توشك مصر في ما يبدو على إتمام صفقة
بقيمة ثلاثة مليارات دولار مع إيطاليا لشراء 24 طائرة مقاتلة من طراز تايفون، وهو طلبها
الأول من هذا النوع من الطائرات. تأتي هذه الصفقة ضمن سلسلة من مشتريات الطائرات
المقاتلة التي أنجزتها القاهرة من عدد من البلدان على مدى السنين الثماني
الماضية. ونتيجة لذلك فقد غدا سلاح الجو المصري يملك تشكيلة منوعة من الطائرات
المقاتلة.
بعد توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية
في عام 1979، اشترت مصر غالبية طائراتها المقاتلة من الولايات المتحدة، والتي حلت
مكان الاتحاد السوفياتي كمزود رئيسي لها بالسلاح. وبالتالي فقد باتت مصر تملك رابع
أكبر أسطول يتشكل من طائرات إف-16 في العالم، بحسب تقرير لـ"ميدل إيست
آي" كتبه بول إيدون.
بالانتقال سريعاً إلى عام 2014، نجد أن
عبد الفتاح السيسي بات هو رئيس مصر. ولقد سعى إلى تنويع مصادر تسليح الجيش المصري،
بما في ذلك سلاح الجو، مقلصاً بذلك من اعتماده على واشنطن. وكجزء من هذا المسعى،
أصبحت القاهرة في عام 2015 أول مشتر أجنبي لطائرة داسو رافائيل الفرنسية المقاتلة
متعددة الأدوار كجزء من صفقة سلاح تاريخية تقدر قيمتها بعدة مليارات من الدولارات.
ليس امتلاك طائرات مقاتلة فرنسية إلى
جانب الطائرات المقاتلة الأمريكية بالشيء النادر ولا بمنقطع النظير. فقطر على سبيل
المثال تشتري طائرات متقدمة من طراز إف-15 من الولايات المتحدة، وطائرات رافائيل
من فرنسا، وطائرات يوروفايترز من بريطانيا.
إلا أن السيسي لم يقتنع بالطائرات
المقاتلة الفرنسية لكي ينوع في أسطول سلاح الجو المصري الذي يغلب على ترسانته أنها
من إنتاج الولايات المتحدة، بل اتخذ خطوة إضافية وبادر بإبرام أبرز صفقة تعقدها
مصر لشراء السلاح الروسي منذ سبعينيات القرن الماضي، والتي شملت 46 طائرة مقاتلة
من طراز ميغ 29إم/ إم2 لصالح سلاح الجو المصري.
وفي عام 2018 مضى قدماً بطلب للحصول
على الطائرات الروسية الأكثر تقدماً من طراز سو-35 فلانكر-إي في صفقة تقدر قيمتها
بما يقرب من ملياري دولار – وذلك على الرغم من تحذيرات أمريكية صارمة بأن من شأن
ذلك أن يطلق العقوبات ضد القاهرة بموجب قانون كاتسا، أي قانون مواجهة خصوم أمريكا
من خلال العقوبات.
إشكالات الدمج
بالطبع ليس من البساطة بمكان دمج
طائرات عسكرية روسية الصنع ضمن سلاح جوي واحد محكم. بل يذهب أحد التحليلات إلى أن
الطائرات الروسية ضمن سلاح الجو المصري ستغدو أكثر من مجرد "سلاح جو داخل
سلاح جو" بسبب إشكالات تتعلق بالقابلية للتشغيل البيني.
في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال
جاستين برونك، زميل البحث الكبير في مجال تكنولوجيا سلاح الجو ضمن فريق العلوم
العسكرية التابع للمعهد الملكي للخدمات المتحدة (روسي): "لقد واجهت مصر
صعوبات كبيرة في دمج طائراتها روسية الصنع من طراز ميغ-29 و سو-35 ضمن شبكاتها وأنظمة
الأمر والتحكم لديها المستوردة أساساً من الغرب".
وأضاف قائلاً إن طائرات رافائيل
وطائرات إف-16 "مصممة طبقاً لمعايير ستاناغ التابعة للناتو (اتفاقيات
المعايير)، ويمكن الدمج فيما بينها بسهولة من وجهة النظر التسليحية".
