أثار إعلان
المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، موافقة أطراف الصراع اليمني على
تجديد الهدنة بعد انتهاء مدتها السابقة شهرين إضافيين، أسئلة عدة حول مغزى هذه
الخطوة، رغم عدم تنفيذ جماعة الحوثي ما يخصها من بنود الهدنة السابقة.
كما يفتح الإعلان
الباب واسعا أمام تساؤلات أخرى، من قبيل: هل نحن أمام خطوات لتهيئة المشهد نحو تسوية
شاملة للحرب؟
وكان المبعوث
الأممي قد أعلن، الخميس الماضي، موافقة أطراف الصراع على تجديد الهدنة لمدة
شهرين إضافيين، دخلت حيِّز التنفيذ عند انتهاء الهدنة، التي كانت سارية في 2 يونيو/
حزيران الجاري.
"تصفية الشرعية"
وتعليقا على هذا
الأمر، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، عادل الشجاع، إنه من الواضح أن
مهمة المجلس الرئاسي التي أنشئ لأجلها هي عقد الهدن، وتصويرها على أنها نصر على
الحوثي، رغم الإهانات التي يوجهها الحوثي لطرف الشرعية.
وأضاف الشجاع في
حديث خاص لـ"عربي21"، أن تمديد الهدنة لمدة شهرين يعني ترتيب استكمال
أركان الشرعية للحوثي، بعد أن أخذ شرعية المطار وشرعية الجواز (وثائق السفر)، وهذه
من أركان الدولة، ولم يتبق له سوى استعادة البنك المركزي لاستكمال مثلث الشرعية.
وأشار الأكاديمي
اليمني إلى أنه "لن تكون هناك أي تسوية شاملة بما تعنيه التسوية"، مؤكدا
أنه سيكون هناك ترتيب لتصفية الشرعية وإحلال المليشيات محلها، وهذا ما هو حاصل
اليوم على الأرض.
ومضى قائلا:
"الحوثي يسير وفق مخطط مرسوم له من واشنطن، وتيسر طريقه السعودية والإمارات
بممارساتهما التفكيكية للدولة اليمنية، ولجغرافيتها، وكذلك الأمم المتحدة عن طريق
مبعوثها".
كما لفت إلى أن
الحوثي يدرك أن جميع الأطراف تعمل لصالحه، ولا يوجد مشروع وطني في مواجهته، لذلك
يفرض شروطه، ويمارس استفزازاته على الأرض دون خوف من أحد.
"تخريجة ومكاسب حوثية"
من جانبه، قال
الكاتب والطبيب اليمني، عبدالقادر الجنيد، إن هذه الهدنة لا علاقة لها باليمنيين، ولا علاقة
للحوثيين أو الشرعية بها.
وتابع الجنيد
متسائلا في حديثه لـ"عربي21": هل هي هدنة عندما يقولون إن هناك هدنة
حربية في اليمن؟ وهل فاوضت الشرعية عليها أو وقعت عليها؟ وأين هي وثيقة الهدنة
هذه؟
وأضاف أن
الحوثيين يرون في الأجانب والأمم المتحدة ماعز سمينة، يحلبونها شرعنة ومكاسب مادية
وإهانات ونكسات للشرعية والتحالف.
وهاجم الأمم المتحدة
ومبعوثها، غروندبرغ، وقال إن الأخير لا قيمة له، فيما وصف المنظمة الدولية بأنها
كتلة فشل متحركة في اليمن يستعملها الحوثيون كمصدر لجلب أموال المانحين، وأيضا أموال الخليجيين لمجهوده الحربي.
وأعتبر أن ما
يجري في اليمن ليس هدنة، وإنما تخريجة أمريكية، مؤكدا أن بيرني ساندرز (سيناتور
أمريكي ديمقراطي) ناور وطلب إنهاء حرب اليمن بأي طريقة وبأي نتيجة، كراهية
بالسعودية وليس حبا بالحوثي أو اليمن أو السلام أو الإنسانية.
وأكمل قائلا:
الرئيس بايدن بدوره تنبى سياسة ساندرز، وكلف ليندركنج بالضغط على المملكة في هذا
الإطار.
ولفت الجنيد إلى
أن ليندركنج (المبعوث الأمريكي إلى اليمن) "يستعمل جروندبيرج وستارة الأمم
المتحدة كواجهة، ولكن وراء الستار فإن هيبة ومكانة وتأثير نفوذ أمريكا هو الكل في
الكل".
