نشرت
صحيفة "واشنطن بوست مقالا للصحفي" داوود كتاب، قال فيه إن الاحتلال له
تاريخ طويل من المعاملة القاسية للصحفيين
الفلسطينيين، حيث وثق نضال منصور، المدير
المؤسس لمركز الدفاع عن حرية الصحفيين ومقره عمان، 103 قتلى من الصحفيين
الفلسطينيين وحوالي 7000 إصابة، بالإضافة إلى العديد من حالات الاعتقال والسجن منذ
عام 1972.
وأشار
إلى أن الصحفية الفلسطينية، شيرين أبو عاقلة، التي قتلت على يد قوات الاحتلال
بمخيم جنين، كانت تغطي الأخبار باحتراف والتزام صارم بالحقائق، حيث كان لها حضور شبه
يومي في الأخبار من فلسطين، بما في ذلك تغطية واسعة للانتفاضة الفلسطينية الثانية.
وشدد
على أن الاحتلال وجنوده يمقتون الصحفيين الفلسطينيين، وأولئك الذين لديهم كاميرات
يُنظر إليهم بمزيد من الاحتقار.
وأضاف:
"يمكنني أن أشهد على هذا شخصيا، بناء على أربعة عقود من الخبرة. في عام 1982،
في أعقاب الغزو الإسرائيلي للبنان، قررت التقدم بطلب للحصول على بطاقة صحفية
إسرائيلية. بعد شهور من الانتظار والتحقق الأمني وتجاوز العقبات البيروقراطية
لإثبات أنني صحفي حسن النية، تمكنت من الحصول على اعتماد كصحفي من قبل المكتب
الصحفي للحكومة الإسرائيلية".
وتابع:
"سمحت لي البطاقة الصحفية الصادرة من إسرائيل بعبور نقاط التفتيش، وكانت
تساعدني في معظم الأحيان. ومع ذلك، لم يسمح لنا أبدا أن ننسى حقائق الاحتلال.
وأكد
أن سلطات الاحتلال كانت تفرض على الصحفيين عقبات لا حصر لها ومخاطر عديدة، من خلال
رقابة صارمة تمنع الصحفيين من كتابة أو إظهار أي شيء يعبر عن القومية الفلسطينية،
مشيرا إلى أن الرقباء الإسرائيليون كانوا يقومون أحيانا بتغيير أرقام القتلى
والجرحى الفلسطينيين بشكل تعسفي، أو إدخال كلمة "إرهابي" (التي رفضنا
استخدامها) عند تسمية عضو في إحدى فصائل المقاومة الفلسطينية".
واستطرد:
"ذات مرة واجهني جندي إسرائيلي عندما رآني أقف في شرفة منزلي في أثناء حظر
التجول. عندما أجبته بإظهار البطاقة الصحفية الصادرة عن حكومته، ألقى بها على
الأرض وصفعني على وجهي".
ونبه
إلى أن الاحتلال لم يكن أبدا على استعداد لاعتماد الصحفيين الفلسطينيين العاملين
في وسائل الإعلام الفلسطينية، موضحا أن وسائل الإعلام غالبا ما تلجأ لصحفيين يحملون
الجنسية الإسرائيلية لتغطية التقارير من القدس.
وانتقد
المعهد الدولي للصحافة (IPI)،
ومقره فيينا، إسرائيل بسبب هذه السياسة، ولحقيقة أن الصحفيين المحترفين العاملين في
رام الله أو غزة أو أي مدينة أخرى تحت الاحتلال (باستثناء القدس)، لا يمنحون الحق
في التنقل المكفول. لجميع الصحفيين الإسرائيليين والأجانب.
ودعت
بعثة المعهد الدولي للصحافة عام 2013، التي كنت قد شاركت فيها، الحكومة
الإسرائيلية إلى "اتخاذ خطوات للاعتراف رسميا بوجود المؤسسات الإعلامية
الفلسطينية، ومنح الصحفيين العاملين في تلك المنظمات الاعتماد المناسب الذي يمكن
أن يعترف به الجيش الإسرائيلي".
تم
تجاهل توصيات جمعية حرية الصحافة العالمية ولا يزال. أصعب الأماكن بالنسبة
للصحفيين الفلسطينيين، هي تلك التي يتعذر الوصول إليها نسبيا، وغالبا ما تكون بعيدة
عن الأنظار مثل جنين.
مع
ذلك، لا تقتصر سياسة إسرائيل المناهضة للصحافة على وسائل الإعلام التقليدية.
تقوم
إسرائيل وجيشها المكون من موظفين بأجر وجماعات الضغط بمضايقة وتقييد عمل الإعلام
الرقمي للعديد من الصحفيين والمؤسسات الفلسطينية. ويتهم الفلسطينيون منصات التواصل
الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وغيرهما بالانصياع للضغط الإسرائيلي من خلال فرض
الرقابة، وفي بعض الأحيان حجب وإغلاق حسابات الفلسطينيين بشكل كامل.
أثار
خبر مقتل أبو عاقله الغضب في جميع أنحاء المنطقة. نشأ ملايين العرب فعليا وهم
يشاهدون ويتابعون تقاريرها، وهي تحظى بالاحترام والتقدير من قبل الكثيرين بسبب
مهنيتها. ترك موتها فجوة كبيرة للكثيرين الذين شعروا أنها كانت واحدة من ضيوفهم
اليوميين، وسيفقدونها بعد الآن.