كشف مصدر برلماني خاص، الخميس، عن تهديد رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، بإعادة النظر في المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في البلد)؛ وذلك جراء القرارات العديدة التي أخذتها بناء على شكاوى تقدمت بها شخصيات وكتل سياسية.
واعتبر الحلبوسي بعض قرارات المحكمة الاتحادية بأنها خارج صلاحياتها، ولا يمكن للبرلمان العراقي الاستمرار في التعاطي مع ما تصدره هذه الجهة القضائية من الآن فصاعدا، خصوصا أن أحد قراراتها قد يؤدي إلى حل البرلمان، والذهاب إلى انتخابات جديدة، حسبما ذكر المصدر لـ"عربي21".
تهديد بالحلّ
وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن "الحلبوسي أبلغ النواب في الجلسة الاعتيادية، الاثنين الماضي، أن البرلمان هو من صوت على قانون المحكمة الاتحادية وأتى بها، وأن بإمكانه تغييره، وأنه لا سلطان على البرلمان سوى البرلمان نفسه".
وأضاف أن "رئيس البرلمان أكد للنواب أن المحكمة الاتحادية شرّعت قانونا موازيا للدستور، وهذا أمر يخالف صلاحياتها، وألزمت السلطات بالمضي فيما قررت، رغم أنه لا يوجد نص دستوري يؤيد ما ذهبت إليه"، في إشارة إلى تحديد إعادة فتح ترشيح لرئاسة الجمهورية بمرة واحدة.
وأكد المصدر أن "الحلبوسي أعرب عن غضبه من بعض قرارات المحكمة الأخيرة، وشدد على عدم الحضور والتعاطي مع أي شكوى ترفع ضد البرلمان من أحد أعضائه أمام المحكمة، على غرار ما حصل في المرات السابقة، وأكد أن للنائب الحق في إبداء رأيه بالبرلمان".
اقرأ أيضا: فشل جلسة برلمانية ثالثة لانتخاب رئيس العراق
وفشل البرلمان العراقي، الأربعاء، في انتخاب رئيس للجمهورية، في ثالث جلسة له، بعد أيام من محاولة ثانية أفشلها السبب ذاته، وهو مقاطعة نواب، وعدم اكتمال النصاب اللازم.
وقاطع عشرات النواب من كتل سياسية مختلفة جلسة البرلمان المخصصة لانتخاب رئيس البلاد، أبرزها تحالف "الإطار التنسيقي" الشيعي، إذ لم يحضر جلسة البرلمان سوى 200 نائب، فيما يتطلب انتخاب رئيس العراق تصويت ثلثي أعضاء البرلمان، أي 220 نائبا على الأقل من أصل 329.
وبعد ستة أشهر من الانتخابات النيابية المبكرة في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، لا يزال العراق من دون رئيس جديد، وبالتالي من دون رئيس حكومة جديد يتولى السلطة التنفيذية.
ويكون أمام البرلمان حتى السادس من نيسان/ أبريل المقبل لانتخاب رئيس جمهورية، وذلك بعد إعادة فتح باب الترشيح للمنصب لمرة واحدة فقط، بحسب قرار من المحكمة الاتحادية في الأول من آذار/ مارس الجاري.
صراع سياسي
من جهته، قال المحلل السياسي العراقي، غانم العابد، لـ"عربي21"، إنه "من خلال تصريحات أعضاء التحالف الثلاثي، نجد أن هناك عدم رضى على ما قرارات المحكمة الاتحادية، بل البعض يرى أنها أصبحت مع قوى الإطار التنسيقي بشكل أكبر، وأن قراراتها تدعم الغايات التي يبحث عنها الإطار".
وأضاف العابد أن "حل المحكمة الاتحادية بالتأكيد لن يكون وفق رغبة التحالف الثلاثي فقط، وإنما أيضا أطراف في الإطار التنسيقي قد ترى أن الحل إن كان يسبب لها خسارات سياسية أو نفوذا في البلد، فإنه سيعرقل مثل هذا الموضوع".
