على
خلفية الموافقة اللبنانية الإسرائيلية على اتفاقية الغاز، وجه كبار المسؤولين في الإدارة
الأمريكية انتقادات حادة إلى زعيم المعارضة بنيامين
نتنياهو والسفير الأمريكي السابق
في تل أبيب ديفيد فريدمان، لأنهما هاجما الاتفاق بزعم أنه خضوع إسرائيلي أمام ضغوط
وتهديدات حزب الله.
على
غير العادة، فقد شكل تدخل المسؤولين الأمريكيين في السجال الإسرائيلي الداخلي تحولا
لافتا، صحيح أنهم لم يذكروا نتنياهو وفريدمان بالاسم، لكنهم أكدوا أنه "كان بإمكانهم
الحصول على اتفاق أفضل، لكنهم لم يفعلوا ذلك"، رافضين ما يردده السياسيون الإسرائيليون
المعارضون للاتفاق، بوصفه "استسلاما".
إيتمار
آيخنر المراسل السياسي لصحيفة "
يديعوت أحرونوت"، أكد أن "المسؤولين
الكبار في الإدارة الأمريكية، الذين تحفظوا على كشف أسمائهم، فاجأوا نتنياهو وفريدمان
بهذا الهجوم عليهما، واصفين الاتفاق بأنه انتصار لإسرائيل التي ستنال بموجبه أمنًا
وازدهارًا اقتصاديًا، في حين تحدث الرئيس جو بايدن مع رئيس الحكومة يائير
لابيد من
أجل حثه على المضي قدما في الاتفاقية، مؤكدا أن هذا ليس اتفاقًا مباشرًا بين لبنان
وإسرائيل، ولكن من خلال الولايات المتحدة، لكنه يرسي حدودًا من شأنها أن تقدم لهما
مصالح اقتصادية".
وأضاف
في تقرير ترجمته "عربي21" أنه "في إشارة إلى تصريحات نتنياهو بأن هذا
ليس اتفاقًا تاريخيًا، بل اتفاق استسلام، قال كبار المسؤولين الأمريكيين، إن مجموعة
متنوعة من السياسيين، وخاصة من المعارضة، أدلت بتصريحات مختلفة حول هذا الموضوع، نحثهم
على مراجعة الاتفاقية، وتلقي إحاطة من الحكومة حول التفاصيل، ونحن نعتقد أن أي شخص
يفحص الموضوع من وجهة نظر غير حزبية، ولكن سياسية، سيصل لنتيجة حتمية مفادها أنه عمل جيد، وحقق معظم الأهداف المهمة، لقد عززت إسرائيل أمنها واستقرارها، لأن مياه البحر
المتوسط تعتبر أكثر أهمية من ذي قبل لأمنها وازدهارها الاقتصادي".
وأشار
المسؤولون الأمريكيون في حوار مع المراسل الإسرائيلي إلى أن "المكاسب الإسرائيلية
من الاتفاق تعني أن إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي لن تعاني من أزمة طاقة بسبب
اكتشافاتها، وستسمح الاتفاقية لها بالحفاظ على هذه المياه ليس فقط الآن، ولكن لفترة
طويلة من الزمن، وفي المستقبل، وسيساعد في تنمية الموارد في حوض البحر المتوسط، وإن
الاتفاق جزء من التزام إدارة بايدن بأمن إسرائيل، وقد عمل عليه منذ أن كان نائب رئيس
الولايات المتحدة حتى يومنا هذا، ونعتقد أن هذا اختراق تاريخي، لأول مرة اتفاق بين
إسرائيل ولبنان بوساطة الولايات المتحدة، وهما في حالة حرب".
يشكل
التدخل الأمريكي في السجال الإسرائيلي الداخلي خطوة غير مسبوقة، لأنه يحمل رسائل عديدة
أولها حماية الاتفاق من أي خطر يهدد توقيعه، لأنه يعتبر مشروعا خاصا بالإدارة نفسها،
والرئيس ذاته، وثانيها تصريح أكثر منه تلميح بعدم رغبة واشنطن بعودة نتنياهو إلى سدة
الحكم، وهي رسالة دعم علنية ومكشوفة ليائير لابيد، وثالثها إعلان أمريكي لا تخطئه العين
بعدم الرغبة بصرف الأنظار عن حرب أوكرانيا من خلال اندلاع أي مواجهة بين لبنان وإسرائيل.
مع العلم
أن الاتفاق يمنح دولة الاحتلال احتياطيات كبيرة من الغاز في البحر المتوسط، وسيوفر
لها نوعًا من الأمن والاستقرار في شرق البحر، لصالح إمكانية التصدير، والمشاركة في
حل أزمة الطاقة العالمية، من خلال محافظتها على الآلية الأمنية والبنية التحتية بالكامل
لضمان حماية سواحل فلسطين المحتلة.