كشف
رئيس قسم الخليج في منظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي"، الأمين العام
لحزب "التجمع الوطني"، عبد الله العودة، في مقابلة خاصة مع "عربي21"،
كواليس اللقاء الذي جمع بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والشيخ سلمان العودة
في عام 2009، مشيرا إلى صدمة والده من انتماء ابن سلمان منذ صغره للفكرة "الميكافيلية
النفعية الخالصة".
بينما
استبعد العودة الابن تكرار هذا اللقاء بين والده ومحمد بن سلمان في أي يوم من الأيام،
قائلا: "أعتقد أن مثل هذا اللقاء لن يتكرر مُجددا، لأني أظن أنه لا بد لأحدهما
أن يقضي على الآخر. ولو حدث هذا اللقاء المتخيل فسيكون في الآخرة، بين أهل الخير وأهل
الشر".
وشدّد
العودة الابن، وهو أستاذ مساعد زائر في كلية إليوت بجامعة "جورج واشنطن"
الأمريكية، على أن "ابن سلمان من النوع الذي لا يقبل المحاسبة، ولا المراقبة، ولا المراجعة،
ويعتقد بأنه ظل الله في الأرض، وأنه الرب الأعلى للسياسة، والمفتي الخالد"، وفق
قوله.
كما
لفت إلى أن "الشيخ سلمان كان قد كتب (قبل اندلاع الربيع) رسالة طويلة سماها (رؤية
للإصلاح)، تتعلق بإصلاح المجال العام، والسماح بالحريات ووجود انتخابات، وإطلاق سراح
المعتقلين، ثم أرسلها للأمير سلمان بن عبد العزيز، الذي كان يشغل حينها أمير منطقة الرياض،
ورد عليه الأخير بأنه قال: "نتفق معك في كل هذا، وهذه أفكاري أيضا، ولو قُدّر لي أن
أكون يوما ما في موقع السلطة لطبقت تلك الرؤى".
فيما
توقع أن "يزداد ابن سلمان قمعا وشراسة وإجراما حال وصوله إلى الحكم، إلا أنه كلما
ازداد إجراما اقترب أكثر من سقوطه الحتمي، وهو كمَن يطلق النار على رجله، وربما
في يوم ما يطلق النار على فخذه حتى يردي نفسه قتيلا"، بحسب تعبيره.
وتاليا
نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
ما آخر
التطورات الخاصة بالشيخ سلمان العودة؟
الوالد
لا يزال في العزل الانفرادي منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ومن ناحية الزيارات فهم يُصعّبون
كثيرا عملية الزيارة؛ فقد تستغرق إجراءات إعداد الأوراق لزيارة واحدة شهورا في بعض
الأحيان، بينما توقفت تماما الاتصالات الهاتفية منذ أكثر من عام ونصف، وفي الزيارة
الأخيرة مثلا منعوا الأطفال الصغار من الدخول للوالد، بحجة غريبة جدا وهي: يجب على
كل طفل أن يكون لديه تطبيقا بالجوال يثبت بأنه ليس مُصابا بكورونا، وبالتالي فالوضع
بشكل عام صعب، والوالد حتى على المستوى الصحي فقد نصف سمعه ونصف بصره - بحسب طبيب السجن
نفسه - والأجواء بوجه عام غير جيدة على الإطلاق.
ولي
العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حينما كان صغيرا جمعه لقاء مع الشيخ سلمان العودة..
لو تحدثنا عن كواليس ذلك اللقاء؟
بالفعل،
الموضوع بدأ في 2009 تقريبا، عندما كان الوالد يقدم برنامجا في قناة "MBC" خلال شهر رمضان بعنوان "حجر الزاوية"، ثم أصبح برنامجا
أسبوعيا بعنوان "الحياة كلمة"، وفي إحدى الحلقات تحدث الوالد عن موضوع الفساد،
وربطه بقضايا الفساد - التي يزعمون بأنهم يحاربونه- وتحدث الوالد عن الفساد في إنشاء
وصيانة بعض الجسور (الكباري) الموجودة في الرياض، وقال كيف لها أن تنهار؟ وكيف لهذه
الشوارع أن تسوء بهذا الشكل العجيب فلا تستطيع السيارات أن تسير فيها بمجرد نزول القليل
من المطر في العاصمة، وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على وجود فساد مالي وإداري، وقال
بأن "السيد مطر" هو المُكافح الحقيقي، وهو مَن يقود هيئة مكافحة الفساد.
