عبر المجلس الأعلى للقضاء بتونس عن رفضه لقرار رئيس البلاد قيس سعيّد تعويض المجلس بهيئة أخرى، فيما تظاهر عدد كبير من القضاة والمحامين في تونس، الخميس، في وقفة احتجاجية، في "قصر العدالة"، رفضا لقرار الرئيس، وتزامنا مع الإضراب الذي أعلنت عنه جمعية القضاة.
وفي بيان رسمي، أكد أن إحداث أي جسم انتقالي بديل هو في عداد المعدوم ولا أثر قانوني له، في رد على تصريح وزيرة العدل بأن الرئيس يتجه نحو تكليف هيئة أو مجلس مؤقت يقوم مقام المجلس الأعلى للقضاء المنتخب، وذلك خارج إطار أحكام الدستور والقوانين النافذة.
وأعلن المجلس أنه تركيبته الحالية هو "المؤسسة الدستورية الوحيدة الممثلة للسطلة القضائية"، منبها من تأسيس هيئة أخرى.
إلى ذلك، تجمع القضاة والمحامون بتونس العاصمة حيث رفع المحتجون شعارات تطالب بفك الحصار عن المجلس الأعلى للقضاء بعد منع الموظفين من دخوله.
وردد المحتجون شعارات مثل: "هدم المجلس الأعلى للقضاء هو هدم لدولة القانون، وسلطة قضائية لا قضاء الشعبوية، حريات حريات لا قضاء التعليمات، سلطة سلطة قضائية ضمانات دستورية".
قال القاضي ورئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي في تصريح لـ"عربي21" إن القضاة يطالبون بإعادة فتح المجلس الأعلى للقضاء واستئناف نشاطه ".
وأفاد القاضي الحمايدي بأن القضاة من قصر العدالة يريدون إرسال رسالة واحدة لقصر قرطاج وهي تجنيب البلاد من المنزلاقات الخطيرة ، أبدا لن نقبل بوضع السلطة التنفيذية يدها على القضاء .
ودعا الحمايدي الرئيس سعيد إلى التعامل إيجابيا مع هذه الرسالة .
من جانبه قال القاضي أحمد الرحموني في تصريح لـ"عربي21" إن " الرئيس قيس سعيد يريد مجلس أعلى للقضاء طوع يده فيضع يده عليه وعلى كل اختصاصاته وبالتالي الهيمنة الكاملة على القضاء ".
وأكد القاضي الرحموني أن الرئيس يحاول منذ قرارات 25 تموز/ يوليو ومنذ 7 أشهر إلى هدم كل مؤسسات الدولة ,أخرها القضاء.
فيديو
وخارج أسوار قصر العدالة، تجمع المئات من المحتجين المساندين للقضاة وأغلبهم من انصار حملة مواطنون ضد الانقلاب.
وبحسب مراسلة "عربي21"، فقد شهد قصر العدالة بالقرب من مبنى الحكومة بالقصبة انتشارا امنيا واسعا.
ودعت جمعية القضاة التونسيين، الأربعاء، إلى وقفة احتجاجية الخميس أمام مقر المجلس الأعلى للقضاء وذلك تنديدا بقرار حل المجلس من قبل الرئيس قيس سعيد.
وقال بيان صادر عن الجمعية: "تبعا للدعوة الصادرة عن المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين فإن على كافة القضاة العدليين والإداريين والماليين الحضور والمشاركة في الوقفة الاحتجاجية بالزي القضائي التي تنظمها الجمعية يوم الخميس، بداية من الساعة الحادية عشرة صباحا أمام مقر المجلس الأعلى للقضاء".
وأكد رئيس جمعية القضاة الشبان القاضي مراد المسعودي، في تصريح خاص لـ"عربي21" التزام جميع القضاة بالإضراب.
وأفاد القاضي المسعودي بأن "الجمعية ستدعو إلى تمديد إضراب القضاة يوما آخر وذلك إلى غاية الجمعة مع تدارس خطوات تصعيدية أخرى خلال جلسة عامة هذا السبت".
وسبق أن دعت مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" في تونس، إلى "هبة استثنائية" لدعم القضاة، الخميس، وسط استمرار إضراب عام في المحاكم ضد نية الرئيس التونسي حل المجلس الأعلى للقضاء رسميا من خلال مرسوم يهدد بإعلانه بوقت قريب.
وحذر بيان المبادرة من أن البلاد "دخلت وضعا استثنائيا خطيرا يستهدف الحريات الفردية والعامة".
اقرأ أيضا: سعيّد: مرسوم حل الأعلى للقضاء جاهز..النهضة تعلق وقلق دولي
وقالت: "لكلّ المنظّمات الحقوقيّة الإقليمية والدوليّة، تونس تدخل اليوم بفعل الانقلاب تحت وضع استثنائي خطير يستهدف الحريات الفردية والعامة، بعيدا عن حكم المؤسسات والقضاء العادل المستقل، بما يهدد السلم الأهلي".
ولفتت إلى أن "ما يدفع إليه الانقلاب من محرقة حقوقية تستهدف ما تبقى من حريات سياسية وتهدّد وحدة المجتمع واستمرار الدولة وسلامة المواطنين"، وفق البيان.
