نشر موقع "ذي انترسيبت" تقريرا مطولا أعدته أليس سبيري، قالت فيه، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل قتل المواطنين الأمريكيين، ويواصل المسؤولون الأمريكيون منحها "علامة نجاح".
وأضاف الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه وقبل عقدين تقريبا من قتل الصحفية الفلسطينية- الأمريكية شيرين أبو عاقلة، قاد جندي إسرائيلي جرافة فوق ناشطة السلام الأمريكية راشيل كوري، حيث تركها ميتة تحت التراب.
وكانت أبو عاقلة ترتدي سترة الصحافة، وبعيدة عن أي منطقة قتال. أما كوري، فقد كانت ناشطة سلام تحتج على هدم بيت عائلة فلسطينية في غزة. وكانت ترتدي سترة برتقالية بخطوط عاكسة، وكانت في المكان لعدة ساعات، وتحدثت في بعض المرات عبر مكبر صوت، وكانت تقف ساعة مقتلها في طريق جرافة كما فعل ناشطون، وعندما دفع السائق الآلة باتجاهها، صعدت كوري باتجاه كومة من التراب لكي تكون ظاهرة للسائق، حسب شهادات اطلع عليها الموقع، لكن السائق ظل يتقدم نحوها، حيث وقعت على التراب، ولكنه تقدم عدة أقدام باتجاهها قبل أن يتراجع، حيث داس عليها مرتين.
وشدد الموقع على أن إمكانية عدم مشاهدة السائق لها كما زعم لاحقا، أمر لا يمكن تصديقه. ولكن الحكومة الإسرائيلية لم تعلن المسؤولية عن القتل. وفي الوقت الذي رفضت فيه الحكومة الأمريكية نتائج التحقيق الإسرائيلي، إلا أنها لم تتخذ الإجراءات للتأكد من عدم حدوث أمر كهذا، ولكنه حدث.
وقتلت كوري في 16 آذار/ مارس 2003، وكان عمرها 23 عاما. وبعد 12 عاما على وفاتها، التقى والداها وشقيقتها سارة مع أنطوني بلينكن، الذي كان نائبا لوزير الخارجية، ولآخر مرة. وتحدث نائب الوزير معهم بطريقة مخلصة، وقال لهم: "تعالوا في أي وقت". ولم تكن عائلة كوري تريد العودة مرة ثانية، فهي تلتقي مع بلينكن منذ عدة سنوات وقد تعبت. وعندما سأل العائلة: "ماذا يمكنني عمله لكم؟" شعروا بالإحباط. وقال كريغ كوري: "أنا ممتن للطفك" و"سعيد لمشاركتك الشخصية وحتى تشرك مؤسساتك، فلن يحصل أي شيء جيد".
وذهبت عائلة كوري لمكاتب مئات المسؤولين مثل بلينكن وعلى مدى السنوات الماضية، لكنها لم تقربها للمحاسبة التي تنشدها. ويعتبر بلينكن واحدا من الذين عملوا مع العائلة طوال السنوات، وكان رفيقا وودودا معها، ومستعدا لمقابلتها مدة أطول من المقررة، ويوقع في رسائله باسم "توني"، لكنه ومثل غيره من الذين يحتلون مناصب عليا في إدارة بايدن خيبوا أملها.
اقرأ أيضا: WP: خاشقجي وأبو عاقلة يلاحقان بايدن في رحلته للمنطقة
وكان عمر سارة 29 عاما عندما قتلت راشيل، وكرست حياتها منذ ذلك الوقت لتحقيق العدالة لأختها، والضغط على الحكومة الأمريكية.
ولم يرد بلينكن على طلب للتعليق، لكن المتحدث باسم الخارجية كرر التزام الإدارة الحالية بمواقف الإدارات السابقة، والدعوة لتحقيق معمق في مقتل راشيل المأساوي. ولم تكن سارة ناشطة، ولكنها وجدت من واجبها المدني الضغط على الحكومة الأمريكية لتحقيق العدالة لراشيل، وبعد آخر مقابلة مع بلينكن، جمعت كل الوثائق التي راكمتها خلال السنوات الماضية، وخزنتها، وركزت على حياتها.
وعندما توقفت عائلة راشيل عن جهود المطالبة بالعدالة توقفت المساعي الحكومية، "عندما توقفنا توقفوا" كما قال كريغ كوري، و"العربة عالقة في الطين، فلو لم تدفعها، فلن تتحرك إلى أي مكان".