ومباشرة
في وقت إذاعة الحلقة اتصل عليه مدير مكتب الأمير سلمان بن عبد العزيز آنذاك، عبد العزيز
بن عياف، وقال له: "كيف لك يا شيخ سلمان- وأنت صاحب كلمة مسموعة، ورأيك مقروء
ومتابع - أن تتحدث عن الفساد وكأنك تتهمنا، ولو سألتنا عن المعلومات لأجبناك، ومن المفترض
أنك لا تتحدث في مثل هذا الأمر قبل أن تستأذننا.."؛ فكانت المكالمة بلهجة متغطرسة؛
فجاء رد الوالد عليه بأنه لم يقل شيئا من عند نفسه، وأن الفساد موجود والكل يراه، والدولة
نفسها تعترف به، ولذلك أنشأت هيئة مكافحة الفساد.
وبعد
الحلقة تواصل معه مكتب الأمير سلمان وأخبروه بأن الأمير يريد مقابلتك ليشرح لك بعض
التفاصيل، ويبدو أنه خشي من الحلقة التالية من البرنامج؛ لأن الوالد كان مؤثرا فعلا،
ورأيه مؤثر.. فقبل الوالد فكرة اللقاء، وذهب إلى الأمير سلمان واستمع إليه، وخلال اللقاء
فتح الأمير سلمان بعض الملفات، وقال: انظر، نحن طلبنا من وزارة الداخلية كذا، وكذا،
وطلبنا من المالية كذا، وكذا، من أجل أن نصلح بعض الأشياء المتعلقة بالبنية التحتية،
وأراد بذلك أن يلقي باللائمة على وزراء آخرين علما بأنه هو أمير منطقة الرياض، لكنه
يريد أن يُحمد بالذي عنده؛ فإذا وجد ما يسيء إليه لام غيره على طريقة الفاسدين في كل
العالم.
وكان
بالمكتب شاب صغير، وعرف الوالد لاحقا أن هذا الشاب هو محمد بن سلمان، وبعد اللقاء لما
أراد والدي الانصراف، أسرّ سلمان لابنه بكلمات وقال له: اذهب للشيخ، وتعلم منه، واجلس
بين يديه، ثم تواصل محمد بن سلمان مع الوالد، وطلب مقابلته، ثم جاء إلى بيتنا في الرياض،
وجلس عدة ساعات مع الوالد، وقد سألت الوالد لاحقا عنه فقال بأنه كشف عن شخصية محمد
بن سلمان؛ ففي البداية كان ابن سلمان يريد أن يستعرض معلوماته وثقافته، فتحدث عن الرومان
واليونان، ثم تحدث عن بعض الأمور السياسية، وتحدث عن كتاب "الأمير" لميكافيلي
وكان مُعجبا به، ويبدو أنه قرأ ملخصا له؛ لأني لا أظن أنه يستطيع قراءة كتاب بشكل جيد
أو كتابا كاملا، يتبين هذا من ثقافته الآن، ومعرفته.
فيقول
الوالد: تحدث (ابن سلمان) عن ميكافيلي، فأصابني انتمائه لهذه الفكرة النفعية الخالصة
بالتوجس أكثر، وأن الحلال ما حل باليد، والغاية تبرر الوسيلة، وهذا النَفَس النفعي
البراغماتي الشديد، ليس فقط براغماتي ولكن نفعي فيما يتعلق بالسياسة، وعدم وجود قيم،
أو أخلاق، أو مبادئ، وهذا يتبين الآن من تصرفاته، ومن أخلاقه في عالم السياسة بشكل
عام.
ولاحقا،
وقبل اندلاع قبل اندلاع الربيع العربي، كتب الوالد رسالة طويلة سماها "رؤية للإصلاح"
تتعلق بإصلاح المجال العام، والسماح بالحريات، وإطلاق سراح المعتقلين، والسماح بوجود
انتخابات، وغير ذلك.. وأرسلها للأمير سلمان الذي رد عليه بأن قال له: نتفق معك في كل
هذا، وهذه أفكاري أيضا، ولو قُدّر لي أن أكون يوما ما في موقع السلطة لطبقت هذه الرؤى.
