل أنفسنا أيضا:
ما هي احتمالات أن تقوم إسرائيل بالانسحاب من
الأراضي اللبنانية المحتلة؟
ما احتمالات قيام إسرائيل بتطبيق
القرارات الدولية والعودة إلى حدود 4 حزيران/ يونيو 1967، ما يؤسس ويمهد لنشوء
دولتين؟
كل هذه الأسئلة مطروحة على إسرائيل قبل أن
تكون مطروحة على لبنان.
كيف تنظرون لمستقبل حزب الله في ظل
الضربات القاسية التي تعرّض لها وفي ظل رئاسة أمينه العام الجديد الشيخ نعيم قاسم؟
بداية، أقول إن الأمين العام الجديد لحزب
الله الشيخ نعيم قاسم هو الرجل القادر على قيادة الحزب بعد الخسارة الكبرى التي
تعرضنا لها في لبنان وتعرّضت لها المقاومة باستشهاد الأمين العام السيد حسن نصر الله.
إن الشيخ نعيم قاسم يمتلك الخبرة والتجربة
والباع الطويل، وهو كما قال سيسير وفق نهج الشهيد حسن نصر الله. من جهةٍ ثانية،
أثبت حزب الله أنه خلال فترة لا تتجاوز الأسبوع بعد الضربات القاسية التي تعرض
لها، استطاع أن يستعيد زمام المبادرة، وأن تكون له اليد العليا في الميدان.
وبالتالي، نستطيع القول إن المقاومة قد رممت
كل ما أصابها، وامتصت الصدمة، وهي اليوم تمارس المقاومة كما كانت مرسومة بروية
وبهدوء، بحماسة وبيقين كامل بالنصر.
الرئيس اللبناني الأسبق أمين
الجميّل قال إن "الشعب اللبناني يدفع ثمن حرب حزب الله وهو الذي يجب أن يتحمل
نتائجها بالكامل فقرار الحرب كان قرار حزب الله بشكل منفرد، ولا معنى لفكرة مساندة
غزة".. ما تعقيبكم على هذه التصريحات؟
أنا لا أرى أن الوقت مناسب للدخول في سجالات
مع الآراء اللبنانية، خصوصا أن جميعنا يعلم حجم الانقسامات التي يعانيها لبنان.
بالتالي، لا رد لدي على كلام الرئيس أمين
الجميّل سوى القول إن تحليله خاطئ، وهو يمثل وجهة نظر لا أكثر ولا أقل.
لكنني أُنبه الرئيس الجميّل، وأنا واثق
بوطنيته، بأنه بكلامه هذا يؤجج خلافات داخلية تُراهن عليها إسرائيل لضرب الوحدة
اللبنانية الداخلية، خاصة أن هذه الوحدة تعاني هشاشة كبرى.
أما قوله بأن لا معنى لمساندة غزة، فأقول إن
الرئيس الجميّل يقرأ بكتاب خاص به في التاريخ، ونحن نقرأ في الكتاب الحقيقي. ومُجدّدا
أقول إنني لا أريد التعقيب على هذه التصريحات بالشكل السجالي.
في المجمل، كيف تنظرون للدعوات
والتحركات الرامية لفصل جبهة لبنان عن جبهة غزة؟
إنهم يحرثون في أرض لن تُنتج زرعا. لا مجال
أبدا للفصل بين الجبهتين.
أولا، لأسباب مبدئية وميدانية وعملانية
وعسكرية وأمنية.
ثانيا، لم يعد هناك أي مجال للفصل بين
الجبهتين أيضا لأسباب معنوية.
إن المقاومة لن تمنح إسرائيل هذا النصر وهذا
الشرف، ولن تستطيع إسرائيل الفصل بين الجبهتين. لقد دخلناها معا وسنخرج منها معا، وبالتالي فلبنان لن يتخلى عن جبهة
غزة.
لبنان كان وسيبقى جزءا من محور المقاومة الذي أثبت جدواه في التصدي للعدوان
الإسرائيلي. نحن نؤمن بأن قوة لبنان تكمن في وحدته وفي ثلاثيته الذهبية: الجيش، الشعب،
والمقاومة. العدوان الإسرائيلي ليس جديدا، وهو جزء من مشروع إقليمي ودولي لتفكيك دول
المنطقة. دورنا اليوم أن نعزز صمودنا ونتمسك بخياراتنا الوطنية التي تحفظ سيادتنا.
