تتواصل تداعيات تراجع الجنيه المصري أمام الدولار على جميع مناحي القطاعات الاقتصادية وعلى رأسها قطاع المقاولات والإنشاءات بعدما أعلنت مصانع الحديد من بينها حديد عز والمصريين، رفع سعر الطن 30 بالمئة دفعة واحدة ضمن سلسلة سابقة من الزيادات بدأت مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية نهاية شباط/ فبراير الماضي.
وبلغ سعر طن حديد التسليح أعلى نقطة في تاريخ صناعة الصلب المصري، حيث شهد زيادة بـ 3000 جنيها في الطن دفعة واحدة، ليصل سعره إلى نحو 22 ألف جنيه (1205 دولارات تقريبا)، فيما بلغ السعر 13.500 جنيه قبل عام واحد فقط.
وحذر نواب بالبرلمان المصري وخبراء اقتصاد من تداعيات قفزة أسعار حديد التسليح مطالبين الحكومة بالتدخل من أجل الحد من تداعيات الارتفاع الذي وصفوه "بالجنوني" على حركة البناء والتشييد.
ويعد السوق العقاري في مصر أحد أكثر القطاعات الداعمة للاقتصاد، حيث يساهم بأكثر من 18% في الناتج الإجمالي المحلي ويساهم في توفير أكثر من 5 ملايين فرصة عمل، بحسب تقديرات حكومية وغير حكومية.
زيادة بـ35 في المئة
وقدًر وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب النائب طارق شكري ارتفاع أسعار الحديد ومواد البناء والتشطيبات بنحو 35%، محذرا من تضرر القطاع العقاري في البلاد وتعثر بعض المطورين العقاريين جراء تلك الأزمة.
وأضاف في مداخلة عبر أحد البرامج التلفزيونية أن المطور العقاري الذي تعاقد مع الدولة لإنشاء وحدات سكنية، سوف يتحمل خسائر كبيرة، داعيا إلى اتخاذ بعض الإجراءات الحكومية للحد من تلك الخسائر التي تتراكم مع الوقت.
وقال مقاولون وخبراء في مجال الإسكان والإنشاءات، لـ"عربي21"، إن الزيادة الأخيرة في أسعار مواد البناء هي نتيجة ثلاث أزمات متتالية؛ أولها الحرب الروسية الأوكرانية لأنهما يشكلان 50% من سوق الحديد في مصر، وزيادة الضغط على المعروض العالمي، ثانيها، ارتفاع تكاليف الشحن نتيجة القفزة في أسعار البترول، وثالثها، خفض الجنيه بنحو 17% أمام الدولار، وزيادة معدلات الفائدة 100 نقطة أساس.
سيناريوهات محبطة لقطاع المقاولات
واعتبر وكيل لجنة الإسكان بالبرلمان المصري سابقا، عزب مصطفى، أن "ما يحدث في سوق العقار في مصر الآن فاق كل التكهنات؛ حيث شملت الزيادة كل المواد المستعملة في عمليات البناء من حديد واسمنت وزلط وطوب ورمل بنسب أكثر من 30% ، ما يعني رفع سعر متر البناء التجاري وكذلك متوسط سعر الوحدات في المتر لوزارة الإسكان المتوسط إلى 10 آلاف جنيه للمتر وكذلك ارتفاع أسعار العمالة بنسبة 15%".
وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أن "ارتفاع أسعار حديد التسليح خاصة ومواد البناء عامة بسبب سياسات البلاد الاقتصادية التي تقوم على الاستيراد الذي ارتفعت فاتورته نتيجة ارتفاع أسعار الشحن بسبب زيادة النفط نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، وخفض الجنيه، إلى جانب نفاد المخزون والشراء بالأسعار الجديدة".
وحذر مصطفى من أن "استمرار ارتفاع الأسعار سيؤدي بلا شك إلى عدم قدرة المقاولين على الالتزام بالوفاء بالعقود وتسليم المشروعات في موعدها وتضرر قطاع كبير من المطورين العقاريين وخاصة المقاولين الصغار بعد أن فقد رأس مالهم نحو 25% من قيمته نتيجة خفض سعر الجنيه، وارتفاع أسعار المواد الخام، وسوف تستمر حتى العام المقبل".