ورأى الخبير العراقي أنه "أصبح وضع المحكمة الاتحادية، وهي إحدى أركان السلطات الأربعة في البلاد، وكذلك والدستور، بحاجة إلى مراجعة، لأن وضع العراق بات على كف عفريت".
لكن العابد استبعد الحلّ، بالقول: "قد تكون المحكمة بحاجة إلى الحلّ، لكن ذلك سيخلق مشكلة تضاف للمشاكل الموجودة، وأن طرح ذلك الآن يندرج ضمن الصراع السياسي، لأن قراراتها منذ الانتخابات وحتى اليوم اعتبر بعضها لصالح الإطار التنسيقي، وأخرى لصالح التحالف الثلاثي".
اقرأ أيضا: تيار الصدر يلوح بحكومة طوارئ في العراق.. ما إمكانية ذلك؟
وعلى ضوء الانسداد السياسي الحاصل، أعلن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الخميس، منح منافسيه القريبين من إيران (الإطار التنسيقي) الفرصة لتشكيل الحكومة المقبلة في البلاد.
جاء عرض الصدر في تغريدة على "تويتر"، دعا فيها أتباعه (الكتلة الصدرية 75 مقعدا) أيضا إلى عدم التدخل "لا إيجابا ولا سلبيا"، بينما يحاول منافسوه (قوى الإطار التنسيقي) تشكيل حكومة معا.
تغول المحكمة
وفي السياق ذاته، حذر رئيس البرلمان العراقي الأسبق، إياد السامرائي، الاثنين، من تغول المحكمة الاتحادية العليا على صلاحيات البرلمان، وذلك خلال مقال نشرها على حسابه الرسمي بموقع "فيسبوك" بعنوان "المحكمة الاتحادية تفسّر ولا تشرّع".
وقال السامرائي: "أرى في كيفية تجاوب المحكمة الاتحادية مع الشكاوى المرفوعة إليها -خاصة في القضايا التي تحمل وجهين متعادلين من التفسير- أنها اعتمدت منهج اختيار تفسير، أو تأويل محدد يعبر عن قناعاتها، ولا يعبر عن النص الدستوري بشكل دقيق، وبالتالي فهي مارست مهمة إصدار تشريع ملزم لا يحق لأحد الاعتراض عليه، ولا يعدّل إلا من خلال قانون يصدره البرلمان".
ورأى رئيس البرلمان الأسبق أنه "كان الأولى بالمحكمة، وفي القضايا التي تحتمل الوجهين، أن ترد الأمر دون تأخير إلى البرلمان، منبهة إلى أوجه التفسير المحتملة، طالبة من المجلس إصدار تشريع بذلك".
وتابع: "لا أقول إن كل قرارات المحكمة الاتحادية كانت بهذه الصورة، بل بعضها، ومن ذلك: حكمها في قضية الكتلة الأكبر، وفي قانون النفط والغاز، وحتى في قضية هوشيار زيباري مؤخرا، ولا يقع اللوم عليها، بل على البرلمان الذي قصر بدوره وطلب من المحكمة أن تقوم به بدلا عنه".
وأشار إلى أن "البرلمان بشكله الحالي أصبح أقرب ما يكون -بفعل الدوائر الصغيرة المتعددة- إلى تجمع لمجالس المحافظات، وبغياب مجلس الاتحاد الذي قصر البرلمان كثيرا في إنجاز تشريعه، أصبح النظام السياسي العراقي الحالي معرضا للانهيار؛ لاضطراب الأسس الدستورية التي يستند إليها".
ووجه السامرائي في ختام حديثه رسالة إلى البرلمان، بالقول إن "عليه استدراك ما فات من سبقوه (الدورات السابقة)، وأن يؤسس لنظام سياسي رصين، سواء عبر تشريعات قانونية، أو تعديلات دستورية، وفق رؤية بعيدة المدى، مستفيدا من كل تجارب الماضي".
خبراء تونسيون يحذرون من تفكك الدولة إثر قرارات سعيد
من تجميد البرلمان إلى حله.. إلى أين تتجه تونس؟
ماذا وراء إلغاء زيارة الحلبوسي إلى إيران بشكل مفاجئ؟