نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا للصحفيين إدوارد وايت وأندرو إنغلاند، قالا فيه إن العراق أصبح أحد أكبر المستفيدين من مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها شي جين بينغ، حيث إن الصين آخذة في تعميق علاقاتها الاقتصادية في جميع أنحاء الشرق الأوسط من خلال عقود بناء وعقود طاقة بمليارات الدولارات.
وأبرمت بكين صفقات بناء جديدة بقيمة 10.5 مليار دولار في العراق العام الماضي، كجزء من "تحول قوي" في مشاركتها تجاه الشرق الأوسط على الرغم من التراجع الأوسع في الاستثمار الصيني الخارجي.
وتم الكشف عن النتائج في تقرير نشر يوم الأربعاء، من قبل مركز التمويل والتنمية الأخضر في جامعة فودان في شنغهاي وراجعته صحيفة فاينانشال تايمز.
وتزامنت جهود بكين لتعزيز العلاقات الاقتصادية الأعمق مع العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، مع تصور متزايد بين القادة العرب بأن أمريكا تنفصل عن الشرق الأوسط.
وأشار الباحثون إلى أن الخطة الخمسية لوزارة التجارة الصينية حتى عام 2025 وعدت بالاستثمار في الخارج، بما في ذلك المشاريع غير التابعة لمبادرة الحزام والطريق، بقيمة 550 مليار دولار، بانخفاض 25% من 740 مليار دولار في 2016-2021.
لكن في دول الشرق الأوسط والدول العربية، ارتفع مستوى استثمارات وعقود البناء بنسبة 360% و 116% على التوالي، ومعظمها في البنية التحتية للطاقة والنقل.
وقال كريستوف نيدوبيل وانغ، مدير مركز التمويل والتنمية الأخضر، إن الباحثين "فوجئوا" بمدى تفاعل الصين مع الشرق الأوسط والدول العربية.
وقال: "كنا نعتقد أن التركيز سيكون أكثر بكثير على جنوب شرق آسيا، بما في ذلك البنية التحتية.. لكنه في الواقع كان مدفوعا بشكل خاص بالعراق... وتحول بشكل قوي نحو أفريقيا ودول الشرق الأوسط".
وعززت الصين مكانتها في المنطقة في نفس العام الذي أنهى فيه الرئيس جو بايدن رسميا المهمة القتالية الأمريكية في العراق واستعادت طالبان السيطرة على أفغانستان بعد الخروج الفوضوي لقوات التحالف.
تحتفظ أمريكا بحوالي 2500 جندي في العراق، حيث كانوا جزءا لا يتجزأ من الحرب ضد تنظيم الدولة، لكنهم انتقلوا إلى دور التدريب والاستشارة.
وبينما تعتمد بكين على الشرق الأوسط في معظم وارداتها من الطاقة، تعمل الدول العربية على توسيع العلاقة، والاستفادة من التكنولوجيا الصينية وتوسيع العلاقات التجارية مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وتعززت العلاقات بين بكين وبغداد في عهد عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء العراقي السابق، الذي وصف العلاقات الصينية العراقية في عام 2019 بأنها مهيأة لـ"نقلة نوعية".
والعراق بالفعل ثالث أكبر مصدر للنفط إلى الصين، لكن المسؤولين في بغداد حرصوا على تأمين استثمارات صينية للمساعدة في تحديث البنية التحتية المتدهورة. وكانت العديد من الشركات الغربية مترددة في الاستثمار في البلاد، التي لا تزال تعاني من عدم الاستقرار السياسي ونوبات العنف المتفرقة، خارج قطاعي النفط والغاز.
وتشمل الصفقات الجديدة الموقعة بين المجموعات الصينية والعراقية، محطة الخيرات الكبيرة لتوليد الكهرباء من النفط الثقيل في محافظة كربلاء، وإعادة بناء المطار الدولي في الناصرية، وتطوير حقل المنصورية للغاز بالقرب من الحدود الإيرانية.
ووقع العراق، في كانون الأول/ ديسمبر، اتفاقية مع شركتي Power Construction Corporation و Sinotech الصينيتين لبناء 1000 مدرسة، سيتم دفع تكاليفها من خلال المنتجات النفطية.
وقال كيرك سويل، الذي ينشر نشرة باسم Inside Iraq Politics، إنه بينما كان العراق يسعى إلى زيادة العلاقات مع الصين في السنوات الأخيرة فإنه "ليس الأمر كما لو أن العراق أصبح مستعمرة اقتصادية للصين". وأضاف: "القلق بين منتقدي الاتفاقيات الصينية هو مقدار ما يتم رهنه من نفط العراق لدفع ثمن الاستثمار الصيني، وهذا سؤال لا نعرف إجابته".
وأطلق شي مبادرة الحزام والطريق في عام 2013، ولكن بعد سنوات من النمو السريع، تباطأت وتيرة الإقراض للمبادرة مؤخرا. فقد كان هناك ما مجموعه 59.5 مليار دولار في الاستثمارات المالية الصينية والتعاون التعاقدي عبر 144 دولة في مبادرة الحزام والطريق في عام 2021 – بتراجع عن 60.5 مليار دولار في عام 2020، وفقا لتقرير مركز التمويل والتنمية الأخضر.
ووصلت قيم العقود إلى 45.6 مليار دولار - ارتفاعا من 37 مليار دولار، بينما تقلصت الاستثمارات إلى 13.9 مليار دولار من 23.4 مليار دولار. ولا يزال إجمالي المشاركة في مبادرة الحزام والطريق منخفضا بنحو 48% عن مستويات ما قبل الجائحة.
ولم يتوقع باحثو جامعة فودان عودة مبادرة الحزام والطريق إلى ذروتها أواخر عام 2010، بسبب التدقيق الوثيق في الصفقات في العديد من رؤوس الأموال الأجنبية بالإضافة إلى تشديد الضوابط في بكين على الاستثمار الخارجي.
ووفقا للتقرير، فإنها لم تتلق أي مشاريع فحم جديدة تمويلا أو استثمارات في عام 2021، بينما زادت صفقات الطاقة الخضراء بشكل طفيف إلى مستوى قياسي بلغ 6.3 مليار دولار. وقال الباحثون إن هذا يعكس أيضا تفضيلا لمشاريع أصغر وأكثر استدامة.
وجاءت أحدث بيانات مبادرة الحزام والطريق وسط جدل دولي متجدد حول ما إذا كانت الصين تدفع البلدان النامية إلى ما يسمى بفخاخ الديون، والتي بموجبها يمكن لبكين مصادرة الأصول عندما تكون مدينة بأموال.
ودفع القلق بشأن الهيمنة الدولية المتزايدة للصين أمريكا والاتحاد الأوروبي خلال العام الماضي إلى محاولة مواجهة مبادرة الحزام والطريق بجهود تمويل تنمية دولية جديدة.
هل ينجح بايدن بوقف جنون النفط؟.. "البيت الأبيض محاصر"
أزمة وقود جديدة تضرب محافظات اليمن الخاضعة للحوثيين
اتفاق بين الخليج والصين من 4 بنود.. أبرزها التجارة الحرة