لو تكرر ذلك اللقاء اليوم بين الشيخ سلمان العودة ومحمد بن سلمان.. ماذا سيقول الشيخ سلمان
لولي عهد السعودية؟
أعتقد
بأنه لن يتكرر، لأني أظن أن لا بد لأحدهما أن يقضي على الآخر، والله أعلم، وأعتقد بأن
هذا اللقاء المتخيل سيكون عبارة عن تبكيت من الوالد لهذا المجرم الأثيم في كل جرائمه
في الداخل والخارج، وذلك لأن شخص محمد بن سلمان من النوع الذي لا يقبل أصلا المحاسبة
والمراقبة والمراجعة، ويعتقد بأنه "ظل الله في الأرض"؛ فهو يعتقد بأنه الرب
الأعلى للسياسة، والمفتي الخالد، وقد سمى نفسه الولي الفقيه، عندما قال: أنا ولي الأمر،
وبنفس الوقت أنا الفقيه النهائي الذي يحسم الصراعات فيما يتعلق حتى بفقه الحلال والحرام،
برغم انعدام معرفته الشرعية تماما، وفي كل القضايا، فلو كان هذا اللقاء فسيكون في الآخرة،
بين أهل الخير وأهل الشر، والله أخبرنا عن هذا في القرآن، وأسأل الله سبحانه وتعالى
أن يجعلنا من أهل الخير، وأن يجعل الوالد من أهل الخير -نحسبه كذلك والله حسيبه-
ولا نزكي على الله أحدا.
هل لديكم مخاوف من احتمالية قيام السلطات السعودية بإعدام الشيخ سلمان العودة؟
المخاوف
موجودة، ونية الحكومة لهذا الشيء ليست سرا؛ فالنيابة طالبت بقتله تعزيرا، وبإعدامه..
فهذه هي نواياهم، وتلك هي رغبتهم، وهذا ما يسعون إليه، ولم يحيدوا عنه مرة، ولم يوقفوه
حتى أو يعلّقوه، هم علّقوا المحاكمة فقط، لكنهم لم يعلّقوا الطلب الذي ما زال موجودا،
ولا أقول فقط في الدرج، بل موجود في المحكمة، وهم فقط أجّلوا المحاكمة عدة مرات، ثم
علّقوها تماما منذ نحو سنة.
ومن
ثم ففكرة وجود المخاوف موجودة دون شك، لكننا نعلم بأن الله سبحانه وتعالى هو الذي بيده
القوة، وليست بيد شخص ولا حكومة؛ فالله عز وجل تحدث عن المؤمنين "الذين قال لهم
الناس إن الناس قد جمعوا لكم فخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل"؛
فنحن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل، لأن الله سبحانه وتعالى قال عقب ذلك: "فانقلبوا
بنعمة من الله وفضلٍ لم يمسسهم سوء"؛ فنحن على يقين بأن الله لن يدع هذا المجرم
الأثيم، أو غيره، يمسسنا بسوء.
لكن
ماذا لو تم بالفعل إعدام الشيخ سلمان العودة؟
لن يكون
بإذن الله تعالى؛ فنحن على ثقة من الله سبحانه وتعالى - كما أني أراك الآن- ولذلك نحن
فقط نُعدّ العدة للعمل السياسي. ابن تيمية - رحمه الله – يقول: "إن سجني خلوة،
وإن قتلي شهادة"، وبالتالي نحن نعرف بأنه سبحانه وتعالى انتخبنا وابتلانا فنعرف
بأن هذا البلاء لأجل رفعة وتخليد، لا يوجد تخليد للوالد أكثر من سجنه الآن، ومحاولة
اغتياله، والكل في كل العالم يتحدث عنه، والمثال البسيط هو وضع اسمه ضمن قائمة الجمعية
العربية للمؤثرين في العالم لأهم 500 شخصية مؤثرة في العالم التي تصدرها كل عام، والوالد
قبل اعتقاله كان ترتيبه 15 أو 16 ثم بعد اعتقاله قفز إلى رقم 9، ولا يزال في العشرة
الأوائل، وهذا مستوى من التأثير والحضور، فالله سبحانه وتعالى يختار الناس له.
ولذلك،
نقول لهذا المجرم المستبد الذي يظن أن الاستبداد والسجن والاعتقال والقتل والإرهاب
يقضي على الناس، أو يُنهي الأفكار: افعل ما شئت؛ فقد يكون بيدك المادة، لكن ليس بيدك
المعنى، فليس بيدك العمل المعنوي، ورسوخ الأفكار في عقول الناس وتأثرهم بها.
هل هناك
أي عروض أو صفقات ما قُدمت للشيخ سلمان خلال السنوات الماضية من أجل الإفراج عنه؟
لا،
ولا نرغب في مثل هذا الأمر؛ فنحن نعمل بكل وضوح على أن نصنع واقعا معينا نعتقد بأنه
أقرب إلى ما يريد الناس أن يحققوا فيه أحلامهم وحرياتهم، والقضية ليست قضية سلمان العودة
فقط، بل قضية كل المعتقلين في السعودية؛ فنحن لدينا قضايا حقوق، وحريات، وعدالة اجتماعية،
وعدالة شخصية، وقضايا أخرى كثيرة تتعلق بالإصلاح.
