نشرت صحيفة فايننشال تايمز تقريرا لمراسلها في الخليج، سايمون كير، قال فيه إن المنافسة تحتدم في أسواق المال في الإمارات حيث تسعى دبي إلى إحياء بورصتها المتعثرة بموجة من الطروح الأولية للاكتتاب العام.
وتخطط حكومة دبي، التي تعتبر المركز التجاري لدولة الإمارات، لخصخصة 10 شركات مدعومة من الدولة، وإدراج بعض أسهمها في بورصة دبي المحلية في محاولة لمنافسة نجاح إمارة أبوظبي المجاورة والسعودية. ويأمل المسؤولون أيضا في تجذير المزيد من الرقابة التنظيمية داخل دبي، بدلا من إبقائها على المستوى الفيدرالي.
وتأتي هذه التحركات بعد عدة سنوات باهتة بالنسبة لأسهم دبي، والتي فشلت في تكرار النجاحات غير العادية التي حققتها خلال أواسط العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وأطلقت حكومة دبي البورصة بقرض مصرفي قيمته 50 مليون درهم (14 مليون دولار) في عام 2000. وفي غضون نصف عقد، ارتفعت قيمة البورصة الناشئة إلى 120 مليار دولار، أي ثلاثة أضعاف حجم الناتج المحلي الإجمالي لدبي في ذلك الوقت.
لكن السوق المدعوم بالعقارات في المنطقة انهار لاحقا تحت وطأة الأزمة المالية العالمية 2007-2009، وظل ضعيفا منذ هبوط أسعار النفط في عام 2014. وانخفض مؤشر أسهم سوق دبي المالي - المسعر بالدرهم - بنحو الثلثين خلال 16 عاما بين أعلى مستوى له في نوفمبر 2005 ونهاية الشهر الماضي.
في المقابل، صعدمؤشر الأسهم في أبو ظبي - الذي كان سوقا أكثر هدوءا ونعاسا - ما يقرب من الخُمسين خلال نفس الإطار الزمني. وتفتخر سوق الأوراق المالية في أبو ظبي بوجود 10 أضعاف السيولة الموجودة في دبي، من حيث متوسط قيمة التداول اليومية.
اقرأ أيضا: وزير تركي يتحدث عن أهمية التعاون الاقتصادي مع الإمارات
تم تسهيل نمو سوق أبوظبي من خلال العديد من الطروح الأولية للاكتتابات البارزة. وقامت شركتها النفطية الوطنية بتأسيس وتعويم شركات تابعة، بما في ذلك ذراع الحفر، هذا العام. ودعم الاتجاه الصعودي الذي لا يمكن تفسيره في أسهم IHC، وهي شركة تابعة للعائلة الحاكمة في أبو ظبي، رسملة سوقية لبورصة العاصمة التي تبلغ أربعة أضعاف حجم بورصة دبي. في عام 2021 وحده، وتوسعت القيمة السوقية لشركة IHC بنسبة 263%.
وفي الوقت نفسه، فإن حجم سوق الأسهم السعودية البالغ 2.5 تريليون دولار تقريبا يتفوق كثيرا على منافسيها في الإمارات، وفي ظل المنافسة الشديدة في المنطقة، فقد حددت المملكة هذا الشهر خططا لإدراج أسهم بورصة تداول العام، وتتطلع إلى جمع ما يصل إلى مليار دولار. ولا تزال الخطط طويلة الأمد لدمج بورصتي دبي وأبو ظبي عالقة.
لدى دبي طريق طويل تتسلقه. فمع نمو الأسواق المحيطة، واجهت دبي مؤخرا سلسلة من عمليات شطب للشركات المرتبطة بالحكومة مثل موانئ دبي العالمية وإعمار مولز [من أسواق التداول]، وتبع ذلك منح الموافقات لمجموعة داماك العقارية المملوكة للقطاع الخاص.
لكن نبأ خطط دبي لخصخصة الشركات في محاولة لمضاعفة رسملتها السوقية إلى حوالي 820 مليار دولار لقي استحسانا. ومنذ الإعلان عن هذه الطموحات لأول مرة في أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر، فقد ارتفع مؤشر دبي بنحو العُشر، ما زاد من المعنويات التي تحسنت بالفعل بشأن اقتصادها المتعافي في أعقاب القيود التي سببها فيروس كورونا.
قال أحد مديري الصناديق: "بالنسبة لأولئك الذين يتطلعون إلى الاستثمار في عالم ما بعد الوباء، فإننا ننظر فقط إلى دبي، التي لعبت بمهارة وأصبحت الملاذ المثالي للأثرياء، وترغب في الاستثمار بأكبر قدر ممكن".
