تحدثت صحيفة "هآرتس" العبرية، عن وضع الشرق الأوسط المتوقع خلال عام 2022، مرجحة أنها لن تكون هادئة أكثر من عام 2021، والأمور ستتجه نحو نزاعات محلية وليست صراعات عالمية.
وأوضحت الصحيفة في مقال نشرته للكاتب تسفي برئيل، جاء
فيه: "اليوم تنتهي بصورة رسمية تواجد القوات المقاتلة الأمريكية في العراق،
وبحسب المتحدث بلسان البنتاغون، جون كيربي: "الحديث يدور عن تغيير المهمة وليس
عن تغيير تموضع القوات"؛ وهذا يعني أن أمريكا ستواصل العمل في العراق، لكنها
لن تشارك في القتال على الأرض".
ورغم هذا الانسحاب "المنظم" خلافا لما حصل في
أفغانستان، فإن "الشرق الأوسط الآن ليس أكثر هدوءا، حيث إن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يكمل الانسحاب العسكري لبلاده، وينهي سنته الأولى في هذا المنصب، وبقيت
بؤر المواجهة والاحتكاك على حالها، وهي
ستواصل مرافقة المنطقة في السنة القادمة إلى جانب طفرات كورونا".
المقاربة تجاه إيران تتغير
وذكرت الصحيفة أنه "في عام 2022 كانت الخارطة
الاستراتيجية حتى الآن كما يبدو واضحة ومحددة جيدا، ويتوقع أن تتفكك لخارطة متجزئة
مبنية من منظومات محلية وليس تحالفات، أو كتل وجبهات، مع تدخل دولي أقل".
والصورة التي تبدو عليها المنطقة مع نهاية 2021، حرب في
اليمن، صراعات في ليبيا، مواجهات في سوريا، تفكك السودان، سيطرة طالبان في
أفغانستان، هشاشة في العراق، انهيار لبنان، مع ملاحظة "تبخر التدخل الدولي في
تلك الأماكن".
وإضافة لما سبق، "تتبدد الرؤية التقليدية التي
بحسبها النزاعات الإقليمية تغذي المنافسة الدولية وتشعل صراعات السيطرة لدول
عظمى"، بحسب الصحيفة التي قدرت أن "الشرق الأوسط آخذ في الانطواء على
نفسه، وهو يبحث عن بدائل للحصرية الأمريكية ويعد نفسه للعودة الناشطة
لإيران".
ورأت الصحيفة أن "التغيير المهم أصبح يتمثل في
المقاربة العربية لإيران؛ مثل الاتفاقيات التي وقعتها الإمارات مع طهران، والتي
تتضمن اتفاقا تجاريا مهما، ينص على أن البضائع ستمر عبر إيران إلى تركيا ومن هناك إلى
أوروبا، وهذا مسار سيقصر وقت نقل البضائع من 20 يوما عبر قناة السويس إلى أسبوع
فقط".
اقرأ أيضا: "معاريف": حماس تتحضر لمواجهة قادمة بغزة وتصعد بالضفة
وقالت: "الزيارة التاريخية لمستشار الأمن القومي، طحنون بن زايد، إلى إيران، والتقارير عن زيارة متوقعة لحاكم الإمارات محمد بن زايد لإيران، تكسر الطابو منذ 2016"، منوهة إلى أنه "تم قبل هذا، التوقيع على اتفاق بين الدولتين لتأمين الملاحة في الخليج، ومنع هجمات الحوثيين في اليمن على أهداف إماراتية، وهذه الاتصالات توضح أن الإمارات لم تعد تخشى من العقوبات الأمريكية التي تحظر التعاون الاقتصادي والعسكري مع إيران، فأبو ظبي لا تنوي التنازل عن علاقتها مع واشنطن، لكن تجميد بيع طائرات "أف-35" لم ينزلق جيدا في حلقها، وقامت بالتوقيع على اتفاق لشراء 80 طائرة فرنسية من نوع "رفال".
وأشارت الصحيفة إلى أن "السعودية أيضا، عقدت
محادثات مع شخصيات إيرانية رفيعة في العراق والأردن"، موضحة أن "إيران
تعرض هذه اللقاءات كجزء من سياستها لإعادة ترميم علاقاتها مع دول المنطقة، وهناك
لطهران والرياض مصالح مشتركة؛ تتمثل وضع سياسة لتسعير النفط وتوزيع الزبائن بينهما،
وذلك عندما ستعود إيران لإنتاج وتسويق النفط للعالم بكامل قدرتها".
ورأت الصحيفة، أن "تقدم العلاقات بين دول الخليج
وإيران، يؤدي إلى احتمال إنهاء الحرب في اليمن، وفي هذه الجبهة الولايات المتحدة
ليست شريكة فعالة، فالدعم الذي حصل عليه التحالف العربي من إدارة دونالد ترامب، لم
يعد قائما، كما أن الضغط الأمريكي والأوروبي على السعودية لإنهاء الحرب لم يؤتي
حتى الآن ثماره، والمفاوضات بين الحوثيين والسعودية تحطمت بعد فترة قصيرة على
بدايتها، ولم يبق لواشنطن أي رافعة حقيقية كي تفرض على الأقل وقف إطلاق النار، وبالأحرى
حل سياسي متفق عليه، وهنا يتضح أنه بدون اتفاق بين السعودية وإيران، حرب اليمن
ستستمر في إشغال المنطقة في السنة القادمة".
الأسد والبحث عن الشرعية
زعمت "هآرتس"، أن "الحل السياسي لحرب
سوريا لا يتعلق بتأثير أو تدخل الولايات المتحدة، وفي هذه الساحة، روسيا ستواصل
كونها صاحبة الحل والعقد على الأقل على الصعيد العسكري، وجهود موسكو لإيجاد حل
سياسي متفق عليه لم تؤد بعد إلى أي نتائج، ومشكوك أنها ستعطي نتائج في المستقبل
القريب".