أما توم كوبر، خبير الطيران العسكري
وصاحب المؤلفات الكثيرة، فأشار إلى أن مصر لديها برامج "آي إف إف" خاصة
بها (برامج التمييز بين الصديق والعدو) تمكنها من التعامل مع الطائرات الأمريكية
والفرنسية والروسية.
اقرأ أيضا: ما خطورة طرح شركات تابعة لـ"قناة السويس" بالبورصة؟
ويستخدم سلاح الجو المصري طائراته
من طراز ميغ-29 كخزانات لتزويد طائراته من طراز رافائيل بالوقود نظراً لتماثل
أنظمة التزود بالوقود أثناء الطيران لهذين النوعين من الطائرات.
ولكن في المقابل، تعتبر الطائرات
الروسية غير متجانسة مع أنواع الصواريخ والقنابل المستخدمة من قبل طائرات إف-16
وطائرات رافائيل التي يملكها سلاح الجو المصري. وأشار كوبر إلى أنه في الوقت الذي
تتمكن فيه طائرات إف-16 وطائرات رافائيل ضمن أسطول سلاح الجو المصري من استخدام
الكثير من نفس الأنواع من الأسلحة، فإن هاتين الطائرتين الغربتين صممتا
"لغايات مختلفة تماماً".
وأضاف: "تستخدم طائرات إف-16 بشكل
رئيسي في عمليات الدفاع الجوي بينما تستخدم طائرات رافائيل كطائرات قاذفة
وهجومية".
وفي ما يتعلق بمدى الانسجام بينهما، بين
كوبر أنه بينما من المفروض نظرياً أن تتمكن طائرات رافائيل التابعة لسلاح الجو
المصري من توجيه صواريخ جو-جو التي تطلقها طائرات إف-16، "فإن أن شيئاً من
ذلك لم يحدث حسب علمي".
وأضاف: "لا توجد ثمة جدوى من
قيامها بذلك، وذلك لأن طائرات إف-16 المصرية لا تزود إلا بصواريخ جو-جو لا
تعمل".
عيوب حادة
أما سيباستيان روبلين، الصحفي المتخصص
في القضايا الدفاعية والذي كتب مئات المقالات حول الطيران العسكري، فلخص سلاح الجو
المصري بالقول إنه "غير كاف ومبني على نمط غريب".
وأضاف أنه على الرغم من أن طائرات
ميغ-29 التي حصلت عليها مصر تعتبر من الأفضل قدرة ضمن ذلك الطراز، فإنه ينقصها
الرادار الذي يعرف اختصاراً بــ"إيزا"، أي ذي المسح الإلكتروني
النشط، والذي يتواجد داخل الكثير من الطائرات المقاتلة الغربية. بالإضافة إلى ذلك
فإن صواريخ جو-جو التي تحملها، والتي تعرف اختصاراً بــ"بي في رام"،
أي التي تتجاوز المدى المرئي، متخلفة مقارنة بنظيراتها الأمريكية والأوروبية.
ظلت الولايات المتحدة، وعلى مدى عقود،
ترفض بيع مصر صواريخ بي في رام من طراز إيم-120، ما أجبرها على الاعتماد على
صواريخ دون ذلك من حيث الجودة. وقد ضغطت الولايات المتحدة وإسرائيل على فرنسا حتى
لا تبيع مصر صواريخ بي في رام من طراز ميتيور التي تنتجها. وكان ذلك أحد الأسباب
التي حفزت مصر على اختيار الطائرات المقاتلة الروسية.
ولكن قد يتغير ذلك كله، وذلك بعد أن
عبرت الولايات المتحدة للمرة الأولى في مطلع هذا العام عن انفتاحها على إمكانية
بيع مصر طائرات مقاتلة من طراز إف-15. وتبدو واشنطن على استعداد لمنح القاهرة
محفزات تشجيعية حتى تتوقف عن استيراد السلاح من روسيا لصالح شراء المزيد من
المعدات والأسلحة الأمريكية.
