في الوقت الذي تراقب فيه دولة الاحتلال تنامي المخاطر الأمنية من حولها، وفي داخل حدودها، فإن هناك نظرة متشائمة إزاء السلوك الصادر عن حليفتها الأكبر حول العالم، وهي الولايات المتحدة، وترى فيه مقدمة لتراجع الاعتماد الإسرائيلي الكامل عليها لمواجهة المخاطر الأمنية التي تواجهها.
يرصد الإسرائيليون ما يعتبرونها مؤشرات مقلقة على تدهور المكانة الأمريكية حول العالم، ومنها حالة اللامبالاة تجاه أوكرانيا، والرحيل عن أفغانستان، وتكثيف قدرات الصين العسكرية، وتضخم الديون على واشنطن، وكل هذه معطيات تؤكد أن الهيمنة الأمريكية على العالم بدأت تتلاشى أمام أعين الإسرائيليين، مما يتطلب منهم الاستعداد لذلك.
يوناتان فريمان، خبير العلاقات الدولية في الجامعة العبرية بالقدس المحتلة، ذكر في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت، وترجمته "عربي21" أن "إسرائيل تواجه تغييرا في النظام العالمي لم تشهده منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؛ لأن النظام العالمي الحالي، الذي تم بناؤه والحفاظ عليه من قبل الهيمنة الأمريكية، قد يصبح قريبا نظاما لم تختبره إسرائيل، أو تعترف به من قبل، وما يجب أن تخشاه إسرائيل أكثر من أي شيء آخر ليس لاعبا جديدا ليحل محل القيادة الأمريكية، بل نشوء عالم بدون قيادة، مما قد يؤدي للفوضى والصراعات والحروب التي تملأ هذا الفراغ".
وأضاف أن "نشوء مثل هذا الوضع المخيف، سيجعل من استقرار التجربة الإسرائيلية محل تساؤل خطير، لاسيما مع جملة المعطيات التي كشفت عن تدهور السياسة الأمريكية حول العالم، مثل ضم شبه جزيرة القرم في 2014، والخروج المذل من أفغانستان، وتنامي القدرات الصينية العسكرية والاقتصادية، واستمرار القتل في سوريا، والديون القومية للإدارة الأمريكية، فضلا عن المشاكل الاقتصادية المحلية، واتجاهات الرأي العام في الولايات المتحدة، وهي كلها تشير إلى أنها ربما لم تعد قادرة، أو لا تريد الاستمرار في (ملء حذاء) القيادة العالمية".
اقرأ أيضا: صحيفة روسية: كيف سيكون العالم بعد حرب أوكرانيا؟
وتخشى دولة الاحتلال من النتيجة المترتبة على هذا الواقع، وتتمثل في توقف واشنطن عن إرسال قوات لمناطق الصراع، مما قد يشجع الاشتباكات في ساحات جديدة، بما في ذلك في مضيق تايوان وكوريا، لكن الحدث الرئيسي الذي تعتبره دولة الاحتلال الإسرائيلي يشير لإمكانية حدوث تغيير شامل في النظام العالمي هو الحرب في أوكرانيا. وما يقلق إسرائيل، هو التقاعس الفعال من جانب الولايات المتحدة؛ لأن الهدف الروسي من الحرب ليس فقط تغيير النظام الحالي في أوكرانيا، ولكن أيضا إحداث تغيير منهجي في ميزان القوى العالمي.
في الوقت ذاته، تتوافق المحافل الإسرائيلية على أن العهد الجديد والمحتمل لغياب القيادة الأمريكية سيؤدي لتحديات صعبة، أولها عدم هيمنة البحرية الأمريكية على البحار والمحيطات، مما سيزيد من الخطورة على نقل البضائع العالمية؛ لأنها ستزيد من مخاطر الحفاظ على سلاسل التوريد والأسعار، حتى الإنترنت الذي يعمل تحت الكابلات البحرية، سيكون في خطر كبير، مما قد يجعل دولة الاحتلال في حالة طوارئ لتوسيع احتياطياتها الحالية في مجالات التغذية والطب والطاقة، وقدراتها على توليد هذه الموارد الحيوية، وزيادة ذراع البحر أضعافا مضاعفة.
وتتطلب هذه الاستعدادات الإسرائيلية بشكل متزايد من جيش الاحتلال وقطعه البحرية مرافقة السفن الإسرائيلية، أو التعامل مع تهديدات جديدة مثل القراصنة، مما قد يستدعي من دولة الاحتلال تعزيز قدراتها العسكرية لمواجهة التهديدات الأرضية والجوية، حتى في مواجهة دول مثل إيران وسوريا من جهة، ومن جهة أخرى الامتناع عن الانجرار إلى الانقسامات الاجتماعية بين اليهود أنفسهم في أعقاب هذه الأحداث العالمية.
لماذا تُكثر أوكرانيا من ذكر "إسرائيل" في خطاباتها؟
تقدير إسرائيلي يفضل عدم الانجرار لمواجهة غزة وتوتير الضفة
يديعوت: رغم كل شيء لن يقطع الأردن علاقاته بإسرائيل