تناولت معظم الصحف الأوروبية قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتعبئة الجزئية وتلويحه باستخدام السلاح النووي على خلفية استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا.
والأربعاء، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التعبئة الجزئية للجيش، مشيرا إلى تعرض بلاده لتهديدات نووية، وملوحا بما تمتلكه موسكو من أسلحة دمار شامل.
وقال بوتين -في خطاب له- إن بلاده تتعرض لتهديدات بالسلاح النووي، وإن لدى روسيا أسلحة دمار شامل مضادة للأسلحة الغربية، وطالب الحكومة بتوفير أموال لزيادة إنتاج الأسلحة.
وفي تعليق، قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية، في افتتاحيتها الخميس، إن التصعيد المقلق لبوتين يضع الآن الدول التي التزمت الصمت منذ بدء الحرب في أوكرانيا أمام خيار بسيط: دعم أو استنكار هذا العدوان، أي التمسك باحترام القواعد الأساسية، التي تحمي العالم بطريقة ما من حكم الفوضى، أو الاعتراف بأن قانون الأقوى هو من الآن فصاعدًا القانون الوحيد الصحيح.
ولعدة أشهر، رفضت الدول الكبرى التي تطمح للتأثير في الشؤون العالمية اتخاذ قرار بدعوى أن هذه الحرب لا تعنيها، أو أنها مسألة تخص الأوروبيين، أو أنها قبل كل شيء اختبار لكتلة غربية متراجعة. وبذلك، قاموا بتغذية خطاب الكرملين ومعاونيه المتحمسين، أينما كانوا، بحسب الصحيفة.
وأشارت "لوموند" إلى أن الصين بدأت في إظهار علامات عدم الارتياح. لم يكن فلاديمير بوتين قد أنهى خطابه المتميز عندما كررت بكين مطالبتها بوقف إطلاق النار، بينما أشارت إلى تمسكها بوحدة أراضي جميع البلدان، وبالتالي تمسك أوكرانيا.
واعتبرت الصحيفة أن هذه الأصوات مرحب بها، لكن الآخرين ما زالوا يهربون من مسؤولياتهم. ومع ذلك، فإنهم قد يساهمون بشكل مفيد، من خلال الشهادة على إجماع دولي أوسع، لإظهار روسيا وقادتها نحو المأزق الذي قادتهم فيه هذه المغامرة التي عفا عليها الزمن ذات الطابع الإمبراطوري.
"النفوذ الواحد"
بدورها، اعتبرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية أن بوتين من خلال قراره بالتعبئة الجزئية والإشارة إلى إمكانية استخدام الأسلحة النووية قدم دليلا على أن الرئيس الروسي اختار النفوذ الواحد من خلال التصعيد.
وفي الأزمنة المعاصرة، لم تشهد روسيا حتى الآن سوى ثلاث دعوات رسمية للتعبئة: 18 تموز/ يوليو 1914 (أثناء الحرب العالمية الأولى)، و 23 حزيران/ يونيو 1941 (ضد ألمانيا النازية) وفي 21 أيلول/ سبتمبر، أي بعد ما يقرب من سبعة أشهر من إطلاق "عملية عسكرية خاصة" في أوكرانيا.
بالتأكيد، على عكس النزاعين الأولين، أوضح فلاديمير بوتين أن هذه كانت مجرد "تعبئة جزئية" وليست عامة - وهو احتمال أثار قلق الروس بشدة، بحسب الصحيفة.
واعتبرت "لوفيغارو" أن تهدات بوتين موجهة بصفة رئيسية إلى الغرب، قائلة: "يتجه نظر الكرملين بشكل متزايد إلى الغرب قبل كل شيء، حيث هاجم بوتين بشدة الغرب، متهما إياه بتجاوز كل الحدود في سياسته العدوانية"، والرغبة في "إضعاف بلدنا وتقسيمه وفي النهاية تدميره".
وأضاف وزير الدفاع سيرغي شويغو: "نحن نحارب الغرب مجتمعا وليس الجيش الأوكراني".
من جهتها، قالت صحيفة "ليبراسيون" إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رفع سقف تهديداته مرة اخرى من خلال إثارته لموضوع استخدام الأسلحة الذرية.
