ما زال الصدع المتزايد بين اليهود المقيمين في دولة الاحتلال وأولئك الذين يعيشون حول العالم يمثل تهديدا لـ"المشروع الصهيوني" برمته، على الأقل وفق القراءة الإسرائيلية للأزمة بينهما، لأن سلوك الكيان الإسرائيلي الإشكالي في علاقاته مع يهود الشتات أدى إلى استنتاج مفاده فشله بتحقيق أهداف إنشائه.
ويشكل يهود الشتات لإسرائيل قوة حاسمة بعلاقاتها الخارجية، لذلك تصدر دعوات إسرائيلية بين حين وآخر، ترى أن تدهور العلاقات بينهما يعد تهديدا وجوديا واستراتيجيا للكيان.
في الوقت ذاته، فقد اتخذ الجمهور والمؤسسة السياسية في دولة الاحتلال باستمرار مقاربة أحادية الجانب تجاه يهود الشتات، وتوقعوا منهم أن يوفروا دعما سياسيا مؤيدا لها، وتمويلا غير مشروط، بجانب إمدادهم بمجموعات المهاجرين في المستقبل، دون التفكير بآرائهم الخاصة تجاه إسرائيل وسياستها الخارجية.
نداف تامير، الدبلوماسي الإسرائيلي، والرئيس التنفيذي لمجموعة الضغط "J Street" في دولة الاحتلال، وعضو مجلس إدارة المعهد الإسرائيلي للسياسة الخارجية الإقليمية- ميتافيم، ذكر في مقاله بموقع "زمن إسرائيل"، ترجمته "عربي21"، أن "ثاني أكبر تجمع لليهودي موجود في أمريكا الشمالية، لكن إسرائيل تعاملهم بفتور وبرود كيهود من الدرجة الثانية، وقد اشتد الخلاف بينهما بشكل كبير حين تم النظر للحكومات الإسرائيلية بأنها تبتعد عن القيم الليبرالية وفقا لتعريف اليهود الأمريكيين".
اقرأ أيضا: مخاوف إسرائيلية من تنامي معارضتها وسط اليهود الأمريكيين
وأضاف أن "الخلاف الثاني بين يهود الشتات ودولة الاحتلال تمركز في انحراف الدبلوماسية الإسرائيلية عن المبدأ الذي وجهها تاريخيًا، وبموجبه ألا يصبح دعمها قضية حزبية بين الجمهوريين والديمقراطيين، لكن ما حصل أنه خلال سنوات حكومات نتنياهو، أصبحت إسرائيل حليفة للعديد من الأنظمة الشعبوية اليمينية في العالم، وأصيب يهود الشتات بالصدمة من تحالفات إسرائيل مع الأنظمة العنصرية، وأدى هذا التطور لأن تصبح إسرائيل عاملا مثيرا للانقسام بين يهود الشتات بدلا من عامل موحد، ما دفع العديد من مجتمعاتهم للامتناع عن الانخراط في أي نشاط لصالحها".
يحتفظ يهود الشتات بما يسمونها "قائمة" سوداء من المفردات التي تطلق عليهم من الإسرائيليين المقيمين داخل دولة الاحتلال، ومنها أنهم "ضعفاء وخائفون، بينما الإسرائيليون أقوياء، قادرون على الدفاع عن الدولة"، وربما يعود ذلك بسبب احتكار المؤسسة الدينية في "إسرائيل"، التي أعطت "اليهودية" سمعة سيئة، والنتيجة أن يهود الشتات لم يعودوا ينتمون لما يسمونها "العائلة الممتدة"، بعد أن كانت "إسرائيل" مشروعا مشتركا بين الإسرائيليين اليهود ويهود الشتات، لكنها اليوم أصبحت لفريق دون آخر.
في الوقت ذاته، ينظر يهود الشتات إلى المطالب المستمرة للحكومات الإسرائيلية إليهم باعتبارهم مصدر تمويل فقط، زمن فات وانقضى، لأن إسرائيل لم تعد دولة فقيرة تكافح من أجل بقائها الاقتصادي، ولم يعد ممكنا توقع أن يمولها يهود الشتات كما فعلوا في العقود السابقة.
ملاحظة أخرى لا يتردد يهود الشتات بذكرها عند حديثهم مع أزمتهم المستجدة مع إسرائيل، وتتعلق بأنها لم تعد تتقبل انتقاداتهم تجاه سياستها الخارجية، فباتوا يشعرون بتجاهلها لهم، رغم أنهم يوفرون لها منصة لاستخدام نفوذهم السياسي كأمريكيين لدفع سياسات مؤيدة لها، لتجنيبها الاستمرار في الانحدار إلى واقع الدولة ثنائية القومية، لأنها في هذه الحالة ستكون كارثية على "مشروع الصهيونية" برمته.
كاتب إسرائيلي: فضائح صفقة الغواصات الألمانية لا تنتهي
صحيفة: وفد طبي إندونيسي زار الاحتلال سرا وعقد لقاءات سياسية
خلافات بجيش الاحتلال حول أوامر فتح النار بعد مقتل ضابطين