كما توقع الخبير في مجال الإسكان "استمرار زيادة الضغوط على الاقتصاد المصري ما ينذر باستمرار ارتفاع الأسعار نتيجة الحرب في أوكرانيا، وشروط صندوق النقد الدولي الجديدة، أقساط خدمة الدين العام، وتراجع الموارد الدولارية بشكل حاد".
اقرأ أيضا: مصر تبيع أصولا حكومية للإمارات.. ما هي الدوافع؟
زيادة جديدة
وفي حال قررت الحكومة رفع أسعار الغاز نحو 20% لمصانع الأسمنت والصناعات الثقيلة، فلن تكون هذه الزيادة الأخيرة في مواد البناء، حيث أكدت مصادر مطلعة لموقع مدى مصر (مستقل) أن الحكومة المصرية تعتزم رفع أسعار لمصانع الأسمدة بنسبة 57% ليصل تسعة دولارات للمليون وحدة حرارية، ونحو 22% في قطاع الأسمنت.
ونقل موقع مصراوي عن مصدر حكومي أن اللجنة الوزارية المختصة بمراجعة أسعار الغاز الطبيعي للقطاع الصناعي، ستعقد اجتماعها خلال الشهر القادم، لتستعرض التقرير الخاص بمراجعة أسعار الغاز الطبيعي للقطاع الصناعي.
ورفعت الحكومة المصرية أسعار الغاز الطبيعي في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، للصناعات الحديد والصلب والأسمنت والأسمدة والبتروكيماويات بعدما استقرت عند 4.5 دولار لنحو عامين.
وصل حجم إنتاج حديد التسليح في مصر حوالي 7.9 ملايين طن، و4.5 ملايين طن بليت، في حين تستورد 2.5 مليون طن بليت لصالح المصانع الاستثمارية (مصانع غير متكاملة)، لا تتوفر فيها إمكانيات تصنيع البليت.
30 في المئة.. زيادة قادمة
وأعرب المهندس وصاحب شركة المنار للتطوير العقاري بالجيزة، محمد مصطفى، عن قلقه من ارتفاع أسعار الحديد ومواد البناء بهذه النسب "الجنونية".
وقال: "نحن ملتزمون أمام المتعاقدين على تسليم الوحدات في موعدها ولكن نخشى أن يتأخر الأمر بسبب الزيادات المرعبة في الأسعار، ولا يمكننا زيادة الأسعار، وقد تحدثت للعملاء شخصيا في هذا الأمر، وهم مدركون تداعيات ما جرى".
واعتبر أن أكثر المتضررين في قطاع التشييد، "هم أولئك الذين باعوا وحدات سكنية على الخرائط وليس على أرض الواقع؛ لأنهم باعوا ولم يبنوا وبالتالي لن يستطيعوا الوفاء بتعهداتهم، وكذلك المقاولين الذين تعاقدوا مع الحكومة في مشروعات بنية تحتية أو سكنية سيواجهون متاعب قد تصل للإفلاس".
ودعا مصطفى المشترين "إلى عدم شراء وحدات على صور الماكيت (المجسمات) الإعلانية دون اكتمال 30% من المشروع على الأقل أو 50% حتى لا يتعرض إلى عملية إفلاس وليس احتيال لأن البناء بالأسعار الحالية بناء على البيع بأسعار قبل عام هو مجازفة خطيرة، لذا ننصح بعدم الشراء في مشروعات ورقية وإنما على أرض الواقع، والإسراع في عملية الحجز والشراء قبل حدوث قفزة تصل إلى 30% في جميع المشروعات والوحدات السكنية دون استثناء".
أولى حلقات "الاختيار 3" تثير السخرية من أداء شخصية السيسي
هل تنقذ معارض "أهلا رمضان" المصريين من الغلاء بشهر الصيام؟
بسبب الغلاء.. مصريون يحلمون بـ"شنطة رمضان"