وساعدت الهجرة المتزايدة واستضافة دبي لمعرض إكسبو 2020 العالمي، الذي سينتهي في نيسان/ أبريل، على تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي. وأعلنت الحكومة، في أيلول/ سبتمبر، أنه من المتوقع أن تسجل دبي نموا اقتصاديا بنسبة 3.1% في عام 2021، يليه نمو بنسبة 3.4% في عام 2022.
وشجعت عودة الحياة للمدينة على قرار تجديد أسواق رأس المال في دبي. وقال أحد الأشخاص المطلعين على استراتيجية دبي: "من المفترض أن تعكس البورصة صحة الاقتصاد.. في الوقت الحالي، يعمل اقتصادنا بشكل جيد، لذلك فنحن نعمل على معالجة المشكلات".
وأضاف المصدر أن الخصخصة الجزئية للشركات الحكومية ستساعد بورصة دبي على عكس الاقتصاد المتنوع للمدينة بشكل أفضل. وسيعتمد الجدول الزمني الكامل للاكتتابات الأولية على قدرة السوق والتعطش لمثل هذه الإدراجات، والتي سيتم سحبها من مختلف القطاعات لتحقيق التوازن في السوق التي كانت تهيمن عليها تقليديا العقارات والخدمات المالية.
في الوقت الحالي، تمضي دبي قدما في تعويم هيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا)، وتسعى إلى تقييم محتمل بقيمة 100 مليار درهم أو أكثر، بالإضافة إلى إنشاء صندوق صناع السوق بقيمة ملياري درهم. ويقول المسؤولون إن الهدف هو ترك بعض القيمة للمستثمرين لضمان عمليات إدراج ناجحة في المستقبل وبناء ثقة الجمهور في السوق.
قال طارق فضل الله، الرئيس التنفيذي لشركة نومورا لإدارة الأصول في الشرق الأوسط: "يعتبر إدراج ديوا خطوة كبيرة إلى الأمام في حملة تشتد الحاجة إليها لإنعاش أسواق رأس المال المحلية.. سيحدد النغمة لكيفية النظر إلى المزيد من عمليات الإدراج، لا سيما من قبل المستثمرين القلقين".
وقال مصرفيون إن تيكوم، وحدة مجمعات الأعمال التابعة لدبي القابضة، المملوكة للحاكم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، من المقرر إدراجها أيضا. وأعلنت الحكومة عن خطط لخصخصة جزئية لنظام سالك، نظام تعرفة الطرق.
وقال رئيس طيران الإمارات، شركة الطيران الحكومية ذات الشهرة العالمية، في المعرض الجوي هذا الشهر في دبي، إن طيران الإمارات قد تكون ضمن قائمة الشركات المدرجة. لكن المسؤولين يشيرون إلى احتمال كون الشركات التابعة لطيران الإمارات وغيرها من شركات في قطاع الطيران أهدافا أكثر فورية للاكتتاب العام.
وتشمل هذه أعمال الشحن التابعة لشركة الطيران، والخدمات الأرضية التابعة لشركة دناتا وبرنامج الولاء الخاص بها سكاي واردز. وغالبا ما يُشار إلى السوق الحرة في مطار دبي كهدف محتمل للتعويم. وكذلك موانئ دبي العالمية، مشغل الموانئ والخدمات اللوجستية المملوك للحكومة، وهي علامة تجارية عالمية أخرى معروفة وتشمل 137 كيانا قانونيا، تمتد من محطات الحاويات إلى مجمعات الأعمال والخدمات البحرية.
وتنفذ استراتيجية أسواق المال الجديدة لجنة برئاسة نجل الشيخ مكتوم بن محمد آل مكتوم، نائب حاكم دبي ووزير المالية في الإمارات. وقال أشخاص مطلعون على هذا الأمر إن الشيخ مكتوم عازم على تعزيز "الشفافية" كجزء من مسؤوليته لإنعاش الاقتصاد المحلي.
وقال مسؤول: "إن جدية الحكومة في هذا الأمر أعادت الثقة إلى السوق".
ومع ذلك، فلا يزال بعض المستثمرين متشككين. وقال أحد مديري الصناديق، الذي قال إن السجل السيئ في التنظيم والمخاوف بشأن غسيل الأموال كان يعيق تدفقات رأس المال الأجنبي: "التحسينات التنظيمية خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن دبي ما زالت تتمتع بسمعة سلبية".
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)
صحيفة إسبانية: تقارب تركيا والإمارات يعيد تشكيل الشرق الأوسط
الإندبندنت: ماذا يعني لقاء أردوغان وابن زايد بتركيا؟
لوموند: السيسي زبون ثمين للسلاح الفرنسي بدعم إماراتي سعودي