صحافة إسرائيلية

الاحتلال الإسرائيلي في 2022.. أزمات معقدة ستنتقل للعام الجديد

تفجر الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وضعف السلطة شكل أزمة عميقة للاحتلال- جيتي
فيما يقترب عام 2022 من طي صفحته، يمكن استعراض أهم التطورات السياسية والأمنية التي شهدتها دولة الاحتلال خلال الشهور الاثني عشر الماضية، والتي تركزت في الجوانب الأمنية والعسكرية والسياسية والحزبية، ما قد يترك آثاره على الواقع الإسرائيلي في السنة الجديدة التي تحل بعد أيام.

ولم يكن سرّا أن دولة الاحتلال واجهت خلال 2022 واقعا مشبعا بالتحديات المعقدة، خاصة أن الاستراتيجية التي انتهجتها تجاه التحديات الخطيرة الماثلة أمامها تبدو ناقصة، وباعتراف الإسرائيليين أنفسهم.

التحدي الفلسطيني


شكلت الساحة الفلسطينية، خاصة في الضفة الغربية، تهديدًا خطيرًا لدولة الاحتلال في هذا العام 2022، لاسيما في ضوء العمليات الفدائية الهجومية التي أخذت بالازدياد منذ بدئها في مارس الماضي، رغم النشاط العدواني لجيش الاحتلال، والتنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية.

وقد دأبت الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة نفتالي بينيت ويائير لابيد خلال العام 2022 على تنفيذ إجراءات اقتصادية مهمة لتحسين الظروف المعيشية في الأراضي الخاضعة لسيطرتها في الضفة الغربية، على طريق مشاريع "السلام الاقتصادي"، رغم أن العام الذي يحزم أمتعته شهد تزايد القلق الإسرائيلي على مستقبل السلطة الفلسطينية التي ازدادت خلاله ضعفاً، في ظل التقديرات بإمكانية غياب مفاجئ لرئيسها أبي مازن في أي لحظة.


أما في مواجهة قطاع غزة، فقد واجهت إسرائيل في هذا العام 2022 ذات المعضلة التي رافقتها منذ أكثر من 15 عاما، وتتمثل في كيفية التعامل مع عدم انفجار الوضع الإنساني، ومنع التصعيد العسكري، وفي الوقت نفسه منع تقوية حماس، دون أن تحقق نجاحات ملموسة، بدليل تنامي التهديد الذي تمثله حماس في القطاع.

في المقابل، شهد هذا العام مواصلة دولة الاحتلال صياغة التحركات لضبط الوضع الأمني في غزة مقابل استمرار المنحة المالية القطرية، وقد صمد هذا الجهد نسبياً خلال العام 2022.

وشهد العام 2022 انتقال مفاعيل السياسة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية إلى الساحة الدولية، التي شهدت تنامياً في إصدار المزيد من القرارات والقوانين ضد دولة الاحتلال، بوصفها دولة "أبارتهايد"، وهي اتهامات آخذة في الازدياد، مع دخولها في أزمات متلاحقة مع الأمم المتحدة ومؤسساتها الحقوقية والقانونية.

إيران والتطبيع

وواصلت إيران الظهور خلال 2022 كأخطر تهديد خارجي على إسرائيل، سواء بسعيها لامتلاك القدرة النووية، أو توسعها الجغرافي، وبناء مشروع إنتاج صواريخ دقيقة لحزب الله في لبنان، لاسيما عقب توقف المفاوضات لإنجاز اتفاق حول ملفها النووي، فضلا عن دخولها على خط الحرب الروسية الأوكرانية، وانتقال مواجهتها مع إسرائيل إلى ساحات كييف التي تشهد في الشهور الأخيرة انتشارا مكثفا للمسيرات الإيرانية.

في الوقت ذاته، فقد شهد العام الآخذ في الأفول توسيعاً لافتا لاستراتيجية "المعركة بين الحروب"، وصحيح أنها تركزت في سوريا، لكنها وصلت إلى إيران والعراق ولبنان، وكذلك اليمن، ووجهت خلالها ضربات جوية ومدفعية واستخبارية نحو العديد من الأهداف المعادية لها المنتشرة في هذه الساحات الجغرافية.