ودعت "كلّ الأحرار وجماهير الشارع الديمقراطي وأنصار الدستور والديمقراطيّة والدولة المدنيّة إلى هبّة استثنائيّة تسند القضاة والمجلس الأعلى للقضاء، بمناسبة الوقفة الاحتجاجيّة التي دعت إليها جمعيّة القضاة التونسيين الخميس، أمام مقرّ المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة".
إضراب عام للقضاة
وأعلنت جمعية القضاة التونسيين، أن "هناك استجابة واسعة للمشاركة في إضرابها، احتجاجا على قرار الرئيس قيس سعيد حل المجلس الأعلى للقضاء"، متهمة السلطات بـ"القيام بحملات ممنهجة لترهيب القضاة المضربين".
ودعت الجمعية، الاثنين الماضي، إلى تعليق العمل في كافة المحاكم يوما الأربعاء والخميس؛ احتجاجا على إعلان سعيد أن "المجلس الأعلى للقضاء تم حله".
وبذلك، دخل قضاة تونس في إضراب عام عن العمل مدة يومين إضافة لتعليق العمل بكافة المحاكم، وتزامنا مع تحذيرات دولية من الانتهاك الواضح لالتزامات تونس وتقويض سيادة القانون وفصل السلطات واستقلال القضاء في البلاد.
اقرأ أيضا: إضراب عام لقضاة تونس.. وشكوى للاتحاد العالمي للقضاة
دعوى للاتحاد العالمي للقضاة
وأكد بيان لجمعية القضاة، عزمها على "رفع شكاية للاتحاد العالمي للقضاة، وطلب تشكيل لجنة للنظر في ما يحدث في تونس، وما ستتقدم به من ملف يتضمن مؤيدات تثبت الانتهاكات المرتكبة ضد القضاء التونسي وسعي النظام القائم إلى التنكر للمعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة باستقلال السلطة القضائية المصادق عليها منذ الاستقلال إلى الآن".
وكشف المسعودي لـ"عربي21" أن "الجمعية قررت رفع دعوى قضائية ضد كل من تورط في تعطيل أعمال المجلس الأعلى للقضاء والإساءة إلى السلطة القضائية".
من جهتها، أعربت كتلة حركة "النهضة" بالبرلمان التونسي، الخميس، عن رفضها إعلان رئيس البلاد قيس سعيد حل المجلس الأعلى للقضاء، ودعمها لاحتجاجات القضاة ضد القرار.
وأكدت الكتلة (53 نائبا من أصل 217)، في بيان، رفضها إعلان سعيد "حله للمجلس الأعلى للقضاء، والسعي الخطير للسيطرة على هذه المؤسسة الحيوية للبلاد وضرب استقلاليتها وبنائها الدستوري".
كما عبرت عن "مساندتها التامة لكل النضالات التي أعلن عنها السادة القضاة احتجاجا على إعلان سعيد حل المجلس".
ودعت الكتلة "النواب والكتل إلى المثابرة في الدفاع عن المؤسسة التشريعية واستئناف المؤسسات الدستورية لمهامها".
وذكرت أنها "تهيب بكل البرلمانات الصديقة والديمقراطية مساندة البرلمان التونسي لاستعادة المسار الديمقراطي بالبلاد".
والأحد الماضي، أعلن سعيد، من وزارة الداخلية وفي ساعة متأخرة، عن قرار حل المجلس الأعلى للقضاء وأكد ذلك خلال لقاء برئيس الحكومة، مؤكدا أن مشروع قرار حل المجلس سيصدر قريبا.
وعلى الأرض، أغلقت قوات الأمن، الاثنين، مقر المجلس في تونس العاصمة، ومنعت الموظفين من الدخول إليه، وفق بيان لرئاسة المجلس.
وأعلن المجلس الأعلى للقضاء، عبر بيان، الأحد، رفضه "قرار" حله "في غياب آلية دستورية وقانونية تجيز ذلك"، معتبرا أنه "لا شرعية ولا مشروعية" لهذا "القرار"، ومشددا على استمراره في أداء مهامه.
وأعربت هيئات وجمعيات قضائية وشخصيات وقوى حزبية عديدة في تونس رفضها لحل المجلس الأعلى للقضاء، واتهم بعضها سعيد بالسعي إلى إخضاع القضاء لاستكمال تجميع السلطات بيده، ضمن إجراءاته الاستثنائية.
ومنذ 25 تموز/ يوليو 2021، تشهد تونس أزمة سياسية حادة، حين بدأ سعيد فرض ما أسماها "إجراءات استثنائية"، منها: تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة، وتعيين أخرى جديدة، ما قوبل برفض واسع في البلاد، في حين وصفتها أحزاب ونشطاء وقوى سياسية بانقلاب على الدستور وديمقراطية البلاد.
والمجلس الأعلى للقضاء هو هيئة دستورية مستقلة من مهامها ضمان استقلالية القضاء ومحاسبة القضاة ومنحهم الترقيات المهنية، وتنص المواد بين 112 و117 من الدستور على مهامه وصلاحياته ومكوناته، وأُجريت أول انتخابات له في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2016.
سعيّد مستغرب من القلق الدولي وخطوة مرتقبة بشأن "القضاء"
أحزاب بتونس: سعيّد المسؤول عن وفاة متظاهر وانتهاك الحريات
سعيّد يوقف امتيازات "الأعلى للقضاء"..وردود رافضة