أصدرت محافل الاحتلال الأمنية تقييماتها الاستخباراتية لتفسير حالة الاستنزاف الحاصلة للجيش الروسي في أوكرانيا، انطلاقا من فرضية الاستهانة بالخصم، وعدم الموضوعية في تقدير القوة، وضعف الجناح الاستخباراتي.
وتوقفت قطاعات واسعة في أروقة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية عند ليلة 24 فبراير، مع اجتياح الجيش الروسي لأوكرانيا،وتوقعه أن تنتهي المعركة خلال أسبوعين، لكن من الواضح أنه بجانب مشاكله العملياتية واللوجستية، فقد واجه مقاومة مدنية شديدة لم يتوقعها، وحتى كتابة هذه السطور، تشير المعطيات الإسرائيلية أنه بعد ستة أسابيع من بدايتها، يبدو أن نهاية معركة أوكرانيا لا تزال بعيدة المنال.
وذكر خبير العلوم الأمنية والمحاضرة بجامعة بار إيلان، الجنرال إيال بينكو بمقاله بمجلة يسرائيل ديفينس، ترجمته "عربي21" أن "التعثر الروسي في أوكرانيا يعيد لأذهان الإسرائيليين إعلان الرئيس جو بايدن يوم 8 تموز/ يوليو 2021، عن تقديم انسحاب قواته من أفغانستان بعد 20 عامًا من احتلالها، لكن المفاجأة تمثلت بسيطرة طالبان ذات الـ70 ألف مقاتل على أفغانستان أمام جيش بنته أمريكا قوامه 350 ألف جندي، رغم استناده لـ20 تقييمًا استخباراتيًا من 4 وكالات أمنية أمريكية".
وأضاف أن "ما واجهته واشنطن من إخفاق في أفغانستان والعراق، واجهته موسكو في أوكرانيا، حيث ركزت قوات كبيرة على حدودها معها، وعلى البحر الأسود، وأجرت تدريبات جمعت بين جميع أذرع الجيش".
وتابع :"قبل أيام من الغزو، بدأ هجوم إلكتروني روسي على مواقع حكومية وبنوك في أوكرانيا، حتى بدأ الهجوم عليها من الجنوب والشرق والشمال، لكنه لم يتقدم إلا بخطوات بطيئة، على عكس كل خططه، حيث أنه يعمل بشكل غير منسق، ولا تعمل قواتها الجوية لتحقيق سيطرة كاملة، أما القوات البرية فتتعثر على الطرق بسبب مشاكل لوجستية وفنية وأعطال، ونقص قطع الغيار، ونقص في الغذاء والوقود".
وأردف كاتب المقال أن ضعف العنصر الاستخباري كان من أسباب الفشل التراكمي للجيش الروسي، حيث تم التخطيط للهجوم ليكون سريعا وفعالا، بينما لوحت موسكو بقوتها النووية، في إشارة أخرى للغرب بعدم التدخل، فيما كان تقييم مخابراتها أن قواتها ستكون موضع ترحيب من شعب أوكرانيا، وستتلقى مساعدة لوجستية محلية، بزعم وجود تعاطف من الجمهور الأوكراني، خاصة الانفصاليين في الجنوب.
اقرأ أيضا: مشاهد قاسية من بوتشا وبوروديانكا بأوكرانيا.. واستياء دولي
وذكرت الصحيفة العبرية أن المحافل الأمنية الإسرائيلية تزعم أن التقييم الاستخباراتي الروسي شكل أساس قرار الغزو، بزعم القدرة على استبدال الرئيس الأوكراني، وبسبب ذلك استخدم بوتين عبارة "النازيين الجدد".
وتابعت: "لكن مخابراته لم تأخذ في الحسبان الجوانب القومية والتعبئة والمقاومة الشعبية الأوكرانية، حيث يقاتل المواطنون القوات الروسية بكل الوسائل المتاحة لهم كقنابل المولوتوف والبنادق والصواريخ المضادة للدبابات والطائرات، لتعطيل تقدمها".
كما اعتبرت الأوساط الأمنية الإسرائيلية أن مخططي الحرب الروسية، بمن فيهم مسؤولي الاستخبارات العسكرية، لم يأخذوا بعين الاعتبار فترة الشتاء والطين المتراكم على جوانب الطرق، مما سيعيق تحرك العربات المدرعة، التي تقوضت بالفعل بسبب الكمائن المخطط لها، وإلا فمن الصعب جدًا فهم الفشل الروسي في هذه الجوانب، التي اعتقدت أن الرئيس الأوكراني عبثي، وتقييمات بوتين الاستخباراتية نظرت إليه محكوم عليه بالفشل.
ونوه كاتب المقال إلى أن خطورة إخفاقات الروس الاستخبارية، في فقدان قرابة عشرة آلاف جندي في أوكرانيا،خلال شهر واحد فقط، مقارنة بـ 15000 ألفا في كل سنواتها التسعة في أفغانستان.
وخلص إلى أن المخابرات الروسية لم تتوقع أن تقوم ميليشيا مدنية أوكرانية بإخضاع الجيش الأحمر بوسائل غير متكافئة، وبدا أنه يوجد نقص في المعلومات الاستخبارية، فضلا عن تحليلها، وتقييمها، لأنها استندت لانطباعات نفسية وثقافية وتنظيمية، وبالتالي تقييمات استخبارية غير صحيحة، تم الحصول عليها، رغم أن دور أجهزة المخابرات تتمثل بتقديم لمحة سريعة ووصف الواقع لصناع القرار على المستويات السياسية والعسكرية والأمنية.
وختم الكاتب مقاله بالقول إن الإخفاق الاستخباري الروسي يعيد إلى أذهان الإسرائيليين إخفاقات أمنية سابقة للاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، في عدم توقع أحداث سبتمبر 2001، والتنبؤ بالثورة الإيرانية 1979، وامتلاك صدام حسين لأسلحة دمار شامل 2003، مما دفع جورج بوش لغزو العراق.
وأوضح أن حرب أوكرانيا تمثل فرصة للمنظمات الاستخباراتية لمعرفة أهمية الذكاء البصري في جمع المعلومات الاستخباراتية، وإجراء عمليات خارج خطوط العدو، واستخدام العملاء البشريين، وأهمية ودور عمليات التأثير والحرب النفسية.
باراك يدعو للوقوف بجانب أوكرانيا وحرمان بوتين من الانتصار
هل تنجح أمريكا في تمرير اتفاق الترسيم بين لبنان والاحتلال؟
سنغافورة تعتزم فتح سفارة لدى الاحتلال.. علاقات عسكرية وثيقة