كشفت
حملة اليوتيوبر أبو فلّة عن فضائح جديدة للأمم
المتحدة، فبعد أن نجح أبو فلة في جمع 11 مليون دولار لإخوانه في الشمال السوري
المحرر، جمعهم بجهد أثبت مجدداً قدرة الأفراد مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي؛
على ما عجزت عنه منظمات دولية، لكنه كشف بالمقابل عن
فساد كبير وسط المنظمة
الدولية التي سارعت
للإعلان صراحة أنها ستخصص نصف المبلغ لجوانبها الإدارية، مما
عرّضها لعاصفة من الهجوم والتغريدات والهاشتاغات، فتراجعت عن قرارها.
هذه الحادثة فتحت ملف فساد كبير للمنظمة الدولية، الناخر
في عظامها، إذ إنها في كل صراع دولي تبرز وكأنها تديره وتطيل أمده ولا تسعى إلى
حلّه وتسويته، ولعل الصراع الوحيد الذي انتهى سلمياً تفاوضياً، كان حين غابت عن
وساطته، وهو مفاوضات طالبان والولايات المتحدة الأمريكية بتدخل قطري.
أما ما يجري في
سوريا اليوم من فساد سياسي فقد أزكم
الأنوف وجعل المبعوث الأممي
غير بيدرسون ذاته ينقلب على كل قرارات المنظمة الدولية
ومجلس الأمن، ويضرب بعرض الحائط أساس تفويضه في تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي،
فيدعو إلى سياسة الخطوة خطوة، ويسوّق للنظام السوري عربياً ودولياً، وهو النظام
الذي قصف المشافي التي أعطت المنظمة الدولية ذاتها إحداثياتها له وللمحتل الروسي،
بل وكافأته لاحقاً بأن جعلته عضواً في منظمتها الصحية.
ما يجري في سوريا اليوم من فساد سياسي فقد أزكم الأنوف وجعل المبعوث الأممي غير بيدرسون ذاته ينقلب على كل قرارات المنظمة الدولية ومجلس الأمن، ويضرب بعرض الحائط أساس تفويضه في تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، فيدعو إلى سياسة الخطوة خطوة، ويسوّق للنظام السوري عربياً ودولياً
لا نريد أن نعود إلى ملف فساد
الأمم المتحدة في برنامج
النفط مقابل الغذاء في العراق، وكيف كان أحد المستفيدين منه نجل كوفي عنان مستغلاً
منصبه يومها كأمين عام للأمم المتحدة. لكن التقرير التلفزيوني الذي بثته قناة
تلفزيونية سورية أخيراً كشف مدى الفساد الرهيب في توجيه الدعم الإغاثي والمالي
لمناطق النظام السوري؛ من بيوت بلاستيكية وخدمات، بينما مخيمات الشمال السوري المحرر
تئن تحت عاصفة ثلجية رهيبة. وزاد الأمر سوءا يوم أوقف المانحون الدوليون الدعم عن
18 مشفى في الشمال السوري المحرر مما يهدد بإغلاقها، ويُعرّض خمسة ملايين مقيم
ونازح لكارثة صحية وسط تفشي وباء كورونا، ناهيك عن حالة عوز وفقر رهيبة في مخيمات
الشمال.
ولا يزال المبعوث الدولي يدعو إلى التطبيع مع القاتل الذي
نفذ 330 هجوماً كيماوياً، واستدعى احتلالات متعددة ومليشيات طائفية عابرة للحدود،
وهي المنظمة التي دعت غير مرة إلى محاكمة مجرمي الحرب.
الفساد الذي نخر في المنظمة الدولية على المستوى السوري
أزكم الأنوف، فهي تتعاون مع أسماء الأسد زوجة الرئيس السوري، بينما يشرف على
برامجها في سوريا زوجه وزير الخارجية فيصل مقداد، وموظفوها في الداخل أكثرهم من
الشبيحة المقربين للنظام ومخابراته، ومبعوثوها القادمون من الخارج لا يقيمون إلاّ
في فندف الفور سيزن المملوك لسامر الفوز؛ واجهة أسماء الأسد المالية.
