لا تخفي أوساط ودوائر صنع القرار في تل أبيب انحيازها لموقف المنظومة الغربية الرافضة للتدخل الروسي في أوكرانيا، لكنها من ناحية أخرى حريصة على عدم إثارة غضب الروس، بسبب الوضع الدائر في سوريا، مع العلم أن دولة الاحتلال ربما تكون الدولة "الغربية" الوحيدة تقريبًا التي تمكنت من الحفاظ على علاقات جيدة مع كييف وموسكو في آن واحد.
في الوقت ذاته، فإن إسرائيل لا تعترف بالاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم، ولا تعترف بالمناطق الانفصالية في لوهانسك ودونيتسك، وجرت العادة أن تصوت إسرائيل والغرب لصالح أي قرارات تندد بالاحتلال الروسي، لكن من ناحية أخرى، لم ترغب إسرائيل في المضي قدمًا في هذه المواقف المنددة، وعلى سبيل المثال، فهي لم تنضم إلى منصة القرم، وهي مبادرة أوكرانية لممارسة ضغط دولي على روسيا لتحرير شبه الجزيرة.
إيتمار إيخنر المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر في مقال كتبه من العاصمة الأوكرانية كييف، وترجمته "عربي21" أن "السبب في هذا الموقف الإسرائيلي أن لدى تل أبيب حساسيات كثيرة تجاه روسيا، وتفعل كل شيء للحفاظ على التوازن في العلاقة معها، فليس سراً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يجلس" على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، بينما تعمل إسرائيل ضد التواجد الإيراني في سوريا".
وأضاف أن "الروس يعرفون أن إسرائيل تدعم بشكل معلن وحدة أراضي أوكرانيا، لكنها ليست نشطة جدًا في هذه القضية، ولا تعلن مواقفها علانية، وبصوت عال، حتى لا تزعج الروس بشكل أساسي، لكن هذه الحساسية في الوقت ذاته تثير حفيظة الأوكرانيين، وتخيب آمالهم، رغم أنهم يفهمون أيضًا القيود المفروضة على إسرائيل، ويدركون أنها بحاجة للسير على رؤوس أصابعها في مواجهة موسكو، ومع ذلك يواصل الأوكرانيون الضغط على إسرائيل لتكون أكثر نشاطًا، لكنها لا تزال في موقفها، وتمكنت بشكل عام من التنقل بشكل جيد أمام البلدين حتى يومنا هذا".
اقرأ أيضا: واشنطن تتوقع هجوما روسيا ضد أوكرانيا منتصف الشهر المقبل
يمكن القول إن إسرائيل هي الجهة الغربية الوحيدة تقريبا التي تمكنت من الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا وأوكرانيا، وقد يكون هذا هو السبب في أن كييف طلبت من تل أبيب محاولة التوسط مع موسكو، وبالفعل عرضت وساطتها خلال القمة التي جمعت رئيس الحكومة نفتالي بينيت مع الرئيس فلاديمير بوتين في سوتشي في أكتوبر، لكن الأخير رفض العرض الإسرائيلي، حتى أن وزير الخارجية يائير لابيد أثار هذه القضية في محادثته الأخيرة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.
من الواضح أن الوساطة الإسرائيلية لا تهم روسيا حقًا، مع أنه في المجال العسكري يمتنع الاحتلال عن بيع أسلحة هجومية لأوكرانيا، بينما توجد صفقات صغيرة مثل الكاميرات وأجهزة الاتصال اللاسلكي، لكنها ليست أسلحة ذات قدرات هجومية، ولا يمكن أن تزعج الدب الروسي.
مع العلم أن هناك حوالي 20 ألف إسرائيلي يعيشون في أوكرانيا، وهناك أيضًا جالية يهودية كبيرة جدًا، وقد نشرت السفارة الإسرائيلية في كييف إعلانا دعت فيه الإسرائيليين في أوكرانيا للتسجيل على موقعها حتى يتمكنوا، إذا لزم الأمر، من ترتيب إخلاء لهم من البلاد، والعودة إلى إسرائيل، كجزء من خطة طوارئ محتملة، وتأمل السفارة ألا تضطر لتشغيلها.
كما أرسلت الوكالة اليهودية ووزارة التعليم تعميما للمبعوثين والمعلمين الإسرائيليين دعوهم فيه للاستعداد للإخلاء الفوري عند الضرورة، وقد أدى ذلك لرفع مستوى القلق قليلا بين أوساط اليهود الأوكرانيين والإسرائيليين المقيمين هناك.
قلق إسرائيلي من مناورة روسية سورية جوية مشتركة
قراءة إسرائيلية في تكثيف القصف بسوريا.. ما دور روسيا؟
صحيفة: حزب الله ينشر أنظمة دفاع جوية في سوريا