هل إسرائيل تسعى لإشعال حرب أهلية
جديدة في لبنان انطلاقا من ممارساتها الأخيرة؟
نعم، من الواضح أن هناك محاولات مستمرة لهذا
السيناريو من خلال إشعال الفتن الداخلية. إسرائيل تصرّ على فتح جبهة داخلية،
وإشعال الحروب الطائفية، في الوقت الذي يُهدّد فيه البعض بفتح جبهة جديدة.
وللأسف الشديد دعني أقول إن إسرائيل تسعى
لذلك منذ اليوم الأول، وهي تمتلك معلومات كاملة وتعلم بأن الحرب يُمكن أن تحصل في
حال أُعطي الضوء الأخضر الأمريكي لنكون صريحين لأن هذا الأمر مُرتبط بضوء أخضر
أمريكي، حتى الآن لم يصدر هذا الضوء الأخضر والحمد لله.
لكن المؤسف أكثر أن بعض الأطراف اللبنانية
تسعى أكثر من إسرائيل للقيام بهذه الحروب الأهلية، وهذا التفكك الداخلي، وهذه
الفوضى الداخلية في لبنان. والمؤسف بأن هذه الأطراف الداخلية مُنفردة ولا تنتظر
الضوء الأخضر من أحد.
ولكن مجددا أقول بأن دور الحكومة اللبنانية
على المستوى السياسي ودور المؤسسات الأمنية اللبنانية، وعلى رأسها الجيش اللبناني،
عليها القيام بإجراءات استباقية تردع كل هذه القوى التي تسعى لإشعال الداخل
اللبناني.
هل ستستمر الحروب في لبنان إلى أجل
غير مسمى؟
بالتأكيد لا. هذه الحرب بالذات، على الرغم من
أنها طويلة وشاملة، إلا أن إسرائيل لن تستطيع الاستمرار فيها للأبد.
وندعو إلى ضرورة اعتماد سياسة النأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية؛ فالتدخل
في الشؤون الإقليمية يزيد من تعقيد الأزمات الداخلية، وعلينا بناء علاقات متوازنة مع
الدول العربية والغربية، مع الحفاظ على سيادة لبنان ومصالحه العليا. كما يجب العمل
على تقليل تأثير الأزمات الإقليمية على لبنان، واتخاذ موقف متزن يحمي لبنان من تداعيات
الصراعات في المنطقة.
برأيكم، ما الذي يعيق إجراء
الانتخابات الرئاسية في لبنان إلى الآن؟
بكل بساطة هناك مشاكل على كل المستويات في
لبنان تجعل من الشغور الرئاسي الذي هو ليس الأول من نوعه، شغورا مبنيّا على
انقسامات كُبرى تُعطّل دور المجلس النيابي في انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية.
أنا أقول بكل بساطة ووضوح إن ما يُعيق انتخاب
الرئاسة عمليا هو عدم التزام الكُتل النيابية اللبنانية والقوى والأحزاب اللبنانية
بالذهاب إلى تفاهم وتوافق على رئيس جديد.
ولكن، وأيضا لنكن صرحاء أن انتخاب رئيس جديد
للجمهورية في لبنان ليس مسألة ذات بُعد لبناني فحسب، وهنا أعود وأُكرّر أن الضوء
الأخضر وكلمة السر الأمريكية لم تصدر بعد، وحين تصدر فسنرى أن هناك مخارج عديدة
للذهاب بأسرع ما يمكن وانتخاب رئيس جديد.
في الواقع، النظام السياسي في لبنان يعاني من "خلل بنيوي" مزمن أدى
إلى تفاقم الأزمات، ولقد أدى الانقسام بين الأحزاب والقوى السياسية إلى حالة من الجمود
والتردي، مما يعرقل تنفيذ الحلول الفعّالة للأزمات. ولذا، لا بد من تجاوز الحسابات
الضيقة التي تتبعها القوى السياسية لتحقيق استقرار سياسي يخدم مصالح الشعب اللبناني،
وندعو إلى إطلاق حوار وطني شامل يهدف إلى تحقيق مصالح الشعب بعيدا عن المصالح الحزبية
والشخصية.