ما تقييمكم
لأداء ابن سلمان بعد مرور 5 سنوات على توليه ولاية العهد في السعودية؟
أعتقد
أنه كل مرة يقترب من السقوط بإذن الله تعالى. ففي البداية كان يتوجس خيفة من أنه لن
يصل إلى قمة السلطة المطلقة التي يريدها، وفي فترة من الفترات ظن بأنه بالفعل مطمئن
تماما ثم بدأ يهوي بعد حادثة مقتل خاشقجي، حتى ظن أنه أوشك على السقوط، والآن عاد مرة
أخرى يعتقد بأنه مطمئن، وأن العالم كله يسعى لإرضائه، والحفاظ على العلاقة مع حكومته،
والله سبحانه وتعالى يخبرنا عن المجرمين والمنافقين بأنه يأخذهم بغتة بعد الاطمئنان
في قوله سبحانه وتعالى: "حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة"، ونسأل الله
سبحانه وتعالى أن يستعملنا في القضاء على المستبدين من أمثاله، وأن يكون لشعبنا في
يوم من الأيام صوت حر، وصوت عدالة، وحق.
لكن
بعد تحركات ابن سلمان الأخيرة، هناك مَن يقول بأن عزلته الدولية انتهت ونجح في
كسرها.. كيف ترى ذلك؟
عمليا
لا يزال ممنوعا من السفر إلى بعض الدول؛ ففكرة كسر العزلة الدولية بينه وبينها فجاج،
ويحتاج إلى مراحل طويلة، وكان قد أوشك على أن يذهب من زيارته الأخيرة لتركيا إلى اليونان
ثم توقف في آخر لحظة لأن هناك قضايا ضده في أوروبا، فأوروبا نطاقها القانوني قد يكون
موحدا أحيانا وفقا للاتحاد الأوروبي.
وبالتالي
يمكن أن تُرفع عليه قضية في أي مكان، وهو عليه ثلاث قضايا على الأقل في الولايات المتحدة،
واحدة متعلقة بقضية خاشقجي، وأخرى متعلقة بقضية الدكتور سعد الجبري، وهناك قضية الفرقة
العسكرية التي كانت تحميه، وفي كل العالم الآن هناك عمليات ترقب لهم وترصد وعقوبات
دولية في انتظاره، وفي انتظار مسؤولين آخرين في الحكومة السعودية؛ فالحكومة الأمريكية
أدخلت ضمن ما سميت بـ "عقوبات منع خاشقجي" أسماء 72 مسؤولا سعوديا، فعمليا
هو لا يزال ملاحقا، لكن الأمر متعلق بتأجيل لكثير من ملفات الدولية نظرا للظروف المتعلقة
بحرب أوكرانيا، وبنزول وصعود أسعار النفط، والرغبة في تخفيضها، وملفات أخرى.
لذا،
أعتقد أنه قد يكون هناك تأجيل لبعض فصول المعركة، وسنرى لاحقا ما يحدث، فنحن ندفع بكل
اتجاه نحو محاولة إنهاء هذه الحماية الدولية لفكرة الاستبداد، وأن الاستبداد يمكن له
أن يصنع استقرارا أو يصنع اقتصادا أو يصنع هدوءً في المنطقة، ولهذا نحن ندفع باتجاه
هذا العزل، ونعتقد بأنه في مصلحة شعبنا بإذن الله.
هناك
تقارير أشارت إلى أن ابن سلمان يقوم حاليا بتسريع ملف التقارب بين مصر من جهة وتركيا
وجماعة الإخوان المسلمين من جهة أخرى على أساس أنه "صانع التوازن" في المنطقة..
ما مدى دقة تلك التقارير برأيكم؟
لا يستطيع
ذلك؛ العرب تقول: "فاقد الشيء لا يعطيه"، وهذه التقارير غير دقيقة، قد تكون
"تسريبات رغبوية"، وعلينا العمل دائما على أن مثل هذا الأمر لن يحدث أبدا؛
فعلينا العمل بجدية، وبشكل سريع ومستمر، ودائما توقع الأسوأ واحتاط له، مع الصبر على
المدى البعيد، وطول النفس، وعدم التوقف عند مرحلة معينة أو نجاح معين.
ما الذي
تتوقعونه حال وصول محمد بن سلمان إلى الحكم؟
أتوقع
أن يزداد قمعا؛ لأن كل ما فعل وهو ولي عهد، فما بالكم به وهو ملك، بالتأكيد سيزداد
إجراما، وأعتقد أنه كلما ازداد إجراما كلما اقترب أكثر من حالة استفزاز الناس، ووضع
المشاكل والعراقيل لنفسه، ووصف مرارا في أكثر من صحيفة بأنه "كمَن يطلق النار
على رجله"، وربما في يوم ما يطلق النار على فخذه حتى يردي نفسه قتيلا.