قد يسعد مصر الاستجابة للمطلب الأمريكي
بما أنها كما قيل غير راضية عن طائرات سو-35 التي تصنعها لها روسيا. فهذه الطائرات
المقاتلة الروسية لا يوجد بها سوى رادار من النوع الذي يشار إليه اختصاراً بـ"بيزا"، أي الذي يقوم بمسح إلكتروني خامل، بدلاً من رادار إيزا، وهذا
الأخير أكثر تقدماً. ومما يزيد الأمر إيلاماً بالنسبة لمصر هو أنه عندما قام سلاح
الجو المصري، كما ورد في بعض التقارير، باختبار رادار إربيز الذي تزود به طائرات
سو-35 مقابل النظام الإلكتروني الذي تزود به طائرات رافائيل، فقد ثبت لديه أن يمكن
التغلب على الرادار الروسي بسهولة فائقة.
وأشار كوبر إلى أن طائرات ميغ-29
التي بحوزة سلاح الجو المصري لم يتم تحديثها لتبلغ معايير ميغ-35 كما ينص عليه
العقد الأصلي المبرم مع موسكو.
إذا أخذنا بالاعتبار هذه العيوب، فقد
ترحب القاهرة بإبرام صفقة لشراء طائرات إف-15 من واشنطن، وخاصة إذا كانت مزودة بأنظمة
إيم-120.
لا فوائد كبيرة
يقول روبين: "يمكنني أن أعزو توجه
مصر نحو تجميع الطائرات المقاتلة من كل مكان إلى الاستراتيجية السياسية التي يتم
تبنيها – وهي شبيهة بما تراه في بلدان الشرق الأوسط المجاورة الغنية – والغاية
منها إقامة العلاقات مع مختلف الأطراف المؤثرة على حساب الكفاءة اللوجستية".
في أواخر عام 2021، سحبت الإمارات
العربية المتحدة طلبها لشراء طائرات مقاتلة من طراز إف-35 على إثر خلافات مع
واشنطن حول البنود التي تشترطها الولايات المتحدة. ولكنها لم تتوجه نحو موسكو
كبديل، وإنما تقدمت بطلب لشراء ثمانين طائرة مقاتلة من طراز داسو رافائيل من
فرنسا.
كما أن تركيا، وعلى الرغم من أنها عضو
في حلف الناتو، فإنها منعت في عام 2019 من شراء طائرات من طراز إف-35 بعد أن تسلمت أنظمة
الصواريخ الجوية الدفاعية الروسية من طراز إس-400. ورغم أنها تحدثت عن فكرة اقتناء
طائرات سوخوي الروسية المتقدمة، إلا أنها لم تقدم على شراء أي منها.
وتتفاوض أنقرة حالياً مع الولايات
المتحدة على شراء أربعين طائرة جديدة من طراز إف-16 وتحديث ما هو موجود لديها
حالياً من ترسانة. وحتى لو أخفقت في إنجاز ذلك، فالأغلب أن أنقرة ستلجأ في تلك
الحالة إلى شراء طائرات مقاتلة أوروبية، ربما من طراز يوروفايتر، بدلاً من شراء
طائرات مقاتلة روسية.
ويقول برونك: "امتلاك هذا الأسطول
المتنوع من الطائرات يقلص من اعتماد مصر جيوسياسياً على حسن نوايا أي من الأقطار
الشريكة بشكل منفرد، ولكنه في نفس الوقت يزيد من صعوبة التحديات التي تواجهها في ما
يتعلق بسلاسل التوريد وقطع الغيار والتكامل العملياتي مقارنة بما لو كان المصدر
واحداً".
ويعتقد كوبر أن مثل هذه الاستراتيجية
لا ينجم عنها أي فائدة كبيرة.
ويقول: "بل على العكس: فإن ذلك
يزيد من التعقيدات اللوجستية ويصعب برامج الصيانة. لربما كانت الفائدة الوحيدة
تكمن في أن بعض ما تتمتع به طائرات رافائيل من قدرات يظل غير معروف لإسرائيل، وقد
تكون بعض الأسلحة التي تستخدمها من النوع الذي قد يصعب على إسرائيل مواجهته –
بينما تعرف إسرائيل كل شاردة وواردة عن طائرات إف-16 التي تملكها مصر. وهذا كل ما
يأبه له المصريون".
موقع أمريكي: السيسي أنشأ العاصمة الجديدة لمنع الثورة ضده
التايمز: 10 آلاف تونسي أبحروا إلى إيطاليا هذا العام
MEE: الجيش المصري يعدم طفلا ومدنيين في سيناء