على صعيد اتفاقيات التطبيع، فإن العام 2022 شهد استمرارا لسلسلة اللقاءات الإسرائيلية العربية، الثنائية والجماعية، على شكل زيارات وقمم جمعت رؤساء الدول ووزراء خارجيتها وجنرالاتها، بما يضمن تعميق العلاقات بجميع الدول المطبّعة، واستدراج المزيد منها، تمهيدا لإقامة تحالفات استراتيجية، وتعميق العلاقات الاقتصادية مع دول البحر المتوسط، واستئناف العلاقات مع تركيا.

الداخل المنقسم


وعلى الصعيد الداخلي، شهدت دولة الاحتلال في 2022 جولة الانتخابات الخامسة المبكرة خلال أقل من أربعة أعوام، أسفرت عن فوز كاسح لليمين الفاشي، وسط تهديد داخلي خطير في ضوء تنامي الاستقطاب والانقسامات، وصولا إلى التحذير من اندلاع الحرب الأهلية بين اليهود.

في الوقت ذاته، شهد هذا العام تناميا في المخاوف الإسرائيلية الداخلية بسبب زيادة الثغرات في الاستعداد لسيناريوهات حرب متعددة الجبهات، وبدا لافتا حجم الاهتمام الإسرائيلي الرسمي بالتطورات المقلقة على صعيد ساحتها الداخلية، بسبب التجاذبات بين القطاعات الاجتماعية المتباينة، وانتشار الجريمة، وتراجع الانخراط في الخدمة العسكرية.

أوكرانيا وأمريكا


وفوجئت إسرائيل، كما العديد من دول العالم بجملة من الأحداث العالمية المتسارعة، فرض عليها التعامل مع واقع عالمي متغير ومعقد، فقد تفاجأت بوصول الأزمة الروسية الأوكرانية الى حرب دامية، واضطرارها لأن تأخذ مواقف حادة قد لا تصب في مصالحها بشكل كامل، لكن المفاضلة بين استرضاء الغرب، وعدم إغضاب الروس حفاظا على استمرار عدوانها على سوريا، جعلها تناور بين الطرفين في غالب الأحيان. 

وفيما تواصل الموقف الإسرائيلي اضطرابا في ظل استمرار الصراع المتزايد بين الولايات المتحدة والصين، فقد ساهم الاستقطاب الداخلي في الولايات المتحدة وبروز تيار التقدميين في الحزب الديمقراطي وتحويل الانتباه إلى الصين، في ابتعاد الاهتمام الأمريكي النسبي بالشرق الأوسط، وقلّل من رغبتها في الاستجابة لمصالح إسرائيل في مختلف الملفات، بالتزامن مع زيادة الضجر الدولي من السياسات الإسرائيلية، خاصة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ولعل تشكيل الحكومة اليمينية الجديدة سوف يسجل قفزات نوعية في حالة استعداء إسرائيل على المستوى الدولي.


ولذلك فلم تخف المحافل السياسية والدبلوماسية والعسكرية الإسرائيلية أنها انشغلت طيلة هذا العام الذي يوشك أن يغادرنا في بحث كل هذه التحديات الواردة أعلاه، وتضمنت لقاءاتها البحثية والدراسية وتوصياتها الداخلية جملة من الجهود الساعية لزيادة تنسيق وتشديد العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة، بعد سنوات من التدهور خلال حكومات اليمين السابقة.. ويتوقع أن تنتكس هذه العلاقات مع قرب إنجاز الحكومة اليمينية المقبلة.

وقبيل استلام الحكومة اليمينية الجديدة مهامها، فقد انشغلت الحكومتان السابقتان خلال 2022 بتعميق التحالف الاستراتيجي والعلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة، وتوسيع مجالاتها، فضلا عن التعاون الأمني والتنسيق العسكري.