وفيما يتعلق بمقتل شيرين أبو عاقلة في أيار/ مايو، قال الموقع إن تحقيقات صحفية وتحقيق للأمم المتحدة أكدت أن الجيش الإسرائيلي استهدفها، لكن الحكومة الإسرائيلية رفضت تحمل المسؤولية.
وبعد أسابيع من مقتلها، طالبت عائلتها وعدد متزايد من الناس، بمن فيهم نواب في الكونغرس، الحكومة الأمريكية بتحقيق مستقل، لكن الخارجية قامت بتخليص التحقيقات الفلسطينية والإسرائيلية، وفحصت الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة، وأصدرت بيانا في يوم عطلة الرابع من تموز/ يوليو، أشارت فيه إلى أن الرصاصة جاءت من الطرف الإسرائيلي، لكنها لم تكن مقصودة.
ورفضت عائلة أبو عاقلة النتيجة، وطالبت مقابلة الرئيس جو بايدن في رحلته إلى المنطقة التي بدأت الأربعاء. ووصفت منظمة بتسليم الإسرائيلية النتيجة الأمريكية بـ"تبييض"، وكتب زميل لأبو عاقلة في الجزيرة بأن نتيجتها تعني أنها "قتلت مرة ثانية اليوم". وفشلت محاولات نواب تعديلات ميزانية الدفاع لإجبار وزارة الخارجية وأف بي آي للتحقيق في الجرائم الخطيرة التي ارتكبت ضد المواطنين الأمريكيين في الخارج. ودعت النائبة من أصل فلسطيني رشيدة طليب للتحقيق.
جميل دكور، المحامي الفلسطيني الأمريكي في حقوق الإنسان، الذي نصح عائلة كوري منذ 2003 أن الحكومة الأمريكية "متواطئة بشكل عملي مع جرائم إسرائيل"، قال: "لو كانت حكومة أجنبية أخرى لرأينا قوانين شيرين أبو عاقلة وراشيل كوري للمحاسبة وعقوبات فرضت على ذلك البلد ومسؤوليه البارزين". وأضاف: "بصراحة، لا أثق بالولايات المتحدة كي تدير تحقيقا موثوقا ومستقلا في جرائم خطيرة ارتكبها حلفاء أمريكا مثل إسرائيل، لأن ثمن المحاسبة الحقيقية باهظ".
ويقول الموقع إن حقيقة قيام الخارجية بتحقيق رغم عيوبه تشير للضغوط التي تعرضت لها، وبالمقارنة لم تقم الحكومة الأمريكية بتحقيق في مقتل كوري، رغم مطالب أعضاء الكونغرس. كما لم تحقق في قتل إسرائيليين لمواطنين أمريكيين مثل الأمريكي التركي فرقان دوكان، 18 عاما، والذي كان واحدا من تسعة نشطاء قتلتهم إسرائيل عندما هاجمت مافي مرمرة عام 2010.
ولم تحقق في مقتل الفلسطيني الأمريكي محمود شعلان، 16 عاما، عام 2016، عندما كان يجتاز حاجزا للجيش في الضفة الغربية. وكذا في مقتل المسن الفلسطيني الأمريكي عمر أسعد، 78 عاما، عندما احتجزته القوات الإسرائيلية بداية هذا العام. ولم تحقق في إصابات تعرض لها فلسطينيون أمريكيون مثل طارق أبو خضير، 15 عاما، في القدس، والذي حرق ابن عمه محمد أبو خضير قبل يوم.
وتقدم الملفات صورة مدمرة عن عبثية محاولات الحكومة الأمريكية تحقيق العدالة لكوري. وتكشف الوثائق عن محاولات المسؤولين الأمريكيين الحصول على أجوبة من نظرائهم الإسرائيليين، لكن غياب الإرادة السياسية من المسؤولين والكونغرس، وتحميل إسرائيل تداعيات انتهاكاتها لحقوق الإنسان، جعلت من كل هذه الجهود مجرد محاولات لا معنى لها، وكان الجميع يعرفون أنها لن تنجح.
إنترسبت: البنتاغون يستخدم برنامجا سريا لشن حروب بالوكالة
بلومبيرغ: فكرة ناتو شرق أوسطي فاشلة ولا قيمة لها
FT: تحول في سياسة بايدن بشأن الحرب السعودية في اليمن