الفساد الذي نخر في المنظمة الدولية على المستوى السوري أزكم الأنوف، فهي تتعاون مع أسماء الأسد زوجة الرئيس السوري، بينما يشرف على برامجها في سوريا زوجه وزير الخارجية فيصل مقداد، وموظفوها في الداخل أكثرهم من الشبيحة المقربين للنظام ومخابراته
كل من يعيش في دمشق والساحل السوري يرى على مدار الساعة
مساعدات الأمم المتحدة وهي تباع على البسطات وعلى قارعة الطريق، بعد أن سطا عليها
كبار الضباط في دمشق وباعوها لوسطاء، قاموا ببيعها على البسطات في الشوارع، ومع
هذا لم تحرك الأمم المتحدة ساكناً، ولم تحقق كيف وصلت هذه المساعدات إلى الأسواق،
وواصلت سياسة التعامل مع نفس الطاقم.
وكانت صحف أمريكية نشرت تحقيقات عن الفساد الذي سببته
عمليات فارق صرف الدولار للمبالغ التي ترسلها المنظمة إلى دمشق، فتبين أن فارق صرف
الدولار إلى الليرة السورية وعلى مدى ست سنوات قد يصل إلى أكثر من مليار دولار.
هذا الفساد الرهيب الذي سارت بذكره الركبان، جعل الناس ينفضّون عن المؤسسة الفاسدة سياسياً ومالياً، فخرجت حملة أبو فلة بعد أن ظن الناس أنها ستصل الأموال إلى مستحقيها
لكن الأشد هزءاً وسخرية هو المناقصة التي عرضتها الأمم
المتحدة أخيراً لشراء هواتف آيفون في سوريا، وكأن الأخيرة بلد مصنع للهواتف، فكانت
المفاجأة أن الفارق بين سعره الحقيقي وسعر المناقصة التي رست على من سينفذ الصفقة
ألف دولار لكل جهاز. مثل هذا الأمر دفع أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من ديمقراطيين
وجمهوريين إلى أن يكتبوا أخيراً رسالة للرئيس الأمريكي جو بايدن يكشفون فيها عن
فساد بمبلغ مائة مليون دولار للنظام السوري من وراء مساعدات الأمم المتحدة التي
وصلت إلى دمشق، أما الأخيرة فكالعادة التزمت بسياستها المعهودة في هذه الحالات: لا
أرى، لا أسمع، لا أتكلم، فلم تعقب بأي كلمة عن كل ما جرى، وكأنه لا يعنيها.
هذا الفساد الرهيب الذي سارت بذكره الركبان، جعل الناس ينفضّون
عن المؤسسة الفاسدة سياسياً ومالياً، فخرجت حملة أبو فلة بعد أن ظن الناس أنها
ستصل الأموال إلى مستحقيها، فتبين أن نصفها سيرصد للمحتاجين، وبالطبع أكثر من
النصف سيذهب إلى مناطق النظام السوري ولن يبقى سوى القليل منها للمستحقين الذين
يموتون جوعاً وبرداً في المخيمات، فتداعت منظمات عدة ومنها حتى منظمات أهلية في
فلسطين الحبيبة، لجمع
تبرعات وإرسالها مباشرة إلى منظمات تركية، بعد أن فقد الجميع
ثقته بالمنظمة الدولية، وتنادت كذلك منظمات أهلية سورية محلية لنفس الغرض، لكن كل
هذا التنادي من قبل هذه الجمعيات والمنظمات عبارة عن جزر متناثرة، فلعلها تشكل
أرخبيلاً في المستقبل كبديل عن منظمة دولية لم يأت منها سوى الفساد وتقنينه
وتأطيره.