وأشير إلى أن النظام الحالي يحتاج إلى تطوير وتحديث شامل يعكس تطلعات اللبنانيين
ويوفر إطارا أكثر فعالية لصنع القرار السياسي، ويجب تعزيز المشاركة الشعبية في الحياة
السياسية لتحقيق التغيير المطلوب.
ما هي رؤيتكم لدور الأحزاب
اللبنانية في تعزيز الوحدة الوطنية بوجه العدوان الإسرائيلي؟
إن دورنا جميعا كأحزاب وتيارات وككتل نيابية
وشخصيات وكنُخب هو تعزيز الوحدة الوطنية، ولكن منذ متى كانت الوحدة الوطنية في
لبنان قرارا يُمكن أن يتحقّق عبر عمل حزبي أو سياسي؟
نحن نعلم أن الانقسامات اللبنانية هي ناتجة
عن ارتهانات للخارج. نحن نقوم بأدوارنا لكنني لست مُتفائلا بأن أدوارنا ستُحقق
الوحدة الوطنية.
إن ما يُحقّق الوحدة الوطنية هو الذهاب، ولو
لمرّة واحدة في هذا البلد، إلى الرهان على أنفسنا من دون أي ارتهانات خارجية.
ما هي رسالتكم للأحزاب والقوى السياسية اللبنانية في هذه
المرحلة الدقيقة؟
رسالتي واضحة: وحدتنا الوطنية هي السلاح الأهم لمواجهة العدوان الإسرائيلي وكل
الأزمات التي تواجهنا. أدعو كل الأحزاب والتيارات إلى تجاوز الحسابات الضيقة والمصالح
الفئوية، والعمل على تحصين الساحة الداخلية من الانقسامات التي يستغلها العدو لتحقيق
مكاسبه. اليوم، لا مجال للتراخي أو الاختلاف؛ العدو لا يفرق بين طائفة وأخرى أو بين
حزب وآخر.
هل تتوقعون تصعيدا أكبر خلال
الفترة القادمة، وما احتمالات اندلاع حرب شاملة؟
كل الاحتمالات مفتوحة وواردة، ولكن سوف نعيد
قراءة المشهد بوضوح أكبر خلال الأسبوعين المقبلين، واللذين يأتيان بعد إعلان فوز
الرئيس الأمريكي الجديد، حيث ستتضح ملامح المشهد على المستوى الإقليمي والدولي.
ونحن ندعو إلى ضرورة التعامل مع المتغيرات الدولية
بحذر لضمان حماية مصالح لبنان، خاصة أن السياسات الأمريكية المتقلبة زادت من التحديات
التي تواجه بلادنا.
والتصعيد الإسرائيلي دائما وارد، ونحن في لبنان
نعيش تحت تهديد دائم بسبب الأطماع الإسرائيلية بثرواتنا وحدودنا. خياراتنا يجب أن تكون
واضحة: تعزيز جاهزية المقاومة والجيش، والتأكيد على حقنا المشروع في الدفاع عن أرضنا
وسيادتنا. إذا أراد العدو التصعيد، فنحن مستعدون للرد بما يردعه ويجعله يعيد حساباته.
إلى أين يتجه مستقبل لبنان؟
رغم التشاؤم السائد بسبب الأزمات المتفاقمة، أعرب
عن تفاؤلي بمستقبل لبنان إذا توفرت الإرادة السياسية اللازمة للتغيير؛ فاللبنانيون
يمتلكون القدرة على تجاوز المحن والأزمات إذا توفرت الإرادة السياسية والعمل الجاد
وإذا عملوا بروح جماعية لتحقيق أهداف مشتركة، وأنا أدعو المواطنين إلى تعزيز وحدتهم
والاستمرار في النضال من أجل حقوقهم والعمل على بناء دولة قوية تعكس طموحاتهم. ودائما ما نؤكد أن الطريق إلى الاستقرار والتنمية يبدأ من استعادة الثقة بين الدولة والمواطنين،
وتبني سياسات تعكس مصالح الشعب الحقيقية.