ينمو الطلب العربي على الكهرباء سنوياً بمعدل الضعف عن الطلب العالمي، وتعاني دول عربية من انقطاعات للكهرباء لساعات طويلة.
وفي العام 2021، وصل عدد ساعات انقطاع الكهرباء في اليمن إلى 18 ساعة، وفي لبنان من 12 إلى 18 ساعة، وفي السودان من 10 إلى 12 ساعة، والعراق من 6 إلى 12 ساعة، وفي ليبيا من 4 إلى 6 ساعات، وفق موقع الطاقة.
ويتراوح معدل نمو الطلب على الكهرباء في الدول العربية بين 7 و10 بالمئة سنويا، مقارنة بـ5 بالمئة لنمو معدل الطلب العالمي.
وتحتاج دول عربية أخرى إلى مليارات الدولارات لإنهاء أزمة انقطاعات الكهرباء التي تعاني منها، خاصة بعد وقوع احتجاجات عنيفة فيها. لكن بالمقابل، تمكنت دول عربية أخرى من تجاوز أزمة انقطاع الكهرباء لساعات خاصة صيفا، عبر استثمار مليارات الدولارات على مدى أعوام، والانتقال إلى مرحلة التصدير، وفقا للأناضول.
ولجأت دول أخرى إلى استيراد الكهرباء ومصادر الطاقة النظيفة لمواجهة العجز وإنهاء الانقطاعات، التي كان لها دور جوهري في وقوع احتجاجات عنيفة في عدد من الدول العربية مثل ليبيا ولبنان والعراق.
ومع ذلك، فإن معدل الحصول على الكهرباء في العالم العربي بلغ في 2020، نحو 90.3 بالمئة بحسب إحصاءات البنك الدولي.
ويستورد المغرب نحو 20 بالمئة من احتياجاته للكهرباء من إسبانيا، بحسب وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة أنا بلاسيو.
وبلغت واردات الكهرباء المغربية من إسبانيا في مايو/ أيار الماضي، نحو 23 ألفا و500 ميغاوات، بحسب موقع هسبريس المغربي.
ورفع المغرب مشترياته من الكهرباء خلال يوليو/ تموز الماضي، 133 بالمئة، مقارنة بالفترة نفسها من 2021، بحسب إعلام محلي، حيث يرتفع الطلب على الكهرباء بين 7 و8 بالمئة سنويا.
وتعول المملكة على إنتاج 52 بالمئة من الكهرباء من الطاقة الشمسية لتعويض العجز في الإنتاج، عبر استثمار 40 مليار دولار بين 2018 إلى 2030.
أما تونس، فيكاد إنتاجها من الكهرباء يغطي الاستهلاك، إلا أنها تضطر للاستيراد من الجزائر والمغرب في حالات استثنائية خاصة عند وقوع أعطاب في وحدات التوليد.
وأنتجت تونس صيف 2020، نحو 4 آلاف و630 ميغاوات، بينما احتياجاتها لا تتجاوز 4 آلاف و150 ميغاوات، بحسب شركة الكهرباء في البلاد.
ورغم اضطرار كل من المغرب وتونس لاستيراد الكهرباء، فإن نسبة الوصول للكهرباء في المدن والأرياف تبلغ 100 بالمئة، وفق البنك الدولي.
وفي المقابل، حققت كل من مصر والجزائر وبدرجة أقل موريتانيا، قفزات مهمة في قطاع الكهرباء بعد أن عانت في سنوات سابقة من انقطاعات لساعات متفاوتة خاصة في فصل الصيف، بل تحول بعضها إلى تصدير الطاقة لدول الجوار.
ولكن هذه النجاحات كلفت دول شمال أفريقيا استثمارات ضخمة بمليارات الدولارات.
فالجزائر مثلا استثمرت 150 مليار دولار بين 2000 و2017، في إنجاز محطات لتوليد الكهرباء، بحسب وزير الطاقة الأسبق مصطفى قيطوني.
وارتفع إنتاج الكهرباء في الجزائر من 3 آلاف و900 ميغاوات عام 2000، إلى 18 ألف ميغاوات في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، أي أن الإنتاج تضاعف قرابة 5 مرات في أقل من 20 عاما.
وشهدت البلاد صيف 2012، احتجاجات عنيفة بسبب انقطاع الكهرباء في عدة ولايات ولساعات طويلة، ما أدى إلى تحرك السلطات لضخ استثمارات كبيرة وحل الأزمة، خاصة أن الجزائر أكبر منتج ومصدر للغاز في أفريقيا.
وفي مصر التي عانت من انقطاعات للكهرباء لفترات طويلة منذ 2010 واشتدت في السنوات التي تلتها، تمكنت من تحقيق فائض في الكهرباء بلغ 13 ألف ميغاوات في يونيو/ حزيران 2020، بعدما وصل العجز إلى 6 آلاف ميغاوات في يونيو 2014.
واستثمرت البلاد بين 2014 و2021، أكثر من 18.5 مليار دولار لتوليد الكهرباء، بحسب وزير الكهرباء محمد شاكر.
وحققت مصر هذا الإنجاز خاصة بعد اكتشاف حقل الظهر للغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط في 2015، وبداية الإنتاج في 2017، ما حوّلها من بلد مستورد للغاز إلى مصدر له، فضلا عن دوره في إنتاج الكهرباء بالبلاد.
أما الأردن الذي استورد من مصر في يوليو 2010، نحو 200 ميغاوات، فأصبح اليوم من الدول المصدرة للكهرباء إلى فلسطين، ويرغب في توسيع ذلك إلى لبنان والعراق، بالنظر إلى الفائض في الإنتاج الذي يحققه.
إذ إن إنتاج المملكة يصل إلى 4500 ميغاوات، بينما الاستهلاك لا يتجاوز 3300 ميغاوات، ويبلغ الفائض نحو 1200 ميغاوات.
وصدر الأردن 60 ميغاوات إلى الضفة الغربية في 2021، ارتفع إلى 80 ميغاوات اعتبارا من الشهر الماضي، ووقع في فبراير/ شباط الفائت اتفاقا مع لبنان لتصدير 250 ميغاوات.
موريتانيا هي الأخرى، حققت قفزة في إنتاج الكهرباء وتصديرها، فبعدما سجلت عجزا في الإنتاج يقدر بـ22 ميغاوات في 2009، حققت فائضا بـ380 ميغاوات في 2015، وفي نفس العام صدرت الكهرباء إلى جارتيها مالي والسنغال.
ورغم أن إنتاج الكهرباء يفوق الطلب بقرابة أربعة أضعاف، فإن موريتانيا مصنفة ضمن فئة البلدان الفقيرة والمثقلة بالديون فيما يتعلق بنسبة الحصول على الكهرباء، التي لا تتجاوز بحسب البنك الدولي 47.3 بالمئة، مقارنة بمصر وتونس والمغرب 100 بالمئة، والجزائر 99.98 بالمئة.