وماذا
عن ملف المعتقلين بالسعودية؟
ابن
سلمان قالها مرارا وتكرارا بأن ملف المعتقلين مُغلق بالنسبة له، ونحن نعمل على ألا
تكون لمحمد بن سلمان القدرة على فتح أو غلق هذا الملف.
هناك
مَن يرى أن محمد بن سلمان ربما "يعجّل نهاية حكم عائلة آل سعود وإسقاط عرشها"..
ما تعقيبكم؟
هذه
نقطة لطيفة، وربما تتعلق بالسؤال الأول وموضوع ميكافيلي؛ فقد قلت في البداية بأنه لم
يقرأ كتاب الأمير لميكافيلي، لأن الفصول الأخيرة من الكتاب تتحدث عن سقوط هذا الشخص؛
فالكتاب يعطى وصايا لكيفية إدارة البلاد، ثم يقول: إذا وصلت لذروة السلطة المطلقة،
والقوة، وتجييش القبائل، وتجييش الناس، وأنك تقوم على فكرة الرعب عوضا عن الحب، والضرب
بيد من حديد عوضا عن الليونة، والعلاقة الطبيعية، ستصل إلى قوة مجدك، ثم أخبر في الفصل
الأخير كيف له أن يسقط (الأمير)، وأن السقوط يأتي بعد كل هذه الخطى، لذلك كنت أقول
لو كان قرأ الكتاب لوصل للفصل الأخير، ولو قرأ الفصل الأخير لعرف بأنه مَن يتبع مثل
هذه الخطوات فهذا هو مجال سقوطه. لذا، محتوم على هذه النوعية من العلاقة، وهذه النوعية
من السياسة ألا تستمر، قد تؤجل سقوط بعض الملفات في مرحلة ما، لكنها حتمية السقوط.
ما فرص
حدوث تغيير في السعودية؟
في العلوم
السياسية والاجتماعية، حدوث التغيير الجذري الكبير يتطلب عدة عوامل وعناصر داخلية وخارجية
تتعلق بالغضب، وبالوضع الاجتماعي، والوضع السياسي، واستفزاز الناس في قيمهم الذاتية،
ودينهم.. وهذا الأمر يحدث الآن، من خلال استفزاز الناس في أعرافهم، وفي أرزاقهم، إلى
أن يصل الناس إلى مرحلة ألا يبقى لديهم شيء يخسروه، "مرحلة اليأس" كاليأس
من الإصلاح، أو اليأس من النظام، أو اليأس من المجموعة الحاكمة.
وبالمناسبة
لا يشترط أن يكون كل الناس لديهم هذا اليأس؛ فبعض نظريات العلوم الاجتماعية تقول إن
25% فقط من الشعب إذا وصلوا لهذه المرحلة فهو أمر كاف ليدفعوا باتجاه هذا التغيير،
وقد يكون التغيير جيدا، وقد لا يكون، لكن الأكيد بأن هذا الوضع القائم غير قابل للحياة،
وهو يبقى على 75% الآخرين إذا كانوا يستطيعون حماية المستقبل، وحماية أدواتهم، وأنفسهم
عن طريق تأمين حقوق، وحريات، وغيرها من الأساسيات التي تضمن على المدى البعيد ألا تنهار
المجتمعات، وقد يكون تغييرا إيجابيا بالفعل ويدفع اتجاه الحقوق، والحريات، والديمقراطية
إلى آخره.
والكثير
من المجتمعات قد تكون فيها هذه العوامل، لكن لا توجد لديها ما يسمى "بالشرارة"،
والشرارة قد تكون قصة مؤلمة، أو قصة مؤثرة تنتشر لتأخذ بريقا مختلفا، مثل قتل شخص في
بيته بسبب دفاعه عن نفسه، أو شيء من هذا القبيل، وأعتقد أن كثيرا من هذه العوامل موجود
في السعودية، ولا أعرف مدى حجم مجموعة ما يسمى "مَن ليس لديهم شيء يخسروه"،
لكن كلما استمر محمد بن سلمان بهذه السياسات سيوسّع حجم تلك الفئة، وبالمناسبة شعبنا
في الجزيرة العربية وفي المملكة العربية السعودية هم ضحايا لهذا الأمر.
حقوقي: ابن سلمان حوّل السعودية لدولة بوليسية بامتياز