وأوضح الكاتب
اليمني أن الحوثيين حققوا مكاسب معنوية منذ إعلان الهدنة في نيسان/ أبريل الماضي، وذلك بـ"فتح مطار صنعاء، والسماح لهم بوظيفة سيادية التي هي إصدار جوازات
السفر".
أما المكاسب
المادية، فيؤكد المتحدث ذاته أن الحوثي جنت أكثر من 90 مليار ريال (وهو المبلغ
الذي كان يجب دفعها كضرائب وجمارك على دخول النفط الإيراني المجاني عبر ميناء
الحديدة، غربي البلاد).
وقال "إن
الحوثي جنت أيضا أكثر من ٢٠٠ مليون دولار، وهو قيمة شحنات نفط إيرانية مجانية
كانت على ١٦ باخرة نقل نفط تنتظر الدخول لميناء الحديدة".
وبحسب الكاتب
اليمني الجنيد، فإن القياديين الحوثيين؛ محمد علي الحوثي، ومحمد عبد السلام، ينكران
وجود بند "فتح معابر مرور لسكان تعز ليتنقلوا بين أحياء المدينة"، كما يقول "غروندبرغ"، ويطلبان إبرازه إن كان المبعوث الأممي صادقا.
اضافة اعلان كورونا
وذكر أنه وبعد
يومين من تمديد هدنة غروندبرغ لشهرين إضافيين، نُشرت صور لجرارات حوثية تشق طريقا
ترابيا في مناطق محتلة خارج غرب مدينة تعز، ويقولون إنها معبر لتنقلات أهل تعز.
وقال: "إنه
يمكن ضم هذا الطريق الترابي لسلسلة الإهانات الحوثية للشرعية والسعودية".
تحذيرات الحكومة
وكانت الحكومة
اليمنية قد حذرت، أمس الأحد، من محاولة جماعة الحوثيين فرض رؤية أحادية تنسف
الجهود الأممية بشأن ملف فتح الطرقات إلى محافظة تعز، جنوب غرب البلاد المغلقة منذ
7 سنوات.
وجاء التحذير
الحكومي ردا على إعلان جماعة الحوثي، يوم السبت، البدء في فتح طرق إلى مدينة تعز،
التي تفرض عليها الجماعة حصارا منذ سبع سنوات.
وذكرت وكالة
"سبأ" الأنباء التي يديرها الحوثيون بصنعاء أن سلطات الجماعة في تعز
باشرت رفع الحواجز الترابية عند الضواحي الشمالية لمدينة تعز؛ تمهيدا لفتح طريق
بطول 12 كيلو مترا.
مقترح
وأعلن غروندبرغ،
مساء الاثنين، عن مقترح قدمه لطرفي النزاع اليمني لإعادة فتح الطرقات في محافظة
تعز (جنوب غرب) خلال محادثات الأردن الجارية بينهما.
وقال غروندبرغ:
"إن النقاشات استؤنفت أمس الأحد، 5 حزيران/ يونيو في عمَّان، مع
وفدي الطرفين؛ بغية التوصل إلى اتفاق حول فتح طرق في تعز ومحافظات أخرى، وفق أحكام
اتفاق الهدنة".
وتابع المبعوث
الأممي في بيانه، اطلعت "عربي21" عليه، مساء الاثنين: "وعلى ضوء
النقاشات التي أجريت مع الطرفين، قدمت للحكومة اليمنية و "أنصارالله"
(الحوثي) مقترحاً منقَّحاً لإعادة فتح
الطرق تدريجيا، بما في ذلك آلية للتنفيذ، وضمانات لسلامة المسافرين المدنيين".
ويتضمن المقترح، وفقا للبيان، "إعادة فتح طرق، بما فيها خط رئيسي مؤدّ إلى تعز، إضافة
إلى طرق في محافظات أخرى؛ بهدف رفع المعاناة عن المدنيين، وتسهيل وصول السلع".
وأشار:
"ويأخذ المقترح بعين الاعتبار مقترحات ومشاغل عبّر عنها الطرفان، بالإضافة
إلى ملاحظات قدمها المجتمع المدني اليمني".
وبدأت الجولة
الثانية من المفاوضات بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين الأحد، بشأن فتح
الطرقات بين تعز والمحافظات المجاورة، في العاصمة الأردنية عمان، بعد تعثر الجولة
الأولى في التوصل إلى أي نتائج إيجابية بهذا الشأن.
هل تمدد الهدنة الإنسانية في اليمن مع اقتراب موعد انتهائها؟
لماذا انحرف مسار "الرئاسي اليمني" من التوافق إلى الصراع؟