ونقلت الصحيفة عن القاضي جان لوي لوزير، مستشار مركز الدراسات الأمنية في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والمسؤول الكبير السابق في الردع النووي الفرنسي، قوله إن تهديدات بوتين تكشف أن الرئيس الروسي بدأ يخسر معركته لهذا فهو يشدد موقفه.
وأكد الخبير أن استخدام السلاح النووي سيكون حقًا قرارًا من شأنه أن يغير العالم.
"بوتين مخادع"
أما "ديلي تليغراف" البريطانية، فاعتبرت أن العبارة التي استخدمها الرئيس الروسي بوتين تكرارا في خطابه الأخير، الذي أعلن فيه التعبئة العامة في بلاده، وهي "أنا لا أخادعكم"، مشيرة إلى أنه يبدو مخادغا.
وبالإضافة إلى "بطاقة ترامب التي كان يراهن عليها بوتين"، وانتهت، فإن هناك ورقة أخرى يرغب في الإبقاء عليها لتكون الورقة التي تهزم جميع البطاقات الباقية، وهي السلاح النووي الروسي، بحسب الصحيفة.
وأضافت أن بوتين "يرى أن التهديد باستخدام السلاح النووي، هو الطريق الأيسر لإيجاد هوة بين الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، وداعميه الخارجيين، ويظن أنه يستطيع أيضا أن يقوض التحالف الداعم لأوكرانيا".
وتابعت بأن خطاب بوتين هذه المرة، كان مختلفا عن خطاباته السابقة، فقد كان يوجه انتقاداته لأوكرانيا، وللغرب، ولشعبه، وللشعب البريطاني، بينما كان يتفادى الفئة التي يخشاها.
وخلص التقرير إلى أن "بوتين يخشى على منصبه، ومن تبعات القرار الذي اتخذه بعقله المتضرر. ورغم ذلك، فإن الفرص تبقى منخفضة في نجاحه في هذه اللعبة، والتاريخ لن يغفر لأولئك الذين يخافون الآن".
"لا تقع في حب بوتين"
أما صحيفة "بيلد" الألمانية، فكتبت مقالا بعنوان "لا تقع في حب بوتين"، قائلة إن الديكتاتور القادم من موسكو يهدد نصف العالم مرة أخرى.
وأشارت إلى أنه من المفهوم أن الناس في ألمانيا قلقون أيضًا باعتبار أن روسيا كبيرة، قائلة: "نحن نعرف أن الدولة الروسية قوية".
واستدركت بالقول إن الواقع مختلف، حيث إن الدولة الشاسعة في الشرق أصبحت ضعيفة بعد عقود من الفساد الذي استنزفها، مشددة على أن الروس أنفسهم يفرون من بوتين.
اقرأ أيضا: البيت الأبيض يعلق على تهديد بوتين.. ومسؤول: لا جديد فيه
وأشارت إلى بوتين يخشى نزوح جماعي بعد إعلان التعبئة الجزئية ما يجعله يتفاعل بقسوة.
"جميع الرحلات الجوية من روسيا محجوزة بالكامل. الشباب يريدون كسر أذرعهم هناك حتى لا يضطروا إلى خوض الحرب من أجل ديكتاتورهم"، تقول الصحيفة.
حتى الدبابات التي يرسلها بوتين الآن إلى أوكرانيا أقدم بعقود من الجنود الروس الذين سيموتون فيها! وقد استولت أوكرانيا بالفعل على المئات منهم، بحسب الصحيفة.
وختمت بالقول إن الدول الغربية، بما في ذلك ألمانيا، تعارض بوتين، فيما يساعد البعض أوكرانيا أكثر، والبعض الآخر أقل، لكن الجميع يعارض بوتين بشكل لا لبس فيه، قائلة: "هذه الوحدة هي قوتنا. ويريد بوتين تدمير هذه القوة بإخافتنا. نحن لا نقع في ذلك!".
ضابط سابق في CIA: انتصارات أوكرانيا ضد روسيا "ربيع مزيف"
ألكسندر دوغين: العالم على شفا حرب عالمية ثالثة
التليغراف: أوروبا بأسوأ وضع.. وبوتين قد يدمر "العالم الحر"