مواقف الخذلان التي تعرض لها فلسطينيو سوريا، منذ اندلاع الثورة السورية، لم تتوقف عند تشكيلات معينة تدعي تمثيل اتحاد وفصيل وحزب ونخبوي وسياسي أدلى بدلوه بالتعبير عن مواقف مثلت طعنات مستمرة للضحايا الفلسطينيين، وبين فترة وأخرى يتم التذكير بهذه المواقف تحت عناوين تقديم أفكار ونظريات تحوم حول المؤامرة على "النظام السوري والدولة السورية"؛ التي تخوض حربها نيابة عن محور المقاومة المتسلح ببوصلة فلسطين!
وكثيرة هي الزيارات المكوكية التي ينتخي لها المتحدثون باسم فلسطين بالتقاطر نحو النظام في دمشق، من قوى وفصائل وجمعيات وأحزاب تحظى بالجلوس لجانب بشار الأسد أو أركان حكومته للتحدث عن فلسطين القضية، رغم جسامة الكارثة التي مني بها أهل فلسطين من اللاجئين في مخيمات سوريا.
وبالرغم من أن مخيم اليرموك تصدر حدث التدمير والتهجير والتعفيش، وقتل أبنائه بكل وسائل الحصار والتجويع وتحت التعذيب، واعتقال الآلاف من أبنائه، يُصر البعض من ممثلي الهيئات المحسوبة بالتسمية على الفلسطينيين، من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أو السلطة الفلسطينة وبعض الفصائل عند كل زيارة للعاصمة دمشق أو من المقيمين فيها، على تقديم مواقف تسهم في التزوير الحاصل لفاجعة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، ومساعدة نظام دمشق على ترويج رواية الإنكار لها.
قبل أيام عقد اتحاد الجاليات الفلسطينية في أوروبا مؤتمره الخامس في دمشق. الضيوف والمقيمون تحدثوا كممثلين عن الشتات الفلسطيني في أوروبا وممثلو بعض الفصائل تحدثوا باسم الشعب الفلسطيني، الذي يقدم الولاء "لسوريا جيشاً وشعباً وقيادة"
الجاليات أو اللاجئون الفلسطينيون في أوروبا، وتحديدا لاجئو سوريا ومهجرو مخيم اليرموك بحسب الوقائع والأحداث لم ينتخبوا أو ينتدبوا أحداً لتوجيه التحية لمن اغتصب وقتل ودمر بيئتهم الاجتماعية والاقتصادية، ولم يفوضوا أحداً منح الأوسمة باسم فلسطين لمن يدير المسلخ البشري في "فرع فلسطين"
وقطع المسافات بآلاف الكيلومترات فقط لإعلان الوفاء لجيش الأسد على ما ارتكبه من جرائم وعلى انتصاره في التعفيش والسطو على كل أثر يدل على حياة الفلسطينيين، فذلك إمعان بطعن الضحايا وتخلٍ فاضح عنهم، خصوصاً بعد أسابيع من نشر صور المذبحة التي نفذها جيش الأسد "المشكور" في حي التضامن، ومن الضحايا لاجئون من أبناء فلسطين أعدموا بدم بارد وبطريقة وحشية ومقززة، لم تهز جفن القاتل، بل لم تُحرك أي ضمير من ضمائر المتقاطرين ممثلي "الجاليات" على مسح بندقية الأسد من دماء أبناء فلسطين، وعلى اعتبار أن الساتر الذي يحمي هذه الجرائم انهار منذ عشرة أعوام؛ يحاول اليائسون بناءه من جديد ليستند عليه الأسد وجيشه ونظامه إلى الأبد الذي يرغب به من يدعي تمثيل الجاليات.
كل الزيارات الفلسطينية الرسمية لبشار الأسد، وكل العلاقة لفصائل حركة التحرر والسلطة الفلسطينة والمنظمة القائمة مع النظام السوري، لم تجرؤ بالمطلق على المطالبة بالكشف عن مصير 2300 معتقل فلسطيني من أبناء فلسطين، ولا حتى بالسؤال عن نفس الرقم من المفقودين، ولا يجرؤ أحد على الاقتراب من تابوه فرع فلسطين الذي يعرفه كل الفلسطينيين؛ بما فيهم بعض القيادات الذين "شرفهم" نظام الأسد بميزة الاستقبال فيه.
لماذا كل هذا الصمت ولماذا تتم عملية التملق لقاتل اللاجئين؟ هل هي خوف أو حرص على قضية فلسطين أو على شعبها كما يدعي البعض في المواقف التي يكررها لوبي الأسد في جاليات فلسطين الهاربة من جحيم الأسد؟
twitter.com/nizar_sahli
قتلوا شيرين ولم يقتلوا الحقيقة!
اغتيال شيرين أبو عاقلة إذ يكشف طبيعة الاحتلال