تقر أوساط إسرائيلية خسارة تل أبيب في "معركة الرواية" مع الفلسطينيين، الذين باتوا يحققون إنجازات متلاحقة في الرأي العام الدولي.
ويستحضر الإسرائيليون عددا من الحوادث التي سجل فيها الاحتلال إخفاقا دبلوماسيا، ومنها أحداث سفينة مافي مرمرة التركية، على شواطئ غزة في 2010 بهدف "رفع الحصار عن القطاع".
وقد شكلت حادثة "مافي مرمرة" فشلا إسرائيليا مزدوجا، باعتراف الاحتلال، فمن وجهة نظر استخباراتية، فإن الجيش لم يتوقع أن يكون هناك عشرات النشطاء على متن السفينة، ونجحت القافلة في تحقيق هدفها الوحيد بالتماهي مع الفلسطينيين، وخلق نزع الشرعية عن دولة الاحتلال.
موشيه ريوفاني كاتب الدعاية والمحاضر في السياسة والأمن، أكد أن هناك كثيرا من الأحداث التي كشفت عن عبثية السلوك الإسرائيلي، الذي كشف للعالم عن صورة مشوهة لجنوده، ممن يطلقون النار عشوائيا على نشطاء سلام أبرياء.
وأضاف في مقال نشره موقع "زمن إسرائيل" وترجمته "عربي21"، أن هناك قصورا في نشر رواية مختلفة عن تلك التي عرضت على العالم عن الاحتلال، مما عرّض تل أبيب لضربة قوية في الساحة السياسية والإعلامية.
اقرأ أيضا: انزعاج إسرائيلي من عدم تبني الإعلام الأمريكي رواية الاحتلال
وتابع بأن دولة الاحتلال التي تستثمر بكثافة في الموازنة العسكرية لمواجهة أعدائها، تغفل أنها بحاجة إلى أن تخوض صراعا من أجل الرأي العام لمواجهة منظمات حقوق الإنسان على ساحة الوعي والرواية، التي تؤثر بشكل مباشر على ساحة المعركة.
وأكد أن الحرب اليوم تتركز ليس فقط حول القتال المسلح، بل تتعلق أيضا بالسردية والرواية أيضا.
وشدد على أن كل الوقائع تشير إلى أن الإسرائيليين ما زالوا غير قريبين من الاستيعاب، وأنهم ليسوا ناجحين في ساحة الرواية والسردية، رغم أن الدعاية المعادية لها تظهر على الفور على الشبكات الاجتماعية، وباتت جزءا لا يتجزأ من مواجهتها العسكرية.
وأكد أنه "في عصر الشبكات الاجتماعية، تتعرض إسرائيل لحملات متلاحقة من الدعاية المعادية المنتشرة باستمرار، مما يسمم الرأي العام العالمي ضدها، بجانب وسائل الإعلام الأجنبية المعادية، وفي الممارسة العملية تترك إسرائيل ساحة الوعي للفلسطينيين، الذين يخوضون معركة وعي على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، على وسائل التواصل الاجتماعي، وآخرها باغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة".
تكشف هذه القراءات الإسرائيلية المتشائمة أن الدعاية الفلسطينية المعادية لها أصبحت ساحة للوعي والسرد، وأصبحت الكاميرا سلاحا فعالا، وفي بعض الأحيان لديها القدرة على التأثير أكثر من رصاصة تخرج من فوهة البندقية.
ويعترف الإسرائيليون أن الأضرار التي تلحق بهم في هذه الحملة المستمرة لنزع الشرعية خطيرة بما لا يقاس، ولعل أشهرها في قضية قتل الطفل محمد الدرة على مرأى ومسمع العالم أجمع.
اقرأ أيضا: قلق إسرائيلي من تزايد التأثير الفلسطيني في "تيك توك"
هذا التخوف الإسرائيلي قد يدفع الحكومة المقبلة للتعامل بقبضة حديدية ضد حركات المقاطعة التي تشن حملة نزع الشرعية ضد الاحتلال، والحدّ من وصول شبكات التواصل باعتبارها ركيزة أساسية في معركة الوعي والحرب النفسية، خاصة في ضوء ظاهرة عرين الأسود الذين أحسنوا استخدامها، حتى أوصلتهم إلى معجزة في الشارع الفلسطيني.
وتتصدر وزارة خارجية الاحتلال هذه المهمة من خلال تجنيد مئات الإسرائيليين في صفوفها، وتجنيدهم لصالح جبهة المناصرة والترويج.
وذكر تقرير سابق، أن الاحتلال الإسرائيلي بدأ الاستعانة بمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي لمواجهة الرواية الفلسطينية.
ونظم الصندوق القومي اليهودي ووزارة الخارجية حملة دعائية من مجموعة من نشطاء شبكات التواصل الإسرائيلي، ممن أجروا جولات سياحية في محاولة لاستعادة زخم تأييد الاحتلال، من خلال استخدام شعبيتهم على منصة "تيك توك" تحديدا، وتتركز مهمتهم في الرد على المنشورات المعادية للاحتلال.