ونبهت إلى أن "الخلافات بين تركيا وروسيا - رغم
المصالح المشتركة - حول مكانة الأكراد في سوريا، هي اللغم الرئيسي القابل للانفجار
والذي يجب تفكيكه"، منوهة أنه توجد أيضا خلافات بين أنقرة وموسكو في قضايا
أخرى مثل؛ الموقف مما يجري في ليبيا وأذربيجان.
وأضافت الصحيفة: "في هذه الساحة يتوقع أن تواصل
الولايات المتحدة الجلوس والمشاهدة من المدرج، لقد قامت بدورها عندما استخدمت في
2020 قانون العقوبات ضد سوريا، "قانون القيصر"، ولكن واشنطن تغض النظر
الآن، وحتى أنها تشجع مصر والأردن على نقل الغاز والكهرباء إلى لبنان عبر سوريا،
والأهم من ذلك، أن دمشق يمكن أن تعود إلى الجامعة العربية في القمة التي سيتم
عقدها في الجزائر.
وبينت أن إعادة افتتاح بعض الدول العربية لسفاراتها في
سوريا مثل؛ سلطنة عُمان والبحرين والسودان والإمارات، وعودة سوريا المتوقعة
للجامعة العربية، "يعطي بشار الأسد على الأقل شرعية إقليمية"، معتبرة أن
"سوريا هي المثال البارز على الطريقة التي تطور فيها الصراع الداخلي المدني،
ليصبح ساحة قتال ونزاع دولية، ولكن مستوى الاهتمام الدولي بهذه الحرب آخذ في
التقلص، وفي حال عاد الأسد للجامعة العربية، يتوقع للمواجهات في سوريا أن تعود
لمكانة صراع محلي، مثلما الحال في السودان واليمن".
بؤر للمواجهة
وذكرت الصحيفة، أن الاستراتيجية الأمريكية والعربية خلال
العقدين الأخيرين، بنيت حول ثلاث بؤر للمواجهة هي؛ الحرب في أفغانستان والعراق،
والحوار النووي أمام إيران، في أفغانستان، وكان التدخل كرد أمريكي بدعم دولي على
عمليات الحادي عشر من أيلول، وفي العراق، بذريعة كاذبة تتمحور حول أسلحة الدمار
الشامل ، ورئيسه صدام حسين شريك للشيخ أسامة بن لادن".
وقالت: "بعد إعدام الرئيس صدام حسين، واغتيال بن
لادن، وبعد ثماني سنوات، منحت واشنطن تدخلها العسكري في هذه الدول غطاء من
الأسباب، كي تعزز مبرر استمرار وجود القوات الأمريكية في الشرق الأوسط"،
مبينة أنه في "2014، وبعد مرور 3 سنوات على تصفية بن لادن، وفرت الحرب ضد
"تنظيم الدولة" الذريعة الأكثر أهمية للتدخل العسكري الكثيف للولايات
المتحدة وشركائها في العراق وسوريا".
وأكدت أن قتل مئات الآلاف من أبناء الشعب السوري،
"حقيقة، لم تقلق بشكل خاص الغرب، وواشنطن كانت منشغلة بالمفاوضات حول الاتفاق
النووي مع إيران، وخشيت من أن المس الشديد بالنظام السوري سيدفع طهران لتجميد
الاتصالات والتراجع عن نية التوقيع على الاتفاق".
ولفتت إلى أن "لامبالاة وابتعاد الولايات المتحدة
عن سوريا، أبقى الباب مفتوحا لدخول روسيا، التي تحولت إلى صاحبة البيت فعليا مع
تركيا"، مؤكدة أن "الجهود الأمريكية والأوروبية للخروج من الشرق الأوسط
النازف، التي بدأت في عهد ترامب وزادت بعد دخول بايدن إلى البيت الأبيض، لم تجمد
الوضع، وبانتظار استراتيجية أمريكية جديدة؛ فالعملية التي بدأت السنة الماضية،
سترافق المنطقة في السنة القادمة والتي بعدها، وهي الانفصال عن قوة الجذب القوية
لأمريكا وأوروبا، دون تبني دولة رعاية عظمى بديلة".
ورغم أن "روسيا هي في الحقيقة الراعية لسوريا، لكن
الدول العربية لا تعتبرها المغناطيس الذي يجب عليها أن تلتصق به، وهكذا الصين،
التي تستثمر مئات مليارات الدولارات لتطوير قدرتها على الوصول وزيادة نفوذها في
المنطقة كجزء من استراتيجية "الحزام والطريق" التي تتبناها، علما بأنها
حتى الآن تحذر من التدخل في الصراعات المحلية أو المشاركة في حروب المبعوثين التي
ميزت إدارة الأزمات في المنطقة".
وبحسب "هآرتس"، "خلال هذه العملية بدأت
تتفكك المفاهيم التي فسرت المنطقة حسب انتماء الكتل، المؤيدة للغرب،
"أمريكي"، والمناهضة للغرب "روسي"، ويبدو أنه من الآن ستخلي
هذه المفاهيم مكانها لتحالفات محلية صغيرة، وتحالفات مقلصة تستند لمصالح محلية،
التي ربما ستكون ناجعة أكثر في حل جزء من هذه الصراعات".
الاحتلال يطالب بالضغط على إيران في المحادثات النووية
الكنيست يقر تحويل مبلغ مالي كبير و"سري" لجيش الاحتلال
سيناريو إسرائيلي للهجوم على إيران.. كيف سيبدو اليوم التالي؟